يخلد العالم العربي يوم الجمعة الأول من شهر أبريل كل سنة مناسبة اليوم العربي لليتيم، لنتذكر جميعا أن الحياة قد تفاجئنا بمفاجآت لا تدخل ضمن حساباتنا، ولا تكون جزءا من مخططاتنا، نعيشها ونحن نتصور بأنها مفتوحة في وجوهنا على الدوام وأنها لن تدير ظهرها لنا وتكشف عن وجهها المأساوي. ومثال على ذلك أسرة طبيعية كبقية الأسرالساكنة في زوايا هذا الوطن الكبير، كان يناضل وليها ويكافح من أجل توفير لقمة العيش الكريم لأبنائه، لكن يد الموت أخذته على حين غرة لتجد زوجته بعد أن كان معيلها الوحيد نفسها تتحمل مسؤولية استكمال رسالته وتحقيق حلمه في رعاية طفليهما خير رعاية، فقد تقلبت في عدة مهن بسيطة، تارة تبيع الحلوى وتارة أخرى تبيع المناديل الورقية لتجني دريهمات تحفظ لها ماء وجهها وتصون كرامة ابنيها، لكن المرض كان لها بالمرصاد إذ أنها سقطت طريحة الفراش لتكتشف أن مرضا عضالا هو السل قد ألم بها ونخر جسدها الضعيف لتنتهي ميتة على سرير بارد في المستشفى وتلحق بزوجها بعد سنتين من الفراق، وتترك طفلين في عمر المراهقة، وحيدين في هذه الحياة. لكن يدا بيضاء تحركت لتمسح دمعة اليتم من على خد هذه الفتاة وأخيها لتتعهد سيدة انشرح قلبها لهذين الطفلين برعايتهما والتكفل بكل ما يحتاجان إليه كما لو كان والداهما على قيد الحياة. وإلى جانب هذين الطفلين هناك أيتام وأيتام، فمن لهم يمسح دمعتهم ويخفف وطأتهم، هذا ما حاولنا الوقوف عنده، وهذه التفاصيل: اسم على مسمى صعوبة الوصول إلى بيتها الغابر في حي الملاح بالمدينة القديمة بالرباط يوحي منذ البداية بوضعيتها، أزقة ضيقة ومباني قديمة، وتجمعات أسرية في سكن واحد، تدل على أن المقصودة لم تعرف إليها شعارات التنمية البشرية طريقا، إنها فاطمة الزهراء اليتيم، شاءت الأقدار أن ينطبق اسمها على حالها إنها يتيمة الأب منذ كان عمرها ثلاث سنوات، وفقدت أمها أيضا لتنضاف إليها صفة اللطيم كما يدل على ذلك القاموس العربي الذي يعرف من مات أبوه وأمه باللطيم. فتاة في الواحد والعشرين من عمرها نالت جائزة التفوق الدراسي سنة ,2006 لكن يتمها وضعف حالتها الاجتماعية سيحتمان عليها وقف أحلام استكمال الدراسة الجامعية بعد الحصول على شهادة التخرج من المعهد المتخصص في التكنلوجيا التطبيقية. استقبلت فاطمة الزهراء اليتيم التجديد ببيتها المتواضع (جدا) بابتسامة عريضة قانعة بواقعها وهي يتيمة الأبوين لا يؤنس وحدتها سوى أخ لها يصغرها بسنتين، وإطلالات بعض المحسنين الذين يزورونها بين الفينة والأخرى. علامات الاجتهاد بادية على محياها كما على غرفتها الصغيرة المرتبة بعناية فائقة رغم بساطة أثاثها. إنها علامة الرضى بالقليل.ورغم الأمواج العاتية التي تميز بحر حياة فاطمة الزهراء اليتيم، ما تزال هذه الفتاة ذات الأصول الفيلالية صامدة عفيفة، إنها لم تتخذ الفقر ذريعة لولوج عالم بيع الشرف وعرض الأسرة والمجتمع. حتى نكبر يا ربي تخلي جمعية العون والإغاثة حتى نكبر ونجي نعاونهم هذا التصريح الطفولي البريئ نقلته إحدى الفضائية في ربورتاج مصور خاصا بحفل خيري نظمته جمعية العون والإغاثة بطنجة لطفل ذاق حلاوة العمل الجمعوي وهو يتلقى كسوة العيد كما يتلقى الحقيبة المدرسية وإعانة عيد الأضحى من جمعية اختارت العمل على تنمية اليتيم في بيئته الأصلية كما يقول مسؤولها نور الدين بنصبيح في تصريحات سابقة لـ التجديد. نهج جمعية العون والإغاثة تسير عليه أيضا الجمعية المغربية لكفالة اليتيم التي تأسست سنة 1998 حسب ما صرح به محمد بودكيك مسؤول لجنة الإعلام والتواصل بها لـ التجديد إذ قال: نعمل أعمال مستديمة وموسمية ومختلفات، ومن الأعمال المستديمة توزيع قفة المواد الأساسية للعيش، إضافة إلى العناية الصحية، ومما يميز الجمعية اعتماد وحدة الأسرة بدل وحدة اليتيم وتستفيد من خدماتنا 380 أسرة أي بما يفوق الألف يتيم. ولا يقتصر عملنا على الجانب المادي بل نحاول قدر الإمكان تعويض بعضا من الفراغ الذي يتركه غياب الأب عن أسرته إذ نعمل على الدعم المدرسي الذي ينطلق من شهر أكتوبر إلى شهر ماي بشراكة مع وزارة التربية والمدارس الخاصة من أجل تمكين اليتيم من التفوق الدراسي ونيل أعلى الشهادات وأجودها. وتتمثل الأنشطة الموسمية للجمعية، يقول بودكيك، في الحقيبة المدرسية وقفة رمضان وقفة العيد إضافة إلى المساعدة على أضحية العيد. ويؤكد بودكيك أن رعاية اليتيم يجب أن لا تقتصر على الجانب المادي بل يجب أن تكون محاطة برعاية نفسية واستحضار رسالة مرافقة اليتيم ومشاركته اهتماماته، وفي هذا الإطار تسعى الجمعية جاهدة لتطوير تكوين مؤطريها حتى يزيد عطاؤهم في احتواء اليتيم وحسن التعامل معه ومراعاة خصوصيته.