توصلت مؤخرا من إحدى وكالات التواصل باستبيان يهدف إلى تقييم خدماتها و تقديم المقترحات التي من شأنها تطوير جودة الخدمة المقدمة لتلبي حاجة ورغبة الزبناء.. و أنا أطالع استبيان وكالة التواصل، تذكرت حادثة طريفة وقعت لي منذ فترة حين كنت مسافراً على أحد الخطوط الجوية العربية، وطلبت المضيفة مني ومن الشخص الذي يجلس إلى جانبي ملء استبيان لرضا المسافرين، وأكدت على ضرورة إغلاق الظرف الذي وضع فيه الاستبيان، وذلك ليتم الاطلاع عليه فقط من قبل إدارة العلاقات العامة، ويؤكد هذا الاستبيان أنه يهدف إلى الارتقاء بجودة الخدمات المقدمة، ولتحقيق رضا المسافرين من خلال الاستماع إلى آرائهم، والاستجابة لمتطلباتهم. وكان مزاجي حسناً في ذلك اليوم وقررت أن أجيب عن جميع أسئلة الاستبيان بما يشير إلى أنني راض جداً عن الخدمات المقدمة على متن الطائرة، وعن أسلوب تعامل الطاقم. وبعد أن استكملت الإجابة عن أسئلة الاستبيان، وضعت النموذج في الظرف وأغلقته حسب التعليمات وسلمته للمضيفة، وهو ما عمله أيضاً المسافر الذي يجلس بجانبي. حتى الآن تبدو هذه القصة عادية جداً، وليس فيها ما يستحق أن يروى، ولكن ما يلي سيجعل القارئ يدرك السبب الذي جعلني أتذكر هذه الحادثة، فبعد فترة وجيرة من تسليمنا الأظرفة المغلقة للمضيفة، عادت لمعاتبة المسافر الذي يجلس بجانبي والاحتجاج على ملاحظاته الواردة في الاستبيان والتي يبدو أنه عبّر من خلالها عن عدم رضاه عن أسلوب تعامل بعض المضيفين معه. استغرب الرجل من قيام المضيفة بفتح الظرف المغلق، والذي يشير بوضوح إلى أنه لا يحق لأي جهة الاطلاع على محتوياته سوى إدارة العلاقات العامة، ولكن المضيفة كانت تملك جرأة غير عادية، حيث إنها لم تكتفِ بالاطلاع على إجابات المسافر عن الاستبيان، بل إنها قامت بمراجعته وتوجيه اللوم إليه على إبداء رأيه الذي لم يعجبها. وفي المقابل، أذكر أن هذه المضيفة زادت اهتمامها بي، وأصبحت تبالغ في سرعة تلبية أي طلب أطلبه خلال الرحلة، ليس نكاية بالمسافر الآخر، ولكن بسبب إعجابها بالإطراء الوارد ضمن إجابتي عن أسئلة الاستبيان، الذي من المفترض أن لا يطلع عليه أحد سوى إدارة العلاقات العامة..! ما أريد الوصول إليه هو أنه وبالرغم من أهمية إجراء الاستبيانات للتعرف على مدى رضا الزبناء عن الخدمة أو المنتوج، إلا أنه يتحتم على الجهة المسؤولة عن إجراء الاستبيانات وضع منهجية واضحة تضمن من خلالها التعرف على مستوى رضا الزبناء بشكل مناسب، ودون أن يتسبب ذلك في مشاكل ومواقف محرجة تسيء للمؤسسة أكثر مما تفيدها. ما أود لفت الانتباه إليه هو ضرورة التعامل مع الاستبيانات التي تجريها المؤسسات المختلفة بجدية، وأن يتم إيجاد آليات تضمن وصول المعلومات والحقائق للجهة المعنية وذلك ليتمكن صناع القرار من اتخاذ قرارات فعالة مبنية على معلومات وحقائق، وأيضاً لتجنب إساءة استخدام المعلومات من قبل أشخاص غير مخولين بالإطلاع عليها.