أضحى استعمال الفصل 51 من الدستور، القاضي برفض تعديل فرق النيابية إذا كانت تؤدي إلى تخفيض الموارد العمومية أوإحداث تكليفات عمومية في القانون المالي، آلية دأبت عليها الحكومة. إلا أن هذا الفصل يثير نقاشات قانونية من حيث أجرأته من جهة، وضرب مقترحات ممثلي الأمة عرض الحائط من جهة أخرى، ليعود السؤال القديم الجديد حول دور البرلمان في تحديد ملامح القانون المالي. تلجأ الحكومة إلى الفصل 51 من الدستور لرفض العديد من التعديلات التي تتقدم بها؛ سواء فرق المعارضة أوالأغلبية، مما يطرح تساؤلات عن مدى قانونية الاعتماد على هذا الفصل، الذي ينص على أن المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان ترفض إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة للقانون المالي إما إلى تخفيض الموارد العمومية وإما إلى إحداث تكليف عمومي أوالزيادة في تكليف موجود، وبالتالي تضرب مقترحات البرلمانيين عرض الحائط، والذين يمثلون في آخر المطاف المواطن. وقال لحسن حداد خبير دولي في مجال التدبير الاستراتيجي والتسيير إن الفصل 51 من الدستور ينص على رفض أي تعديلات تؤدي إلى التخفيض من الموارد، إلا أن الحكومة تلجأ إليه في كل الحالات، وبالرغم من أن بعض التعديلات تهدف إلى الرفع من الموارد، فإن الحكومة ترفضها، مبرزا أن هذه الخطوات خطيرة، لأنها لا تعير اهتماما لممثلي الأمة، بالإضافة إلى أن مشروع القانون المالي لسنة 2009 الذي لا يتضمن أهدافا، ويعتمد على موارد يحاول توزيعها. من جهته أشار سعيد خيرون من لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، أن اللجوء إلى الفصل 51 من لدن الحكومة فيه نقاش دستوري، لأن الفصل ينص على التعديلات في القانون المالي وليس مشروع القانون المالي. ووفق المصدر ذاته فإن الحكومة ترفض حتى المقترحات التي تهدف إلى الرفع من مداخيل الدولة، مبرزا أن اللجوء إلى هذا الفصل يكون بدون مبرر. وأضاف حداد أنه إذا كانت الحكومة تلجأ إلى رفض العديد من المقترحات، فلا داعي إلى فتح نقاش حول مشروع القانون المالي، مضيفا أن رفض التعديلات ينم على عدم ضبط تفاصيل القانون من جهة، وإلى ضعف التركيبة الحكومية التي ليس لها القوة والمرونة لمجابهة التعديلات. وأكد أن الحكومة حطمت الرقم القياسي خلال السنة الماضية في استعمالها لهذا الفصل، ولم يسبق لأي حكومة أن استعملته بهذا الشكل، ومن المنتظر أن تعتمد على هذا الفصل أثناء التصويت على مشروع القانون المالي لسنة ,2009 حسب المصدر نفسه الذي أضاف أن الحكومات السابقة كانت تتعامل مع التعديلات بنوع من المرونة. ووفق المصدر ذاته فإن الحكومة ليس لها القدرة على مجابهة هذه التعديلات، ولا تحترم مقترحات ممثلي الأمة، ومن ثم فإن البرلمان يبقى تدخله شكليا في مناقشة هذا القانون، وليس له دور فاعل على اعتبار عدم أخذه لمقترحاتهم بعين الاعتبار حسب ما أكده حداد، الذي اعتبر أن هذه التدابير تحمل جبنا سياسيا، لأن القانون المالي غير مفكر فيه بصيغة استراتيجية.وحول التدابير القانونية إذا كان اللجوء إلى هذا الفصل غير قانوني، أوضح حداد أن الدستور يعطي للحكومة صلاحية الرفض انطلاقا من هذا الفصل، وبالتالي لا يمكن اللجوء إلى المجلس الدستوري، إلا أن خيرون أوضح أنه يكمن اللجوء إلى المجلس الدستوري، ولكن ذلك يتطلب العديد من الشروط