ان المضمون الدعوي والإعلامي لبرنامج صناع الحياة يعد إضافة نوعية تسجل لصاحبه، وقد أوردنا في الحلقة الأولى من هذه الورقة النقدية أهم المؤشرات على ذلك. غير أن هدفنا من هده المقالة هو نقد هذه التجربة الغنية مساهمة في تقويتها وتبصيرها. ولبلوغ هذا الهدف سوف نتوجه بالنقد بالخصوص إلى جانبين أساسيين في هذه لتجربة، الجانب النظري حيث سنناقش أهم المفاهيم والأفكار والتصورات التي يرتكز عليها مشروع صناع لحياة والجانب الثاني، المتعلق بالمنهج والمقاربة المعتمدين في التنزيل على أرض الواقع، وبعد أن عالجت الحلقةالثانية الجانب النظري ستعالج الحلقة الثالثة موضوع الجانب القانوني. المنتدى المغربي لصناع الحياة غير أنه، بالنسبة للمغرب، نجد أن المسالة القانونية قد طرحت في النقاشات بين صانعي الحياة في الموقع الالكتروني: المنتدى المغربي لصناع الحياة، ولكن ليس فيما يتعلق بالعلاقة القانونية بالمركز الموجه والمرتبط مباشرة بعمرو خالد، ولكن على مستوى فتح نوادي صناع الحياة في المدن المغربية . ويظهر هذا النقاش، الذي سنعرضه فيما بعد، أنه من الناحية القانونية لا علاقة لنوادي صناع الحياة المنتشرة في جل المدن المغربية ب صناع الحياة الذي يتزعمه الأستاذ عمرو خالد. وكذلك الأمر بالنسبة لكل نوادي صناع الحياة في باقي البلاد، بمعنى أننا لسنا أمام فروع قانونية. فما هي إذن الوضعية القانونية لنوادي صناع الحياة المنتشرة في البلدان العربية والإسلامية وغيرها؟ التجربة المغربية لنوادي صناع الحياة أظهرت، كما هو واضح في النقاشات التي سنورد مقتطفات منها، أن صانعي الحياة سلكوا مسلكين اثنين: الأول هو تأسيس جمعيات تحمل اسم نادي صناع الحياة غير أن هذا المسلك عرف عراقيل من طرف السلطات الوصية، ولم أجد في بحثي سوى حالة واحدة. والمسلك الثاني هو تأسيس نوادي تحمل نفس الاسم، ولكن داخل جمعيات قائمة وهذا هو الوضع الغالب، كما جاء في موقع المنتدى المغربي لصناع الحياة وعنوانه www.lifemakers.ma . في صفحة: ملتقى الجمعيات المنخرطة في صناعة الحياة : كما أن نوادي صناع الحياة بمختلف مدن المملكة تحتضنها مجموعة من الجمعيات. إضافة إلى كون أن مجموعة أخرى من الجمعيات انخرطت في بعض مشاريع برنامج صناع الحياة دون إنشاء نادي بحد ذاته ونجد في نفس الصفحة: كما أنه إن شاء الله في هذا الموضوع، ممكن نقترح على صناع الحياة الذين لم يجدوا بعد إطارا قانونيا للعمل تحت سقفه، مجموعة من المنظمات الممكن طرق بابها للعمل تحت لوائها. ونجد مثل هذه الإعلانات: هل منكم من يعرف جمعية يمكن لصناع الحياة بمدينة العمل معها؟ فعددهم ما يزال قليلا وجزاكم الله خيرا. ويجدر بنا الآن طرح هذا السؤال: وما هي المشكلة من الناحية القانونية في تأسيس نادي يحمل اسم صناع الحياة داخل جمعية قانونية قائمة؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد من الوقوف على العلاقة بين أي ناد من نوادي صناع الحياة و صناع الحياة لعمرو خالد.ونجد هذه العلاقة في عدة مستويات: على مستوى الاسم: حيث إن الجميع يعمل تحت اسم صناع لحياة الذي اختاره عمرو خالد لبرنامجه التلفزيوني ومشروعه المجتمعي. على مستوى الأهداف: جميع هذه النوادي لها نفس أهداف مشروع صناع الحياة لعمرو خالد . على مستوى المخطط العام والبرامج والأنشطة: جميع هذه النوادي تسير بنفس المخطط الذي أعلنه عمرو خالد وتعمل بنفس المراحل وتقوم بنفس الحملات وتنفذ نفس الأنشطة تقريبا، بل إن مجمل الحصيلة التي يعلنها عمرو خالد كمنجزات في إطار مشروعه هي تجميع لحصيلة تلك النوادي. على مستوى الإعلام: تحرص جميع النوادي على إيراد ثلاث عناصر بشكل ثابت في إعلاناتها: اسم عمرو خالد، اسم برنامج: صناع الحياة ورمزه، قناة اقرأ. على مستوى التوجيه: لا تكاد تخلو أية حلقة من الحلقات الخاصة ببرنامج صناع الحياة، التي تبثها قناة اقرأ من توجيهات مباشرة لنوادي صناع الحياة، بل أن عمرو خالد في إحدى رسائله الموجهة إلى مجموعات ونوادي صناع الحياة يضع مطالب دقيقة مثل : ثانيا: أن تشاهدوا أنتم يا صناع الحياة الحلقة القادمة سويا قدر الإمكان وتعقدوا بعدها اجتماعا لوضع التفاصيل الدقيقة لكيفية تجهيز مشروع الحلقة القادمة الخاص بالمشروعات والصناعات الصغيرة، والذي سيوضح في الحلقة القادمة إن شاء الله دوركم فيه بالضبط، بل و حرص أن تسير جميع النوادي في العالم على نفس الإيقاع، إذ يقول في رسالة أخرى: فالتزموا بما نحن مقبلون عليه ولا ينفع أبدا أن نكون في المرحلة الثالثة التي تحتاج جهدكم يا شباب صناع الحياة وبعضكم ما زال في المرحلة الأولى، عندها لن تحدث نهضة لأنكم أنتم الآن بفضل الله عصب هذا المشروع والعمود الفقري له ...المطلوب أن تنفذوا بدقة وبقوة وبإتقان كل ما سيتم عرضه في هذه الحلقات أما إذا أصررتم أن تبقوا في مشروعات المرحلة الأولى والثانية وتتركوا المرحلة الثالثة، لأنها ستكون أكثر صعوبة فقد اخترتم الطريق السهل وابتعدتم عن الطريق الأصلي المرسوم خطواته لصناع الحياة ولمشروع النهضة ...لذلك أرجو منكم المتابعة الدقيقة لكل خطوة من خطوات المرحلة الثالثة، إن سر نجاحنا حتى الآن أننا كنا ندخل يدا واحدة وفكر واحدا وجهدا واحدا لمشروع واحد. انتهى . لسنا هنا بصدد الاستدلال على طبيعة العلاقة بين نوادي صناع الحياة وعمرو خالد، لأن هذا واضح في أدبيات هذا الأخير، وفي الأدبيات المنشورة عبر وسائل الاتصال المعتمدة على مستوى المركز وعلى مستوى النوادي المحلية. ولا يستطيع حد نفي كونها علاقة توجيه. ولكن نريد أن نبين أن مجموعات ونوادي صناع الحياة من الناحية العملية هي جمعيات مستقلة تحتضنها جمعيات قائمة أو تعمل تحت لوائها أو في إطارها إلى غير ذلك من المصطلحات التي يستعملها صناع الحياة المغاربة وليست نواد تابعة لتلك الجمعيات كأية لجنة من اللجان أو ناد من النوادي. النوادي بين التوحيه المركزي والاستقلال إن هذه النوادي، عمليا، تتحرك باستقلالية عن الجمعيات الحاضنة لها وأنها عبارة عن تنظيم وطني يتحرك عبر النوادي المحلية من داخل جمعيات قائمة. ونجد في المنتدى المغربي لصناع لحياة، وموقع عمرو خالد بالنسبة للنوادي الأخرى، ما يؤكد هذا الطرح من خلال الإعلانات التالية: الإعلان الأول: إلى كل الأعضاء..إعلان هام ودعوة أهم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نظرا لحرصنا على صناعة الحياة معا .. وذاك شعارنا. فقد رأت إدارة المنتدى تأسيس لجنة المنسقين بين نوادي صناع الحياة بالمغرب، من أعضاء المنتدى من كل مدينة، فتدخل جميع المدن في إدارة المنتدى المغربي، لأنه مغربي .. الإعلان الثاني: إلى كل نوادي صناع الحياة بالمغرب، نحتاج إلى منسقين ليتم الاتصال بينها عبر الانترنيت بطريقة أفضل وأكثر تنظيما، لذا نطلب منكم إخوتي في الله أن تختاروا منسقي مدنكم في أقرب وقت.. فاختاروا.. من بينكم من يمثل نادي صناع الحياة بمدينتكم ... واعتمدوا الشورى بينكم .. ولا يتقدم أحدكم إلا بعد أن يتفق عليه النادي بالأغلبية المطلقة .أما المدن الكبرى فلكل عمالة اختاروا منسقا - إن شئتم ذلك . انتهى وهكذا و باعتماد أسلوب المنسقين بين النوادي على مستوى المدينة الواحدة وعلى المستوى الوطني، يكون مفهوم النادي العامل تحت لواء أو في إطار جمعية كذا وكذا مناقضا لمفهوم النادي كأسلوب تنظيمي داخلي معتاد ومعتمد من طرف الجمعيات ويفقد معناه القانوني والتنظيمي ليصبح تخريجا قانونيا لتنظيم وطني. وبالفعل فالعمل جار على تأسيس المنتدى الوطني لصناع الحياة بالمغرب. وهناك أرضية تنظيمية لذلك تتجلى في: لجنة المنسقين بين نوادي صناع الحياة بالمغرب، والتي تتكون من رئيس وهي،الآن، المنسقة الوطنية ومن منسق واحد من كل مدينة يرشح من طرف كل صناع مدينته. غير أن هذه التاسيسات لا تتم في الغالب إلا في الانترنيت وبعيدا عن قانون تأسيس الجمعيات وهذا هو جوهر المشكل. ولمزيد من التوضيح وإزالة الالتباس في الموضوع نقول بأن الجمعيات القانونية القائمة نفسها لا تستطيع قانونيا تبني مشروع صناع الحياة لعمرو خالد إلا بعد تكييف قوانينها الأساسية لتستوعب العلاقة التوجيهية مع: صناع الحياة لعمرو خالد حسب ما ينص عليه القانون المنظم للجمعيات الأجنبية (الجزء الخامس) أو ما يسمح بتبني برامج وتوجيهات أجنبية، بحيث تسمح لها هذه القوانين بربط العلاقات مع تلك الجهات الأجنبية بالشكل الذي تعمل به نوادي صناع الحياة كما أوضحناه سابقا.إن الهدف من هذا النقاش هو إثارة انتباه الشباب المغربي بالخصوص إلى هذا الجانب الحيوي للإسراع بتسويته، لأنه الضمان الأول للاستمرار. إننا أمام تجربة شبابية تعاني من فقر واضح في الثقافة السياسية والقانونية وستكون عواقب هذا الفقر في الوعي السياسي والقانوني على الشباب المتحمس للنهضة وخيمة إذا لم تتدارك في أقرب وقت. وسنعود في الحلقات المقبلة ،بحول الله، إلى مناقشة: صناع الحياة للداعية عمرو خالد في جوانب أخرى لا تقل أهمية عن الجانب التنظيمي والقانوني مثل الجانب السياسي والأمني والاديولوجي وغيرها من الجوانب. حسن بويخف