تحتاج مدينة تامسنا إلى أزيد من عشر سنوات أخرى حتى تصير ملاذا آمنا للسكن هكذا قالت فاطمة بهلول، أحد مؤسسي جمعية تامسنا أولا وواحدة من عشرات المستفيذين من شقق في المشروع، أثناء جولة قصيرة برفقة أعضاء من الجمعية في المشروع السكني تامسنا. عبرت السيارة مسافة كيلومترين ونصفا في شارع ليس فيه ما يوحي بالأمان، وينعدم فيه الكهرباء... كيف يصل السكان الذين اضطروا للاستقرار في هذه المنطقة الشهر الجاري والوصول إلى بيوتهم بعد الساعة السابعة، وماذا عن التلاميذ الذين يدرسون بمدارس سيدي يحيى؟ أسئلة تتزاحم في رؤوس زوار مدينة أريد لها أن تكون نموذجية . حياة البدو بمجرد وصولنا إلى شقق مجموعة الضحى، استقبلنا محمد يحمل سطل من الماء، بوجه متجهم يلعن اليوم الذي فكر فيه في امتلاك شقة، قائلا: كنا نطمح أن نمتلك بيتا، ونرتاح من مصاريف الكراء، إلا أن صدمتنا كانت قوية مع هذا الواقع المزري الذي نعيشه.أردف محمد وكأنه وجد متنفسا لإخراج بركان من الغضب، اضطررت للسكن بالشقة التي تسلمتها منذ أيام قليلة هروبا من أقساط الكراء التي أثقلت كاهله، فراتبي لا يتعدى 3000 درهم، أقدم ألفا وثلاث مائة درهم مستحقات البنك، وكنت أؤدي ألف درهم للكراء طيلة المدة التي تأخرت الشركة في الوفاء بوعدها معنا، فاضطررت للسكن بالرغم من الحياة البدائية التي صرت أعيشها اليوم، حيث لا ماء الذي هو رمز للحياة، ولا كهرباء الذي عوضناه بالشموع، ولا وسائل نقل... الحياة هنا مستحيلة... تركنا محمد لألمه، ليكمل برنامجه لهذا اليوم بـنقل الماء، وعرجنا إلى عمارة أخرى، لنلتقي بـحسن معلم بالابتدائي وزوجته، أتى ليطل على شقته التي غيرت بدون مبرر، يقول حسن عندما أمضيت العقد مع مجموعة الضحى، اخترت شقة بواجهتين على الشارع إلا أنني تفاجأت بأن الشقة التي سلموني داخلية. تدخلت الزوجة لتؤكد أن الشقة غير كاملة وأن أنبوب تسخين الماء يبدو قديما وبه صدأ، كانت تتحدث بعصبية، فالشقة تحتاج إلى إصلاحات كثيرة، ومن المستحيل الاستقرار بها هذه الفترة، إلى أن نتدبر بعض المال لعمل ذلك، إضافة إلى أن المرافق العمومية غير مكتملة، ولا نستطيع التضحية بمستقبل أبنائنا...ابراهيم، موظف أجره لا يتعدى ألفين وست مائة درهم، يؤدي للبنك ألفا ومائة وخمسين درهما، وكان يكتري بيتا بقيمة ألف درهم، ليتبقى له 450 درهم مصروفا يوميا للبيت، ومصاريف صغيره الذي لا يتعدى السنة، ومصاريف مرضه المزمن السكري، مما اضطره للاستقرار في الشقة التي استلمها شهر يونيو، وبما أنه يعمل بمدينة الصخيرات فيضطر إلى قطع مسافة معينة كل يوم إلى سيدي يحيى لامتطاء سيارة الأجرة الكبيرة، لتنضاف إلى المصاريف اليومية، وليعود بسرعة في المساء لنقل الماء من الصهريج إلى بيته، لحياة يقول عنها إنها مزرية. مشكلة محمد وحسن واحدة من مشاكل العشرات من العائلات ممن اختارت التعامل مع الشركة لامتلاك بيت والهروب من واجب مستحقات البيت الذي يكترونه كل شهر، لتصطدم بواقع مزري، جعلت بعضهم يلجأ إلى القضاء، والبعض الآخر سلك طريق المراسلات والشكايات، آخرها شكاية موقعة من قبل 35 أسرة-توصلت التجديد بنسخة منها، تم إرسالها إلى المكتب الوطني للماء والكهرباء، ونسخة منها إلى شركة الضحى تطالب فيها بتوفير الماء والكهرباء لمن اضطر للسكن بالرغم من الصعوبات اليومية التي تلقاهم. التشوير أولا بحق، يبدو من تصميم المشروع، أن المدينة ستكون جميلة فعلا، إلا أن عدم الالتزام بالوقت، وعدم الوفاء بالوعود صار السمة الغالبة في تعامل المسؤولين ببلادنا، ما معنى أن توضع علامات التشوير، وأسماء الشوارع، قبل إتمام بناء الشقق والفيلات، يقول الحسين الحياني، أحد ساكنة المنطقة مستقبلا، ورئيس جمعية تامسنا أولا، أن ذلك يعني أن المسؤولين على المشروع يريدون إيهام المارين من المنطقة بأن كل شيئ بخير، وأن المدينة جاهزة كما وعدوا بذلك، الملك محمد السادس، وبعده المواطنين الذين اقتنوا الشقق والفيلات بالمشروع. وأضاف الحياني، الذي بدا متذمرا -في تصريح لـالتجديد-من الأسلوب الذي تنهجه الجهات المسؤولة عن المشروع، والمتعلق أساسا بـالصمت المريب الذي تمارسه الشركات المسوقة في تامسنا، أمام عناد شركة جينيرال كونتراكتور في توقيف مشروعها لأكثر من سنة، وشركة الضحى التي أخلفت وعدها مع زبنائها، وجعلت البعض ممن تسلم المفاتيح يعيشون حياة البدو. وأمام هذه الحياة التي وصفها كل من التقتهم التجديد بالمشروع السكني بحياة القهر والذل قررت الجمعية بكل أعضائها الذين يزدادون كل يوم رفع وتيرة المعركة، واللجوء إلى القضاء لترميم الأضرار المادية والنفسية.من جانبها، شددت فاطمة بهلول، أحد مؤسسي جمعية تامسنا أولا، على أن كل الذين اختاروا اقتناء شقق تامسنا أصيبوا بخيبة أمل، مضيفة في تصريح لـالتجديد أنه من الصعب على الموظف العادي أن يؤدي مستحقات البنك، ومستحقات الكراء، ومصاريف المعيشة في آن واحد، مما جعل البعض يلجأ إلى السكن فيما أسمتها بـالجزيرة، التي تنعدم فيها أبسط متطلبات الحياة، ولو احتاج المرء إلى عود ثقاب سيضطر إلى قطع مسافة نصف كيلومتر لدكاكين سيدي يحيى لشرائه.وأضافت بهلول أن مجموعة الضحى، وبالظروف التي أوضحناها سابقا، وبعد مرور أكثر من سنة، سلمت فقط 200 شقة، استطاعت خمسون عائلة الاستقرار بالشقق المسلمة بالرغم من أنها تحتاج إلى الإصلاحات بسبب قلة ذات اليد، في حين لجأ البعض الآخر إلى بيت العائلة للاستقرار إلى حين.. ويبقى السؤال الكبير الذي يطرحه جل المستفيدين من المشروع السكني تامسنا، لماذا هذا التهاون واللامبالاة في مشروع باركه الملك محمد السادس، وأعلن أنه سيكون جنة وملاذا جميلا لهم، ومن سيسائل الجهات المسؤولة؟