أمام المدخل الرئيسي المؤدي إلى مشروع السلام 1 والسلام 2 بمقاطعة سيدي مومن بالدار البيضاء، كان العشرات من التلاميذ والنساء والرجال يتكدسون تباعا وسط عربات الكارو، التي أضحت وسيلة نقلهم المعتمدة، بعد أن تهرب المسؤولون عن هذا المشروع السكني المخصص لإعادة إيواء ساكنة دوار طوما ودوار السكويلة، الذي كان قد أعطى الملك محمد السادس انطلاقته سنة .2007 من الوفاء بالتزام تحقيق أحد المطالب الأساسية لشروط السكن بهذا الفضاء المترامي الخالي من كل المرافق بفعل تعثر جل المشاريع الاجتماعية المواكبة، إذ في غياب وسائل النقل صارت العربات المجرورة، مركبهم في رحلة يومية محفوفة بالمخاطر. بنقطة محطة الحافلات بحي أناسي تنطلق الرحلة المضنية، حيث الازدحام الشديد بين العربات المختلفة الأحجام، وحيث الإصرار على التقدم في طريق مترامية إلى حي السلام، في قمة هضبة نسي أن يضع لها المخزن شرطي ما بعد منتصف الليل إذ تنعدم الإنارة، لتنظيم حملة المرور والعبور في حي جديد تصالح فيه الكارو مع واقع حضري استعصى أن ينعم به ساكنة رحلوا من تجمع عشوائي حديثا. ( أزيد من 2700 أسرة، تمت إعادة إيواءهم في إطار المشروع السكني السلام 1و2). أصوات العربات تصم الآذان، وأصوات الصهيل المختلط بصياح سائقي العربات بلاك، بلاك..، وأغاني شبابية تنبعث من مسجلات مثبتة خلف الكارو، ترتفع شيئا فشيئا في منعرجات الطريق المؤدية إلى حي السلام,2 وحيث تكابد بعض الدواب التي تجر العربات صعود الهضبة والسياط تنزل على ظهورها، تجد أخرى تعدو مسرعة تسير على غير هدى غير عابئة بمشقة الطريق ولا توقفها مخاطره، الفرق يشير أحد سائقي الكارو في مناولتها مادة القرقوبي المخدرة، من خلال إذابتها في ماء شرب هذه الدواب، ويغلب الظن عند معظم سائقي العربات أن ذلك كفيل بتنشيطها، حتى لا يصيبها العياء في طريق تظل طول النهار وإلى منتصف الليل تقطعها ذهابا وإيابا. ففي قمة الهضبة على بعد كيلومترين من نهاية الطريق، قاعدة السلامة هناك، لا يمكن أن تكون إلا في إعطاء حق الأسبقية ل الكارو..، يشير ساكنة حي السلام، حتى يبقى الراجلون وأصحاب السيارات والدراجات العابرة من هناك، في منأى عن الحوادث التي تتكرر يوميا جراء انقلاب العربات براكبيها. وفي الوقت الذي أقسمت فاطمة التي أصيبت بكسر في يدها اليمنى أن لا تركب الكارو مرة أخرى، يلجأ محمد الذي تماثل للشفاء من جرح جراء سقوطه أرضا بعد انقلاب كارو كان يركبه وهو عائد من رحلة تسوق مضطرارا إليه، وهو يؤكد ل التجديد بأن ليس أمامه خيار آخر، فهو يجد نفسه مجبرا على الاستنجاد بأصحاب الكارووات في غياب أسواق للخضر والفواكه، مما يضطر معه قطع مسافات طويلة للتسوق، وحتى يؤمن ايضا متابعة أبنائه لدراستهم كما هو حال العديد من التلاميذ الذين يتابعون دراستهم بأحياء أناسي وطوما، فيقطعوا مسافة كيلومترين يوميا راجلين. وبالرغم مما ارتبط بها من حوادث إلا أن اللجوء لهاته الوسيلة لم يتقلص، لقد كانت العربات في البداية قلة معدودة.. ومع توالي الأيام تطورت الشبكة لتصبح أكثر عددا (أزيد من 20 كارو)، بعد أن وجد العشرات من الشباب ضالتهم في استعمال الكارو للاسترزاق وكسب قوتهم اليومي، وذلك بالنظر إلى الوظيفة التي تؤديها لسكان هذا الحي المعزول الذي لا تلجه وسائل النقل، بالإضافة لمساهمتها في امتصاص البطالة في أوساط الشباب. لكن ذلك لم يكن يمنع سائقي الكارو من كسب الأجر والثواب من بعض النسوة وحملهن لأمتار قليلة مقابل الله يرحم الوالدين.بينما أصبح جل السكان لا يستغنون عن خدمات الكارو التي لا يتعدى ثمنها درهمين فقط، للتخلص من إكراه ابتزاز أصحاب الطاكسيات وخطي الحافلات رقم ,75 و169 الوحيدين بالمنطقة، الذين يوفرون خدماتهم لنقل الساكنة في رحلات الذهاب من حي السلام، بينما يمتنعون عن نقلهم في رحلات العودة، ويتفاقم المشكل عند حلول الظلام، بحجة انعدام الأمن بالمنطقة والخشية من التعرض لقطاع الطرق من اللصوص.. بينما يؤكد أباء وأولياء تلاميذ المنطقة، أن هذا الوضع جعل الكثير من الأساتذة المعينين للتدريس بمدارس مشروع السلام، يمتنعون عن الالتحاق بأقسامهم. التي لا زالت تداعياتها قائمة لحد الآن على التلاميذ القاطنين بالمنطقة، بالرغم من مرور أكثر من شهر على انطلاق الدراسة رسميا. وقد كان ذلك مثارا لاحتجاجات متوالية لآباء وأولياء التلاميذ، لكن من دون أن يحل المشكل. وكان رئيس مقاطعة سيدي مومن، أكد في تصريح سابق ل التجديد أن شركة نقل المدينة وفرت الحافلة رقم ,167 مشيرا إلى أن السائقين يشتكون من فراغ هذا الخط من الركاب، لعدم التحاق كل السكان بمساكنهم الجديدة، وهو ما يتناقض مع المعطيات الرقمية لمؤسسة العمران حول عدد السكان الملتحقين بمشروع السلام.2 فيما اعتبر السكان أن المشكل القائم يكمن في عدم تنوع خطوط الحافلات، مشيرين أن الحافلة رقم 167 لها وجهة وحيدة تربط بين المشروع وعين حرودة فقط. وهو ما لا يستجيب لساكنة ترتبط مصالح غالبيتها بالأحياء الصناعية بعين السبع وحي مولاي رشيد.. وسيدي مومن، والحي المحمدي.. وإلى ذلك تعيش ساكنة مشروع السلام 2 بسيدي مومن، على وقع معاناة يومية بسبب عدم توفر المنطقة على وسائل النقل، إذ تمثل العربات المجرورة الوسيلة الوحيدة القارة للتنقل بالمشروع السكني، بعدما تأكد بعد مرور حوالي سنتين على انتقال السكان إلى مساكنهم الجديدة، عجز المتدخلين والقائمين على المشروع عن تدبير استكمال البنية التحتية اللازمة وتدبير المرافق الاجتماعية المطلوبة. ومن ذلك توفير وسائل النقل لأزيد من 3468 أسرة (حسب معطيات مؤسسة العمران راعية مشروع السلام 2)، يضطرون إلى قطع مسافة 3 كليومترات للوصول إلى محطة الحافلات بحي أناسي، وأكثر من 1650 تلميذا وتلميذة (حسب معطيات التشخيص سسوسيواقتصادي، التي أشرف عليه قسم المصاحبة الاجتماعية بسيدي مومن)، يقطعون مسافة 5 كيلومترات للوصول إلى إعدادية عبد الواحد العلوي وعبد الله كنون، وثانوية خديجة أم المؤمنين..