إن من أهم الوسائل الناجعة، ولعلها الأنجع، في تعبئة الرأي العام الوطني لصالح الوطن بإنجاح الاستحقاقات الأخيرة، من خلال مشاركة واسعة، وفاعلة ضد أي عملية إفسادية من طرف أصحاب النفوذ الفاسدين؛ هذه الوسيلة هي وسيلة التحريك للوجدان الديني عند المواطنين، ليتحصنوا به ضد الأهواء والرغبات التي يتسلل منها إليهم سماسرة تجار الذمم الرخيصة.. بل ويتصبروا به ضد الفقر والحاجة التي قد تضطر الكثيرين منهم إلى الاستسلام أمام الدراهم الدنسة التي يعرضها عليهم نخاسوا سوق الأصوات الانتخابية.. إن الدين كان وما زال وسيبقى هو القوة الأولى في تحريك الناس باتجاه مصلحتهم العامة، بشرط أن نتعاطى معه بنية صادقة وسرائر نقية.. ومن القواعد الأساسية التي يقوم عليها البناء الديني هي: ((الشبهات تُدفع بالعلم، والشهوات تُدفع بالتقوى والورع)). ولهذا وجب على أهل الشأن الديني بالمغرب وفي مقدمتهم وزارة الأوقاف والمجالس العلمية والرابطة المحمدية، أن يبذلوا وسعهم الذي أوجبه عليهم منصبهم الديني، وأن يواكبوا هذه الانتخابات بما تستحق من جهد وعناية، يوما بيوم وساعة بساعة.. فيقومون بتحريض المواطنين إلى المشاركة وترغيبهم فيها.. وتعليمهم مسالك الحلال من مسالك الحرام في الحملات الانتخابية وأهمية التصويت كشهادة حق لله ثم للوطن والمواطنين.. وأن التصويت للقرابة أو للمصلحة الشخصية أو ما كان على هذه الشاكلة، رغم معرفتنا بفساد المرشح الذي نعطيه صوتنا؛ هذا النوع من التصويت يعتبر شهادة زور، وهي من أخطر الكبائر على دين العبد، كما ذهب إلى ذلك كل من أفتى في الموضوع من أهل العلم ولا نعلم لهم مخالف.. فعلى المؤسسات الدينية كلها أن تتعبأ وتُعبئ كل الوسائل المتاحة لها وهي كثيرة ـ والحمد لله ـ وأهمها المساجد ووسائل الإعلام المرئي والمسموع.. وعليها أن تنخرط بقوة في توجيه الناس وترشيدهم إلى مصالحهم الدينية والدنيوية المنوطة بهذه الاستحقاقات.. وأن تمدهم بعلم يطرد عنهم الشبهات المقعدة عن المشاركة، ويحصنهم ضدها كي لا تعود إليهم.. ويذكروهم بمواعظ تقوي فيهم التقوى والورع حتى لا ينحرف المشاركون مع أهوائهم وشهواتهم يوم التصويت.. وحبذا لو صاحب الحملات الدينية التوعوية والوعظية، برامج عملية تعبدية أساسها التوجه إلى الله في صلواتنا الجامعة والفردية، بدعاء موحد نتوجه به إلى الله ليحفظ لنا بلدنا، ويحفظ لنا الرهانات الأساسية كالانتخابات، من الفساد والمفسدين والمتورطين معهم.. وترغب الناس في أن يكثروا في خلواتهم الليلية والنهارية التوجه إلى الله بالدعاء المعلوم.. وطبعا فالمؤسسات الدينية عندنا أعلم وأحكم وأدرى من غيرها بخدمة الاستحقاقات بعيدا عن أي اصطفاف مع أو خلف أي متنافس من المرشحين، أحزابا كانوا أو أفرادا.. وانحيازها سيكون للوطن ومصلحته ضد الفساد وأعوانه. {ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}.