إن قضية التحرش الجنسي من الظواهر التي يعرفها المجتمع المغربي في الشارع ومجال العمل والأسرة، لكن خطورة انتشار التحرش بالجامعة تكمن في الدور الريادي الذي من المفروض أن تلعبه الجامعة باعتبارها منارة للعلم والمعرفة ونشر القيم البانية من جهة، ولأن الأمر يتعلق بشريحة هامة من المجتمع، وهي التي تسمى النخبة، وأقصد بذلك هيئة التدريس في الجامعات، فالأستاذ الجامعي المفترض أنه رمز سمو الأخلاق ومثل أعلى في السلوك، مع ضرورة عدم السقوط في التعميم. وفي رأيي أن انتشار أو وجود هذه الظاهرة بالجامعة ما هو إلا انعكاس للوضع الذي آل إليه الوضع التعليمي ببلادنا عموما والتعليم الجامعي خصوصا، وهذا ما تؤكده الدراسة الصادمة التي نشرتها وزارة التعليم العالي مؤخرا حول البحث العلمي في الجامعات المغربية؛ حين أعلنت انخفاضه بنسبة الثلث، وأن 55 في المائة من أساتذة الجامعات لم يقوموا بأي دراسة أو بحث طيلة قيامهم بمهمة التدريس. لذا وجب التنبيه إلى ضرورة الإسراع في دراسة الظاهرة وإيجاد الحلول المناسبة لها، لذا أرى أن من شأن صياغة ميثاق لأخلاقيات الجامعة يهدف إلى الشفافية وحماية الحرم الجامعي وصونه من جميع مظاهر العنف، وإلى ضبط علاقة الأستاذ بالطالب إضافة إلى جعل الأخلاقيات والآداب الجامعية حجر الزاوية لصون القيم الأخلاقية وتعزيز النزاهة المهنية أن يحد من الظاهرة، كما أن الجامعة مطالبة بالتعامل بجدية مع الشكاوي المرفوعة لها من قبل الطالبات وتأديب الأساتذة المتورطين؛ مع الإشارة إلى صعوبة الإثبات في هذا المجال.