أكدت دراسة حديثة أن البنايات العتيقة تأوي حوالي 5 ملايين ساكن وتعاني من النقص في المرافق، كالمدارس والمستوصفات والحدائق والإدارات وغيرها من المرافق العمومية، إذ تم التعامل معها بنوع من التهميش في إطار برامج التنمية الحضرية، وذلك على الرغم من انتمائها إلى المدار الحضري. ويمثل القاطنون في الأنسجة العتيقة، مالكون أو مكترون على حد السواء، الفئة الأكثر فقرا في المغرب. فهي عاجزة عن مواجهة عمليات الترميم أو الصيانة. وتعتبر أغلب البنايات بالأنسجة العتيقة غير مسجلة ومحفظة، الشيء الذي يعيق بشكل ملحوظ تدخل المؤسسات المالية ويحد من المعاملات العقارية. وهما شرطان في عمليات الترميم. وأشارت الدارسة المنجزة من لدن وزارة الإسكان والتعمير، أن 60 % من البنايات في الأنسجة العتيقة المحصية توجد في حالة سيئة، و15 % منها مهددة بالانهيار، فضلا على أنها تنقصها التجهيزات، وتحتوي على كثافة عالية من السكان، وتتحمل بنياتها أكثر من طاقتها. ونتيجة لذلك، تتسم الساكنة التي تشغل الأنسجة العتيقة بالفقر المدقع على الصعيد الوطني، بينما الأنشطة الموجودة بها تتسم بالتقليدية وغير القانونية وفوائدها تستثمر خارج هذه الأنسجة، وتعد الأنسجة العتيقة مكونا مهما من مكونات الهوية، ويشكل عدد الأنسجة العتيقة في المغرب 10 في المائة من الرصيد العقاري، وتحتوي على الآلاف من الوحدات الإنتاجية، وغالبا ما كانت موضوعا لعمليات لإعادة الاعتبار لبنياتها التحتية وعمليات ترميم البنايات الأثرية ولعمليات استعجالية لإنقاذ البنايات الآيلة للانهيار وغير ذلك، إلا أنها نادرا ما تستفيد من برنامج شامل ومندمج لعمليات إعادة الاعتبار للوحدات السكنية التي تشكل أغلب هذه الأنسجة. والأنسجة العتيقة، عبارة عن مدن ومراكز قروية تاريخية وقصبات وقصور أو أنسجة أخرى تعود إلى فترة الحماية الفرنسية والإسبانية مثل مراكز المدن والأحياء السكنية المستلهمة هندستها المعمارية من المدن العتيقة، وأنشئت وتطورت على أسس منظمة وتدبير حضري عريق وفعال. وتحتوي الأنسجة العتيقة، المتمثلة في أكثر من ثلاثين مدينة وعشرات القصور والقصبات وعشرات المدن المشيدة في عهد الحماية وقرى تاريخية، على حوالي 250 ألف بناية. وفي حالة عدم الإقدام على عمليات كبرى لإعادة الاعتبار لها فسوف تعوض ببنايات جديدة، بدافع تغطية العجز الحاصل في قطاع السكن واستجابة للاحتياج المتزايد. ويبقى الموضوع المحوري لهذه الاستراتيجية هو التكفل بالأنسجة العتيقة بهدف تنميتها تنمية مندمجة مستدامة. وأبرزت الدراسة أن الأسباب الرئيسية لتدهور الأنسجة العتيقة تعزى إلى التراجع والبطء المتراكمين في سياسة احتواء هذه الأنسجة، خصوصا فيما يتعلق بالمساكن الموجودة في داخلها. إن هذا التكفل يقتضي اعتماد إجراءات تحفيزية على الصعيد الاجتماعي والمالي والقانوني، بالإضافة إلى ضرورة وضع أجهزة قانونية وتنظيمية مؤسساتية، من شأنها تأطير ومصاحبة هذا التكفل الذي ظل غائبا إلى حد الآن. وفيما يرتبط بالأسباب المادية، من بين الأسباب المادية التي أدت إلى التدهور الحاصل في هذه الأنسجة التقصير في الترميم والمحافظة وجودة التجهيزات وقنوات الصرف الصحي وكذا الإفراط في الاستعمال، واستعمال المواد الكميائية المنظفة والتخلص منها فيما عدا قنوات الصرف الصحي. وتمثل الممتلكات المحبسة المكترية ما يناهز 20 % من العقار في المدن العتيقة. وأبانت الدراسة أن الطور الأول من التدهور يرجع إلى الإهمال وقلة الصيانة، إذ إن أغلبية الأنسجة تجاوزت هذا الطور الأول من التدهور، في حين يعتبر الطور الثاني من التدهور يرجع إلى الاستغلال المفرط والتحمل أكثر من اللازم وسوء الترميم الذي يتسبب في التهديد بانهيار البنايات القديمة. ويرجع الطور الثالث من التدهور إلى المضاربة التي تتسبب في تخريب أو هدم البنايات القديمة وتعوضها بعمارات غير ملائمة.