جماعة طنجة تصادق على ميزانية 2025 بقيمة تفوق 1،16 مليار درهم    المغرب يعتبر نفسه غير معني بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري    إقليم تطوان .. حجز واتلاف أزيد من 1470 كلغ من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك خلال 4 أشهر        منتدى الصحراء للحوار والثقافات يشارك في الدورة الثانية من مناظرة الصناعات الثقافية والإبداعية    خطاب خامنئي.. مزايدات فارغة وتجاهل للواقع في مواجهة إسرائيل    التعادل ينصف مباراة المحمدية والسوالم    'دير لاين' و'بوريل' يؤكدان التزام الاتحاد الأوروبي بعلاقاته الوثيقة مع المغرب وتعزيزها انسجاما مع مبدأ 'العقد شريعة المتعاقدين'    مغاربة يحيون ذكرى "طوفان الأقصى"    أساتذة كليات الطب: تقليص مدة التكوين لا يبرر المقاطعة و الطلبة مدعوون لمراجعة موقفهم    هكذا تفاعلت الحكومة الإسبانية مع قرار محكمة العدل الأوروبية    مصدرو الخضر والفواكه جنوب المملكة يعتزمون قصْدَ سوقي روسيا وبريطانيا    قرار محكمة العدل الأوروبية: فرنسا تجدد التأكيد على تشبثها الراسخ بشراكتها الاستثنائية مع المغرب    ثلاثة مستشفيات في لبنان تعلن تعليق خدماتها جراء الغارات الإسرائيلية    إعطاء انطلاقة خدمات مصالح حيوية بالمركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني ودخول 30 مركزا صحيا حضريا وقرويا حيز الخدمة بجهة فاس مكناس    وزير خارجية إسبانيا يجدد دعم سيادة المغرب على صحرائه بعد قرار محكمة العدل الأوربية    ريدوان: رفضت التمثيل في هوليوود.. وفيلم "البطل" تجربة مليئة بالإيجابية    مسؤول فرنسي: الرئيس ماكرون يزور المغرب لتقوية دعامات العلاقات الثنائية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    امزورن.. سيارة ترسل تلميذاً إلى قسم المستعجلات    المحامون يقاطعون جلسات الجنايات وصناديق المحاكم لأسبوعين    مرصد الشمال لحقوق الإنسان يجمد أنشطته بعد رفض السلطات تمكينه من الوصولات القانونية    ابتدائية تطوان تصدر حكمها في حق مواطنة جزائرية حرضت على الهجرة    صرف معاشات ما يناهز 7000 من المتقاعدين الجدد في قطاع التربية والتعليم    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″    بوريس جونسون: اكتشفنا جهاز تنصت بحمامي بعد استخدامه من قبل نتنياهو        باريس تفتتح أشغال "قمة الفرانكفونية" بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش    فيلا رئيس الكاف السابق واستدعاء آيت منا .. مرافعات ساخنة في محاكمة الناصري    الجماهير العسكرية تطالب إدارة النادي بإنهاء الخلاف مع الحاس بنعبيد وارجاعه للفريق الأول    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    إيقاعات ناس الغيوان والشاب خالد تلهب جمهور مهرجان "الفن" في الدار البيضاء    الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    لحليمي يكشف عن حصيلة المسروقات خلال إحصاء 2024    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    ارتفاع أسعار الدواجن يجر وزير الفلاحة للمساءلة البرلمانية    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    ارتفاع طفيف في أسعار النفط في ظل ترقب تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا حماية اللغة العربية ؟- بقلم فؤاد أبو علي
نشر في التجديد يوم 24 - 03 - 2010

تحتضن رحاب المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية بالرباط يوم السبت 27 مارس 2010 المؤتمر الأول للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية . ويدفعنا عقد هذا المؤتمر الذي يعد محطة مفصلية في النقاش اللغوي والاجتماعي المغربي أن نطرح جملة من الإشكاليات التأسيسية : لم حماية اللغة العربية ؟ وهل تحتاج العربية أصلا لمن يدافع عنها ويحميها ؟ وما الذي حققته الجمعية خلال مرحلتها التأسيسية ؟
محاولة في التوصيف
في العديد من اللقاءات والندوات التي أشارك فيها يطرح علي سؤال متكرر : هل العربية ، لغة القرآن والحضارة ، واللغة المحمية بنص مقدس ، في حاجة إلى حماية ؟
إن اللبس الذي يبدو معلقا باسم الجمعية لا يمكن إزالته إلا إذا طرح التوصيف الأمثل لواقعها في المملكة من خلال التحديات التي تواجهها اجتماعيا وسياسيا . وبمقاربة بسيطة نصل إلى جملة من العناصر المعوقة لوجودها الجوهري تداوليا :
العنصر الأول فرنكفوني إقصائي يتمثل في الهيمنة الفرنكفونية على كل مجالات الإدارة والإعلام والحياة العامة مما يفترض تأسيس جبهة ممانعة ترفض التخاطب الرسمي بثقافة الآخر ، المستعمر سابقا، وتؤسس لمسار إعادة الحياة للغة التواصل الرسمية . ألم تقل إحدى مسؤولات السفارة الفرنسية بأن المغرب هو أول المدافعين عن الفرنسية ؟ مع ما يحمله ذلك من مواجهة إعلامية وثقافية لمعاقل الانتماء الوطني .
العنصر الثاني لهجي يتمثل في الدعوات التي غدت تطرحها بعض الجهات لتعويض العربية بالدارجة المغربية . حيث تصاعدت حملة دعاة توظيف العامية المغربية بكثافة في وسائل الإعلام والاتصال والترفيه وظهرت بعض العناوين تخاطب القارئ المغربي بلغته العامية أو الدارجة مستندة إلى مزاعم عديدة من أهمها تقريب الخبر من المواطن العادي، كما ظهرت عدة إذاعات في مناطق البلاد تبث بالدارجة كليا أو جزئيا مستفيدة من بعض الانفتاح الذي شهده قطاع الإعلام السمعي البصري. ونعتقد أن هذا التوجه اللهجي ليس إلا شكلا آخر من أشكال المواجهة الفرنكفونية للعربية.
العنصر الثالث تعليمي يتجلى في الوضعية التي وجدت العربية نفسها فيها داخل المدرسة المغربية والمتميزة بتهميش شبه مطلق ، مقابل الاهتمام الفائق باللغات الأجنبية باعتبارها المدخل الطبيعي لسوق الشغل في ظل غياب مجالات واقعية لتوظيف لغة الضاد المسجونة في الكتب القديمة والخطب الدينية والسياسية والأحاديث الوجدانية . وهذا يبرز الوضعية الكارثية للعربية في قطاع التعليم الذي يعاني من مشاكل بنيوية ليست الكفاءة اللغوية إلا مظهرا من مظاهره ، لأن الدولة لم تقدم المعرفة بلغتها الوطنية بل خلقت نوعا من الفصام النكد بين لغتها الرسمية واللغات المقدمة في التعليم.
هذه العناصر ، وغيرها كثير، تثبت أن العربية في حاجة إلى من يدافع عنها في وجه كل هذه المخاطر والهجمات ، ويعيد النقاش اللغوي إلى حقيقته ووضعه الطبيعي . والوضع الطبيعي هو أن العربية هي اللغة الدستورية والرسمية والتي ينبغي أن تأخذ مكانها الأساسي في الإدارة والإعلام والحياة العامة .
ثلاث سنوات من الحماية
منذ تأسيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية في 17مارس 2007 خطت لنفسها مسارا باعتبارها تعبيرا عن حاجة أكاديمية ومجتمعية ترمي إلى النهوض بواقع العربية علما وتعليما وممارسة. وقد تأسست الجمعية ، كما تعرف نفسها في أوراقها التعريفية، ليس في وجه لغات أخرى أو لمحاربة استعمالات لغوية معينة بل لإعادة الاعتبار للغة العربية وإعادة النظر في مكانتها بين اللغات الاستعمالية. فليس من المعقول ولا من المنطقي أن تظل لغة الدستور والأمة بنص القانون والمراسيم الوزارية حبيسة الكتب القديمة والخطابات الأدبية بعيدة عن الواقع العلمي والمهني للأمة. وخلال هذه الفترة التأسيسية استطاعت أن تفرض وجودها كمخاطب أهلي في قضايا العربية وتثبت لخصومها أن للعربية من يدافع عنها بشكل منظم ودون ارتباطات سياسية أو دفاع عن أجندات خارجية . ولا تدعي الجمعية أنها الوحيدة القادرة على رفع هذا التحدي الحضاري ومواجهة أتون المحرقة اللغوية ، إذ ينبغي تضافر جهود كل المؤمنين بروح الانتماء العربي والحضاري للأمة ، كيفما كانت قناعاتهم الإيديولوجية والفكرية . فإيمانا من الجمعية أن الأخطار التي تواجهها العربية لا تنحصر في التداول العادي بل ترتبط في جزء كبير منها بهوية الأمة ووجودها قامت بجملة من المبادرات تتمثل في :
* مراسلة الجهات الرسمية ومطالبتها باحترام الخصوصية اللغوية للمغاربة .
* تنظيم أنشطة إشعاعية واستضافة أعلام الثقافة والفكر المغربيين
* رفع دعاوى قضائية ضد الإدارات التي تتمادى في تجاهل اللغة الوطنية
* تأطير الحركة الاحتجاجية ضد التهميش الذي تعانيه العربية
* المساهمة الفاعلة في البحث الأكاديمي حول العربية وقضاياها العلمية واللسانية .
قد يبدو للمتابع عرضا أن هذه مجرد أحلام ما دام القرار السياسي لم يستوعب بعد خطورة الوضع اللغوي ، حيث اللغات الأجنبية هي أداة التعامل الرسمية في الإدارة والإعلام والتعليم ، والمسألة ليست مقتصرة على خيار لغوي فرضته ظروف وسياقات استعمارية تاريخية وتعليمية، بل هناك إرادة معلنة لدعم اللغات الأجنبية، وجعلها لغة الحياة اليومية والتواصل في كل المؤسسات، بل وشرطا من شروط تقلد المناصب العليا، ووهما من أوهام التنمية واللحاق بالركب حتى أصبحت العربية غريبة أو كالغريبة رغم دستوريتها المعلنة ! لكن الأيام أثبتت أن انخراط المجتمع المدني ممثلا في هيئاته ومؤسساته وجمعياته في مسار الدفاع عن العربية هو الكفيل بإعادتها إلى وضعها كلغة علم وإدارة وتقنية . وما وجود الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية إلا بداية مسار طويل من التعبئة والتوجيه والتوضيح ارتأت أن يعم كل مكونات الشعب المغربي وجهاته وفروعه. فهنيئا للوطن بجمعية تدافع عن لغة هويته ووجوده الحضاري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.