نشرت صحيفة إلباييس على موقعها الإلكتروني استطلاعا من المنطقة الحدودية التي تفصل المغرب عن مدينة مليلية المحتلة التي يسيطر عليها الإسبان منذ قرون، ويعرض الاستطلاع لوضعية المهربين المعيشيين الذين يدخلون مليلية يوميا عبر المعابر الحدودية من أجل نقل حزم محملة بالبضائع المختلفة أنواعها وأحجامها، الاستطلاع ينطلق من حادثة وفاة صفية عزيزي وهي سيدة مغربية تبلغ من العمر 41 سنة وحاصلة على إجازة في الأدب العربي من جامعة فاس، قضت موتا بعد أن سقطت أرضا بسبب الزحام والتدافع في معبر باريو تشينو الحدودي حيث يتكدس بين الأسلاك الشائكة والأسوار ما بين 300 و 400 مهرب معيشي، صفية داستها أقدام المهربين المعيشيين إلى أن لفظت أنفاسها وسقط إلى جانبها سبعة آخرون أصيبوا بجروح. أحد عناصر الشرطة الإسباني قال لـإلباييس إنه شاهد الحادث وأطلق مع زملائه أعيرة نارية في الهواء لتفريق المتجمهرين، ومن أجل فتح طريق للوصول إلى صفية التي كانت تتنفس بصعوبة بالغة، بعد ذلك أغلقت الشرطة معبر باريو تشينو واستدعت الإسعاف، حيث كانت المرأة في وضعية خطيرة وتعاني أزمة قلبية حادة ورغم محاولة المسعفين إنقاذها إلا أن ذلك كان دون جدوى، بعد ذلك نقلت جثة صفية إلى أحد مستشفيات مليلية حيث كشف نتائج التشريح عن وجود نزيف رئوى سببه ضغط تعرض له القفض الصدري مما أدى الى الوفاة، في نفس المستشفى تلقى الجرحى السبعة الآخرون العلاج. انتشر خبر وفاة صفية عزيزي كالنار في الهشيم بين 8 آلاف مهرب معيشي معظمهم من النساء، يدخلن مليلية من يوم الإثنين إلى الخميس على أقدامهن ثم يعدن إلى المغرب محملين بحزم ضخمة من السلع المهربة من إطارات السيارات إلى الملابس المستعملة. ويشير الاستطلاع إلى أن قيمة السلع المهربة بلغت 440 مليون أورو سنة 2006 حسب آخر تقييم لمفوضية الحكومة في مدينة مليلية، في حين تشير التقديرات المغربية إلى أن قيمة السلع التي تدخل من سبتة ومليلية تفوق 1400 مليون أورو في السنة، وهذا ما يفسر النسبة المهمة من الأموال المتراكمة في الودائع في بنوك سبتة ومليلية، حيث إنها في الغالب إيرادات متأتية من التهريب إلى جانب غسل الأموال المحصلة من تجارة الحشيش، وإذا صحت التقديرات المغربية فإن هذا الرقم يعادل صادرات إسبانيا نحو الجزائر سنة ,2007 وإذا أضيفت عائدات هذه التجارة غير القانونية إلى الصادرات القانونية فإن إسبانيا ستكون بذلك الشريك التجاري الأول للمغرب قبل فرنسا، هذا ويعيش بالتهريب 45 ألف شخص بشكل مباشر و400 ألف شخص بشكل غير مباشر وفقا لغرفة التجارة الأمريكية بالبيضاء. الاستطلاع يقدم شهادة دنيا وهي سيدة من مراكش تبلغ من العمر 30 سنة جاءت إلى المستشفى الحسني بالناظور بعد أن سمعت أخبارا عن وفاة إحدى المهربات في معبر باريو تشينو، تقول بأنها عرفت أن المتوفية هي صفية صديقتها منذ سبع سنوات، عندما سمعت أن الضحية مجازة، حيث كانت تشكل استثناء بين النساء العاملات في التهريب المعيشي فمعظمهن أميات مطلقات أو أمهات عازبات، وتضيف دنيا إنه عمل شاق للغاية، ليس فقط بسبب الرزمات الكبيرة المحملة بالسلع، ولكن بسبب طول الانتظار في العراء عند بوابات الدخول، والتدافع ودفع الرشاوى، والضرب بالعصي الذي يتعرض له المهربون رغم أن ذلك قل منذ قرابة السنة، دنيا تحاشت الإجابة عن سؤال حول :من يضرب المهربين؟ لكن امرأة أخرى رفضت الكشف عن اسمها قالت إنهم رجال القوات المساعدة وعناصر الشرطة وأضافت نحن مطالبين بأن نفع لهم المال حتى نتمكن من الدخول إلى مليلية وأيضا ندفع للجمركيين حتى يسمحوا لنا بإدخال البضائع إلى المغرب وعند سؤالها عن القدر الذي يدفعنه قالت ما بين 5 و 10 دراهم ويتوقف ذلك على حجم الرزمات ونوعية البضاعة. على كل رزمة تدخل الى المغرب، تدفع المهربات مابين 30 و 60 درهم إذا كانت الرزمة كبيرة وتتجاوز 100 كيلو فقد ندفع قرابة 10 أورو. دنيا ورفيقاتها أيضا يشتكين من عناصر الأمن الإسبانية أحيانا يغلقون معبر باريو تشينو دون تبريرات الشرطة تقول بأنها تحاول بذلك تجنب الزحام والتجمهر لأن التحقق من جوازات السفر يستغرق وقتا طويلا. حكومة مليلية المحلية أنفقت 3000 أورو من أجل تكفين جثمان صفية ونقلها على متن عربة إلى الجانب الآخر من الحدود حيث استقبلها الآلاف من العاملين في التهريب المعيشي ، لقد كانت امرأة كريمة تحترم الآخرين، ومحبوبة تتذكرها بحزن فاطمة ذات 23 عاما، وهي مواطنة من مدينة فاس، وكانت تعمل معها في عطلة نهاية الأسبوع في مليلية. ومثلها مثل العديد من المغربيات كانت صفية محافظة حيث كانت تغطي رأسها بحجاب. من جانبه طالب مصطفى أبرشان، زعيم التحالف من أجل مليلية المعارض، مجلس المدينة بإظهار التقدير إلى هؤلاء النساء، وتعويض عائلة صفية بـ 60 ألف أورو لكن طلبه قوبل بالرفض لأن الحادث وقع في منطقة الحدود ولا تتحمل حكومة المدينة مسؤوليته. حادثة أخرى وقعت في 22 نونبر وأدت إلى مواجهات بين المغاربة وجنود إسبان أسفرت عن إصابة ستة مواطنين مغاربة بجروح بينهم جمركي، كما أصيب شرطي إسباني، وتعود أسباب الحادثة إلى مشادة كلامية وقعت بين جمركي مغربي وشرطي إسباني تطورت إلى مواجهات بين الشرطة الإسبانية التي استعملت الرصاص المطاطي من جهة وبين المواطنين المغاربة الذين رموهم بالحجارة من جهة أخرى. وهذا الحادث هو جزء من الحوادث اليومية التي تقع في واحدة من أكثر الحدود غير المتكافئة في العالم، وإذا كانت دنيا ليست لديها شكاوى كثيرة من ممارسات الشرطة الإسبانية، فهناك مئات من المواطنين من الناظور يتوقون إلى ضربهم، سعيد الشرامطي الذي منع من دخول مليلية يقول بأن الشرطة الإسبانية تعاملهم بتعسف كبيروتطلب الإدلاء بتأشيرة للدخول، وبشكل مهين تجبرهم على النزول من سيارات وإذا كانت حمولتها زائدة تختم بعبارة (ملغى) على جوزا السفر ولا يسمح لهم بالخروج من المدينة. بتصرف