الديمقراطية الغربية: من الاستيعاب إلى التلاؤم في موقع سابق من الكتاب سبقت الإشارة إلى حركية المصطلحات، ومن ثم حركية المفاهيم التي تحملها كلما انتقلنا من سياق ثقافي وحضاري إلى سياق ثقافي وحضاري، هو ما تشهد عليه علوم اللغة المعاصرة، واستدللنا على هذا المعنى بما تفيده بعض العلوم الإنسانية المعاصرة، ومنها علم النفس التكويني من خلال مفهوم التكيف الذي تمت استعارته من حقل البيولوجيا لتوظيفه في حقل علم نفس النمو، ثم في حقل فلسفة العلوم المعاصرة وما يعرف بالإبستومولوجيا. وأشرنا إلى أن التكيف هو حصيلة عمليتين اثنتين هما الاستيعاب، الذي يعني فعلا من الذات تجاه الموضوع، فعل تفكيك وتحليل وهضم ينتهي إلى تحويل أهم العناصر المفيدة في الموضوع إلى جزء لا يتجزأ من الذات، ثم التلاؤم الذي يعني تلك التغيرات اللازمة التي تحدث في الذات نفسها جراء عملية الاستيعاب، وذلك يعني أن كل عملية استيعاب تفرض تلاؤما، وبالتالي تنتج عملية تكيف هي التي تفسر النمو والتطور في جميع الظواهر. وإذا حاولنا توظيف المعطيات المنوه إليها سابقا في مجال العلاقة مع الديموقراطية يتبين أن تلك العلاقة وجب أن تكون علاقة تكيف، أي عملية استيعاب وتلاؤم، مما يقتضي أولا فهما لمقاصدها وآلياتها، وثانيا جهدا يتم بموجبه استنباتها على أرضيتنا الثقافية والحضارية، وثالثا بعد الفهم والاستنبات إسهاما نوعيا يضيف إلى ما راكمته الإنسانية في مجال الفكر والممارسة الديمقراطيين إبداعا جديدا ، وبذلك يتحقق فعليا مفهوم الكونية،، فالكونية ليست تقليدا بليدا كما يدعو إلى ذلك البعض من بني جلدتنا الذين يرونها أخذا لمكتسبات التجربة الغربية بعجرها وبجرها وغثها وسمينها، وإنما هي إبداع يحدد نصيب إسهامنا في حركية المعرفة والحضارة الإنسانية. وعليه فإنه إذا كان الأخذ بمقاصد الديمقراطية والحداثة أمرا مفروغا منه، بل لا مفر منه، لأنه سيفرض نفسه على الجميع، تقدميين أو محافظين، بفعل قوانين التطور التاريخي، ولو مانعنا في الانخراط الواعي فيها، فإن الأمر ينبغي أن يتجاوز مجرد الأخذ والالتقاط المفروضين بسبب تلك القوانين ليتحول إلى تعامل نقدي إبداعي خلاق يغني التجربة الديمقراطية الإنسانية ويغذيها بأبعاد جديدة لم تكن موجودة فيها أصلا. لقد سبقت الإشارة إلى ما قرره مالك بن نبي في منهج التعامل مع الديمقرطية، حيث أكد أنه ينبغي تجاوز التعارض الذي يثيره التقابل بين الإسلام ومفهوم الديمقراطية حينما نرجع إلى مدلولها القاموسي البسيط وضرورة إرجاع المسألة إلى ثلاثة عناصر تتمثل في كون الديمقراطية هي شعور نحو الأنا وشعور نحو الآخر ومجموعة من الشروط المناسبة لتنمية الشعور المذكور وتسمح بوجوده في أي بيئة. انطلاقا من ذلك يصبح السؤال على الشكل التالي: هل الإسلام يتضمن ويتكفل هذه الشروط الذاتية والموضوعية، أي هل يكون نحو (الأنا) ونحو (الآخرين) الشعور الذي يطابق الروح الديمقراطي كما بينا، وهل يخلق الظروف الاجتماعية المناسبة لتنمية هذا الشعور؟ وهل يخفف الإسلام حقيقة من كمية وحدة الدوافع السلبية، والنزعات المنافية للشعور الديمقراطي، التي تطبع سلوك العبد وسلوك المستعبد بتعبير مالك بن نبي؟ الجواب بالإيجاب كما تبين، فالنزوع الديمقراطي نزوع أصيل في الإسلام، إذ هو منغرس في النسيج العقدي والأخلاقي والتشريعي للإسلام، وبذلك فإن الإسلام يضع الشروط الإنسانية لقيام ديموقراطية حقيقية حينما يضع الأسس التي تضمن تحرير الإنسان من القابلية للعبودية والاستعباد. والأكثر من ذلك إن استقراء العلوم الإسلامية يبين أن إحدى القواعد الرئيسية للفكر الديمقراطي أصيلة في تلك العلوم ونقصد هنا القاعدة الشرعية المبنية على الإجماع أو ما يقارب الإجماع، وإن كان دونه في الدرجة، أي مبدأ الأغلبية، فهذا المبدأ تشهد عليه مئات الأدلة من العلوم الإسلامية كما أثبت ذلك الدكتور أحمد الريسوني في كتابه : نظرية التقريب والتغليب وتطبيقاتها في العلوم الإسلامية. ولئن كانت الديمقراطية الغربية تبدو اليوم نموذجا متقدما، فليس ذلك إلا نتيجة لواقع التخلف الذي صار إليه المسلمون، ليس التخلف الاجتماعي والاقتصادي والسياسي فحسب، بل التخلف عن الارتقاء إلى مستوى ما جاء به الإسلام من قيم. واليوم لا يزال العالم الإسلامي مرشحا لتقديم نموذج ديموقراطي إنساني، إذ إن النموذج الغربي رغم إنجازاته بالنسبة للغربيين دون غيرهم ليس مرشحا لكي يتحول إلى نموذج كوني، فالديموقراطية الغربية لم تكن ممكنة إلا بتحقيق نقيضها كما سنبين، كما أنها لم تكن ممكنة إلا نتيجة تراكمات في التطور التاريخي أدت إلى حدوث انقلابات دموية، بينما هي ناتجة في التصور الإسلامي عما يوليه الإسلام للإنسان من تكريم ذاتي، إن الاعتراف بحق الإنسان في تقرير مصيره والتأكيد على سيادة الأمة وحكم الشعب في الغرب، فلم يكن تأكيدا بريئا أو تعبيرا عن قيمة إنسانية بقدر ما فرضته ضرورات التطور التاريخي والحضاري، وذلك هو جوهر الاختلاف بين الديموقراطية في الإسلام، التي نعتبرها ديموقراطية إنسانية حضارية، وبين الديموقراطية الغربية التي نعتبرها ديموقراطية انقلابية كما سيبين في السطور التالية. في أصول الديموقراطية الانقلابية إن النواة الأولى للديموقراطية الغربية يمكن أن نجدها في المدينة اليونانية القديمة، ومن أجل الوقوف عند التشكل الأول لتلك النواة، لا بد من الرجوع إلى التكوين الاجتماعي لتلك المدينة والتحولات التي حدثت فيها من أجل الإقرار في نهاية المطاف بسيادة الأمة أو حق الشعب في الحكم. لقد كان التقسيم الطبقي في المجتمع اليوناني يجعل من المجتمع فئتين أو طبقتين: فئة النبلاء ثم فئة الوضعاء. وقد كان ذلك التقسيم يجد جذوره هو الآخر داخل نظام الأسرة. فقد كان الابن الأكبر دون سواه هو الذي يخلف والده، وكان أبناؤه وإخوته يدعونه جميعا الأب، ولم تكن المدينة في عصرها الأول سوى اتحاد أسر هو الذي كان يناقش المصالح العامة للمدينة ويبت فيها. فقد كون أتباع الابن الأكبر من أبنائه وإخوته وخدمه طبقة دنيا أضيفت إلى طبقة السوقة، وهم الأهالي الذين غلبوا على أمرهم، زيادة على المنبوذين من الأسر. ولم تكن لتلك الطبقة بمكوناتها المختلفة (أتباع الابن الأكبر، وخدمه، والسوقة، والمنبوذين) حقوق دينية ولا سياسية، كما لم يكن لهم الحق في اتخاذ إله معبود ولا قانون ولا عدالة ولا حقوق سياسية، ومن ثم لم يكونوا متمتعين بحق المواطنة (1) لم تكن نشأة الديموقراطية تعني سوى الاعتراف بحقوق أولئك، غير أن الاعتراف لم ينطلق من اعتبارات إنسانية أو من أزمة ضمير حركتها مشاعر الإنصاف والعدالة، بقدر ما كنت المصلحة هي الدافع الأساس إليه. فقد كانت الحرب مستمرة لا تكاد تتوقف بين المدن في بلاد الإغريق وإيطاليا، وكانت الخدمة العسكرية قد أصبحت ثقيلة على أبناء طبقة النبلاء الذين أنهكتهم الحرب، بحيث صارت تلك الطبقة ملزمة بمنح حق المواطنة لجمهور العامة: ولما ارتفع العامة إلى مرتبة المقاتلين وأصبحت سلامة الوطن في أيديهم شعروا بحاجة المدينة إليهم، وبذلك ابتدأت الديموقراطية الأثينية وكان هذا هو أصلها. فالديموقراطية الأثينية التي هي أم الديموقراطيات الحديثة لم تخلق لأن الطبقة الحاكمة قد رغبت في نشر العدالة وحبا في الشعب وضرورة مشاركته في الحكم، ولكن لأنها احتاجت إليهم وأصبحت لا تستطيع الحياة بدونهم، وانتهت أخيرا إلى أن مشاركتهم في الحكم أمر ضروري لبقاء المدينة وإمكان استمرارها في الحياة. وبذلك كانت الحاجة هي أم الديموقراطية لا العدالة المجردة ولا فكر المساواة في الحقوق والواجبات2 وقد ظلت الطبقية بالرغم من ذلك التحول في أبشع صورها، أي الطبقية العبودية، ملازمة للمجتمع، بل لم يكن ينظر إلى العبيد على أنهم بشر، وإنما كانوا يعتبرون مجرد أدوات. وكانت طبقة العبيد هي التي تتولى الأعمال اليدوية، حيث أصبع العمل اليدوي عند اليونان محتقرا، وانفصل تبعا لذلك عند مفكريهم وأكبر فلاسفتهم، الفكر عن العمل. وأما المواطنون الأحرار فقد كان لهم الوقت الكافي كي ينصرفوا إلى التأمل والتفكير والانشغال بالألعاب الرياضية والفن والسياسة. وهكذا فقد بلغ عدد العبيد في أثينا قبل حرب البيليبونيز 125 ألفا، منهم حوالي 65 ألفا يعملون في المنازل و50 ألفا في الصناعة و10 آلاف في المناجم كانوا يعاملون معاملة فظيعة(3) وهكذا ارتبطت الديموقراطية في نشأتها الأولى بالنظام الطبقي العبودي وأدت إلى مضاعفة ثروات المواطنين الأحرار وتحسن مستوى عيشهم، وضمنت حقوقهم السياسية على حساب طبقة العبيد وعلى حساب مجتمعات أخرى: فقد كان التوسع والاستغلال الاستعماريان يوفران للمجتمع الأثيني أعدادا جديدة متزايدة من العبيد. وقد ترجم بعض كبار الفلاسفة اليونان في نظرياتهم الفلسفية وفي نماذجها المثالية ومدنهم الفاضلة ذلك التقسيم الطبقي، ونظروا إلى النزعات التحررية من نظام العبودية مقدمة للإفلاس الشامل.(4) الديموقراطية الليبرالية الحديثة تستند الديموقراطية الليبرالية الحديثة على قاعدة أساسية ألا وهي مفهوم الحرية. إن الفكرة الأساسية التي تقوم عليها الديموقراطية الليبرالية تكمن في التأكيد على حرية الإنسان، أي في رفض القول بخضوعه لأية قوة عليا في الأرض، وألا يقع تحت إرادة أي إنسان أو سلطة تشريعية، وألا يكون لديه سوى قانون واحد يعمل به، ألا وهو قانون الطبيعة(5) ولكن ما دلالة عدم خضوع الإنسان لأي سلطة أو قانون خارجيين عن إرادة الإنسان، اللهم ما كان من قانون وسلطات الطبيعة؟ وأي إنسان يسعى ذلك التصور إلى تحقيق حريته؟ إن دلالة مفهوم الحرية ذاك هي الدلالة التي تحددت مع فلسفة الأنوار، وهي فلسفة مادية أنكرت وجود الإله ورفضت قيم الدين كرد فعل على فساد الكنيسة، وانتهت بذلك إلى تأليه الإنسان، أي رفض خضوغه لأي قوة غيبية خارجية عنه. إن الحرية تعني في ذلك المنظور أن الإنسان سيد نفسه ومالك لها، ومن ثم فله الحق المطلق في أن يتصرف فيها كما يشاء. ولا نحتاج إلى أن نبين أن ذلك الأساس الفلسفي للديموقراطية الغربية غير ملزم لنا نحن المسلمين كما سنبين لاحقا لأن ديننا يعلمنا أن الإنسان ملك لله سبحانه وتعالى، وهو تبعا لذلك مستخلف في الأرض ومستخلف أيضا في نفسه وجسده بما يعنيه ذلك من ترشيد تصرفه في ما استخلف فيه. أما الإنسان الذي كانت تتحدث عنه فلسفة الأنوار، والذي جاءت الديموقراطية الليبرالية من أجل تحقيق حريته، سواء في المجال الفلسفي أو في المجال الاقتصادي أو في المجال السياسي، فهو إنسان الطبقة، أي الطبقة البورجوازية الصاعدة. ومن تحول مفهوم سيادة الشعب إلى سيادة طبقة متمكنة هي الطبقة البورجوازية التي أصبحت تمتلك المال والإعلام، ومن ثم فإن الحرية كقاعدة للديموقراطية العربية قد تحولت إلى حرية موهومة دون نفي بعض الامتيازات التي استفاد منها عموم المجتمع وعموما فقد انتهت الديموقراطية الليبرالية إلى تقييد حرية الغالبية: حرية التملك تحولت إلى تقييد للملكية واحتكارها لصالح حفنة من الرأسماليين، حرية العمل تحولت إلى متاجرة بشعة بقوة العمل تحت تهديد شبح البطالة، وحرية المنافسة التي طالما اعتز بها النطام الرأسمالي تحولت إلى احتكار منظم لصالح الاحتكارات الجبارة، وحرية الاقتراع أفرغت من مضموها تحت وطأة جبروت الدعاية والإعلام والصحف ذات السطوة والسيطرة الفائقة على العقل البشري، والتي أصبحت تمتلك القرة على تغيير اتجاهات الرأي العام وفقا للمصلحة الكلية للنظام الرأسمالي(6) أما على المستوى الخارجي، أي مستوى علاقة الغرب بغيره من الشعوب ، فإنه يكشف أيضا زيف ادعاء كونية النموذج الديموقراطي الغربي، فالإنسان المقصود على هذا المستوى هو الإنسان الغربي حينما يرفع شعار الديموقراطية وما يرتبط بها من شعارات أخرى كحقوق الإنسان. فالديموقراطية تتحول كما تمت الإشارة إلى نقيضها حينما تخرج من عقر دارها الأصلية إلى ديار أخرى خارج الحدود. وفي كلا المستويين، أي المستوى الداخلي والمستوى الخارجي، فإن الديموقراطية قد جاءت نتيجة انقلابات اجتماعية وتوترات وتطورات فرضتها ضرورات التطور الاقتصادي والاجتماعي ، وما كان للديموقراطية تبعا لذلك أن تستقر لولا ممارسة العنف الدموي ضد الخصوم الطبقيين أو الخصوم التاريخيين في الخارج الذين يهددون مصالح الغرب. فالديموقراطية لم تستقر إلا بعد حقبة ثورية امتدت لقرن ونصف قرن على الأقل مارست فيها الثورة العنف وقمعت فيها الحريات والحقوق التي تميزها حاليا.7 وما كان لها أن تحقق ذلك الاستقرار لولا تأمين الاستقرار الاقتصادي وقيام مجتمع الرفاه، وهو الرفاه الذي تحقق على حساب شعوب العالم الثالث وتدمير حضارات بكاملها. إنه نتيجة لنهب ثلاث قارات ونقلها إلى أوروبا وأمريكا الشمالية، ونتيجة لإبادة الهنود الحمر واختطاف 100 مليون إفريقي لم يصل منها إلى أمريكا سوى عشرة ملايين. ويصف رجاء غارودي تلك المأساة التاريخية الكبرى قائلا: بل إننا لا نستطيع أن نقارنها بالمذابح التي أتاحت لجينكيز خان بناء أهرام من بضعة آلاف من الجماجم البشرية، إن عمله عمل صانع يدوي إذا قسناه بالجريمة التاريخية الأعظم التي اقترفها الغرب، ويقول: إنني أذكر كيف شعرت فجأة بعار الإنسان الأبيض وكأنه حمل ثقيل مذل على كتفي، عندما زرت في جزيرة كورة بمقابل دكار الحجيرات التي كان الأسرى يكدسون فيها قبل الإقلاع، ولا تزال آثار الدهان الأسود مرسومة على الجدار وهي تشير حتى الآن إلى المكان الذي كان النخاسون يحددونه لكل إنسان في ذلك الجحيم.(8) وفضلا عن هذه الخلفية التاريخية، وهذا الوجه الآخر للديموقراطية الليبرالية ومفاهيمها المركزية، خاصة مفهومي الحرية والإنسان، تكشف الممارسة الحالية للديموقراطية عن تراجع تلك التصورات المؤسسة للديموقراطية الليبرالية، فالتصور الذي كانت تحمله الليبرالية الكلاسيكية حول الإنسان الديموقراطي الذي يتميز بصفات العقلانية والمسؤولية السياسية والحرية والقدرة على المبادرة، أي ذلك التصور الذي كان يجعل الديموقراطية حكما ومشاركة للشعب قد أفسح المجال لتصور آخر تبلوره النظرية الديموقراطية المعاصرة في العناصر التالية: إن السمة الأساسية للديموقراطية وهذا ما دلت عليه الممارسة في الغرب ليست مشاركة الشعب ودوره في صنع القرار كما تقول النظرية الكلاسيكية، بل المنافسة بين مجموعات مختلفة حول أصوات الشعب، إنها منافسة حول قيادته. إن الميزة الأساسية للطبقات الشعبية ذات المكانة الاجتماعية الاقتصادية المنخفضة هي أولا عدم الاهتمام بالسياسة والنشاط السياسي، وثانيا الميول غير الديموقراطية الواسعة بين هذه الطبقات على عكس ما قالت به النظرية الكلاسيكية. إن المشاركة السياسية العالية غير مرغوب فيها في رأي النظرية المعاصرة، فهذا النوع من المشاركة أدى إلى ظهور الأنظمة الكليانية، ومن هنا تضع هذه النظرية توكيدها على الأقليات التي تتشكل من القادة، إن السلطة تصبح سلطة أقليات (9) وهكذا يبدو أن الديموقراطية الليبرالية، سواء على مستوى الممارسة أو التنظير، ليست نموذجا كونيا، بل إنها سرعان ما تتنكر لمبادئها إذا أدت تلك المبادئ إلى تهديد مصالح الطبقة البورجوازية داخليا أو مصالح الغرب خارجيا. هوامش: 1 صلاح عبد الحميد، التطبيق الديموقراطي في الوطن العربي، مجلة الوحدة، السنة الأولى، ,1985 العدد 12 بتصرف. 2 نفسه 3 جون لويس، مدخل إلى الفلسفة ص 20 4 نفسه ص 23 5 صفوت حاكم، أفكار حول الحرية والديموقراطية، مجلة الوحدة السنة 1 العدد 12 6 نفسه 7 انظر مقال الديموقراطية بين المثال والواقع، نديم البيطار، المرجع السابق. 8 روجي غارودي، حوار الحضارات، ترجمة الدكتور عادل العوا، ,1978 ص 54 ,55 منشورات عكيدات، بيروت. 9 نديم البيطار، مجلة الوحدة عدد ,1985 ,12 الديموقراطية بين المثال والواقع.