الجرأة التي تحدث بها عبد الله الطايع صاحب رواية حزن عربي والذي يفتخر بشذوذه بخصوص وضع الشواذ في المغرب بمناسبة الحوار الذي أجرته معه أسبوعية مغربية ناطقة باللغة الفرنسية بخصوص علاقة الشذوذ الجنسي بالسيدا، تحتاج إلى وقفة خاصة، نناقش فيها من جهة جملة من الأفكار التي نعتبرها دالة، ومن جهة أخرى نقف على أبعاد خطيرة تحملها أفكار أخرى، فضلا عن النقاش المعرفي بخصوص علاقة الشذوذ الجنسي بالسيدا. إذ كان المفروض أولا أن يتم التوقف عند علاقة الشذوذ الجنسي بالسيدا، وأن يتم التوقف على تزايد نسبة المصابين بالسيدا من الشواذ الجنسيين، وهو ما حرص الطايع على تجنب الخوض فيه، في حين أكدت دراسات متخصصة وكذا الإحصائيات التي تعلن عنها المؤسسات الصحية أن فيروس السيدا ينتعش في أوساط الشواذ جنسيا، لكن يبدو أنه لا يريد أن يقف عند هذه الحقيقة الصادمة، وينتهج سياسة الهروب إلى ألأمام من خلال تحميل مسؤولية فشل التدخل في محابة السيدا للنزعة المحافظة للمجتمع...!! لكن ما يثير في هذا الحوار، والذي ينبغي أن نقرأه قراءة متأنية، هو إشارته للتحول الذي حدث على مستوى الأجيال بخصوص اعتماد الواقي الذكري كأداة من أدوات الحماية من السيدا، إذ سجل بهذا الخصوص تخلي الجيل الجديد (جيل القرن الواحد والعشرين بحسبه) عن ثقافة الواقي الذكري، ليقول داعية الإباحية الجديدة وصلنا إلى درجة الرغبة في الموت وهو معطى جد مهم ، إذ يكشف فشل المقاربات العلمانية التي راهنت على الواقي الذكري وهمشت مقاربة العفة التي يقدمها الدين لمواجهة داء السيدا. ويبقى أخطر ما في هذا الحوار، هو لغته التحريضية التي تدفع الشواذ في المغرب، والجمعيات والشخصيات المدافعة عنه إلى خوض معركة مع المجتمع من أجل الإقرار بمشروعيته ورفع صفة التجريم القانوني والثقافي عنه، إذ طالب بالحديث وإعادة الحديث في الموضوع وتحمل المسؤولية الكاملة، وخوض معارك حقيقية مع المجتمع من أجل الإقرار بأن الجنس لا يمكن تصوره فقط ضمن إطار الزواج، وهو عين الإباحية الجديدة التي تنطلق من السيدا لتدعو إلى التحرر الجنسي الشامل والمطلق دون أي أي قواعد أو ضوابط ولو حتى الحد الأدنى الذي يتداول في الغرب من قبيل الوفاء للشريك الجنسي. هذه الجرأة، وهذا التحريض على التمرد على ثوابت المجتمع القيمية التي تترجمها المقتضيات القانونية المجرمة للشذوذ، ومحاولة استفزاز ناشطين في المجتمع المدني من أجل تحمل مسؤولياتهم للدفاع عن حق الشواذ في الممارسة الجنسية الشاذة أو الإباحية، لا ينبغي أن يمر بدون بحث خلفيات هذه اللغة التي صيغت بطريقة متشنجة مشوبة بكثير من الانفعال، لاسيما بعد الإعلان الصريح للسلطات الرسمية عن عزمها نهج سياسة صارمة لمواجهة كل ما يتهدد الأمن الروحي والأخلاقي للمغاربة. إذ المؤكد، أن اللهجة التي تحدث بها داعية الإباحية الجديدة، والتي استهدفت فعالية الشواذ في المغرب وعدم قدرتهم على التحرك (غير موجودين، لا يؤخذون بعين الاعتبار..، لا نراهم..)، واستهدفت أيضا شخصيات وجمعيات في المجتمع المدني، تؤشر على حالة الإحباط التي يعيشها من جراء انسداد أفق المناورات الإعلامية والحقوقية التي راهنوا عليها لخلق نقاش عمومي يمهد لإنهاء التجريم القانوني للشذوذ الجنسي وكذا إنهاء تجريم ما يسمى بالعلاقات الجنسية الاتفاقية خارج مؤسسة الزواج. وقد تفسر مستقبل بروز حركة خارجية للضغط على المغرب، بعد هذا الفشل المحلي.