مجلس وزاري برئاسة الملك يصادق على الخطوط العريضة لمالية 2025 ويعين في مناصب سامية (بلاغ)    أمانة المصباح: "اغتيال السنوار لن توقف مسيرة النضال والجهاد على طريق تحرير فلسطين"    بالإجماع.. انتخاب نصر الله الكرطيط رئيسا جديدا لنادي اتحاد طنجة وهذه تشكيلة المكتب المديري    الأمين العام الأممي يُطْلِع مجلس الأمن على دينامية فتح قنصليات عامة في الصحراء المغربية    سفيرة الاتحاد الأوربي بالمغرب تنشر خلاصات المجلس الأوربي: تجديد التأكيد على ضرورة الحفاظ على العلاقات الوثيقة ومواصلة تعزيزها في كافة مجالات الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي        مكناس.. ترويج "الماحيا" يقود شخصا للاعتقال    كان متوجهاً لإلقاء خطبة الجمعة.. إمام يتعرض لحادثة سير خطيرة بالدريوش (صور)    شباب السوالم يقلب الطاولة على الرجاء    دورة جماعة بوعرك تنتهي ب"لا شيء"    جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان لتقديم مشروع قانون المالية    عاجل.. الملك محمد السادس يعين شكيب بنموسى مندوبا ساميا للتخطيط خلفا للحليمي    اللجنة الرابعة للجمعية العامة الأممية تعتمد قرارا جديدا بخصوص الصحراء المغربية يجدد الدعم للعملية السياسية    ارتفاع واردات إسبانيا من الفواكه القادمة من المغرب بنسبة 80 بالمائة    الملك ترأس الجمعة مجلسا وزاريا تداول حول التوجهات العامة لمشروع قانون المالية وصادق على تعيينات في مناصب عليا    فرقة ثفسوين من الحسيمة تتوج بالجائزة الوطنية للثقافة الامازيغية    قرعة متوازنة للجيش في "كان السيدات"    المغرب يسجل حالة وفاة ب"كوفيد- 19"    الأحمر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    ثلاثة أشخاص من الناظور ينجحون في الوصول إلى مليلية سباحة    ياسين كني وبوشعيب الساوري يتوجان بجائزة كتارا للرواية    بوريطة يؤكد على "سواحل بحرية للمملكة تشمل 3500 كيلومترا" خلال مباحثات مع الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية    نمو حركة النقل الجوي بمطار الحسيمة بنحو 19 في المائة مع متم غشت الماضي    المنتخب الوطني النسوي يخوض مباراتين وديتين أمام تنزانيا والسنغال    الدولي المغربي إلياس بن الصغير ضمن قائمة ال 25 مرشحا لجائزة "الفتى الذهبي 2024"    عقوبات صارمة تنتظرأرباب المطاعم والفنادق بالناظور بسبب لحوم الدجاج    مصدر يوضح حقيقة حذف زياش صوره مع المنتخب المغربي    المنتخب المغربي يتقدم مركزا في التصنيف العالمي للفيفا        حركة حماس تنعي رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار    حماس تخرج بأول رد لها عقب اغتيال القيادي يحيى السنوار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في تقرير حديث للأرصاد.. 2023 الأكثر حرارة بالمغرب خلال 80 سنة الماضية    مراكش: افتتاح الدورة ال14 للمعرض الجهوي للكتاب    شفشاون تحتضن فعاليات مهرجان الضحك في نسخته الرابعة    تامسنا: عرض مسرحية "دوخة" للتحسيس بمرض السرطان    ⁨انفوجرافيك | تدهور مستوى المعيشة للأسر المغربية خلال الفصل الثالث من 2024⁩    التوترات الجيوسياسية تدفع الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق    كائنٌ مجازي في رُكْن التّعازي! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    السنة الثقافية 2024 .. مبادرة "قطر تقرأ" تقرب الأطفال من ثقافات البلدين    لواء سابق بالجيش الاسرائيلي: "قطيع من الحمقى يقود دولتنا نحو خطر يهدد وجودها"    سعر الذهب يتجاوز 2700 دولار للأونصة    مجلس المستشارين يعلن أسماء أعضاء مكتبه ورؤساء اللجان الدائمة    مطالب للحكومة بالارتقاء بحقوق النساء والوفاء بالتزاماتها    نسبة الفقر تقارب مائة في المائة في قطاع غزة بعد عام على بدء الحرب    بعد طوفان الأقصى أي أفق لمقترح "حل الدولتين" ؟    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    أمريكا: مقتل السنوار فرصة لنهاية الحرب    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: في الحروب يقف الموت على الأبواب    المديني: المثقفون العرب في فرنسا يتخوفون من إبداء التضامن مع قطاع غزة    الدولي المغربي رضا بلحيان محط اهتمام مجموعة من الأندية الأوروبية    تسجيل أزيد من 42 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2024    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاستتباع الثقافي وترحيل الخدمات الثقافية - بقلم محمد يتيم
نشر في التجديد يوم 16 - 10 - 2008


من بين أهم تعاريف الثقافة أنها هي التعبير الروحي لمجتمع معين وحضارة معينة . فهي تعبير عن نفس شخصية الأمة، بل هي روحها الذي يسري في مختلف نظمها الفكرية والخلقية والاجتماعية والاقتصادية . الثقافة هي مجال بناء القيم الجماعية والمحافظة عليها ، ولذلك كان الدين وكانت اللغة والقيم من أهم تجليات الثقافة. وكانت الثقافة تبعا لذلك مجالا للتعبير عن الشخصية الجماعية ومميزاتها وخصوصياتها . غير أن ذلك لا يعني انغلاق الأنساق الثقافية على نفسها انغلاقا تاما، بل العكس هو الصحيح، حيث إن الثقافةعلى الرغم من طابعها المقاوم للتغيير نسبيا؛ تبقى قابلة للتأثير والتأثر ، للأخذ والعطاء فيما يصطلح عليه اليوم بعملية التثاقف. وتتخذ عملية التثاقف هذه أشكالا متعددة : التثاقف الأفقي، وذلك حينما تكون هناك علاقة ندية في المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وفي القوة السياسية والعسكرية بين مجتمعين أوحضارتين .فحينها تكون علاقة التأثير والتأثر علاقة عادية وطبيعية؛ تتحكم فيها القوانين الذاتية للتثاقف؛ حيث يأخذ هذا المجتمع من المجتمع الآخر ما يفرض جدارته، وما تتأكد الحاجة إليه. الحالة الثانية حالة التثاقف أوالمثاقفة القسرية، وهذه هي في الحالة التي يختل فيها التوازن الاستراتيجي عسكريا وسياسيا وتكنولوجيا بين مجتمعين وحضارتين. هي الحالة التي تنتج كل مظاهر الاستكبار أوالاستضعاف الثقافي الذي يؤدي بدوره إلى عمليات غزو وتدمير ثقافي ممنهج، تستخدم فيها كل أسلحة الدمار الثقافي الشامل، ومختلف آليات الإبادة الثقافية كما حصل مع غزو المستعمرين البيض للهنود الحمر في أمريكا، وكما حصل في سعى الاستعمار الأوروبي، وخاصة في شقه الفرنسي، في المستعمرات السابقة لولا عمليات مقاومة ثقافية شرسة لم تنته إلى يومنا هذا، وكما يحصل اليوم من خلال ما يسمى بالعولمة الثقافية . أما الشكل الثالث من أشكال التثاقف فهو التثاقف الصاعد، وهو صورة متقدمة من صور المقاومة والممانعة الثقافية التي لا تقف عند حدود مقاومة الغزو الثقافي والمحافظة الثقافية، بل تتجاوز ذلك إلى إحداث اختراقات في الثقافة الغازية، وهذا يعني أن الثقافة ـ كما أنها المجال الأكبر الذي يمكن أن نفشل في تحقيق استقلالنا فيه؛ بالمقارنة مع النجاح النسبي الذي يمكن أن نحققه على صعيد تحقيق الاستقلال السياسي ـ هي المجال الأكبر الذي يمكن أن نحقق فيه، ليس فقط التصدي للغزو الثقافي والمحافظة على الهوية الثقافية، بل اختراقات للثقافة الغازية. أليس موضوع الاشتغال الأساسي في العمل الثقافي هو الإنسان، أي مجال الوعي ومجال الروح واللغة والقيم والرموز الحضارية والتاريخية التي بنتها الأمة عبر التاريخ ؟ ومن دون شك فإن الوعي بمكانة الثقافة ضمن معركة الاستقلال ومقاومة الغزو والاختراق ينبغي أن يقفز بالمثقف إلى الواجهة: أي واجهة المحافظة على القيم الثقافية الأصيلة التي برهنت عن جدارتها عبر التاريخ، وواجهة العمل على تجديدها، وواجهة العمل على تجاوز القيم البالية أوالمعطلة للنهضة، والتي غالبا ما تستخدم تعلة لتبرير الغزو والاستتباع الثقافي . لكن مشكلتنا اليوم بالأساس هي مشكلة الاستتباع الثقافي. ونقصد بالاستتباع الثقافي النتائج الوخيمة التي خلفها الاستعمار في بلداننا، وهي بالأساس نتائج ثقافية تتمثل في اختراق جانب كبير من النخبة، وتحول هذا الجانب إلى حارس أمين على قيم ثقافية تتعارض بنيويا مع ثقافتنا، ناس من بين جلدتنا يتكلمون بألسنتنا، لكن قلوبهم قلوب الأعاجم كما جاء في حديث نبوي شريف. وهنا وجب التأكيد أنه لا غزو ولا استتباع ثقافي دوم تبعية ثقافية . ومن ثم يكون من أهم مداخل معركة البناء الثقافي المواجهة الفكرية العقلانية لأطروحات الاستتباع الثقافي، ومنتوجات المقاولات الثقافية التي تشتغل بالوكالة. فمن المعلوم أن مفهوم ترحيل الخدمات لم يعد مقتصرا فقط على المجال الاقتصادي، حيث تفعل ذلك المقاولات الاقتصادية الكبرى العابرة للقارات؛ بحثا عن كلفة أقل، ويد عاملة رخيصة، تعزيزا لمنافستها في أسواق العالمية، وإنما أصبح الترحيل يشمل الخدمات الثقافية، والقيام بالأعمال الوسخة في مواجهة القيم الأصيلة للأمة، حيث أصبحت مراكز صناعة القرار الثقافي تعتمد، ليس على مستشرقين كانوا يشكلون طلائع قوات الاحتلال الثقافية التي تستطلع له الأرض الأرض كي يتحاشى حقول الألغام في مقام أول ، ثم في مقام ثاني يوفرون له بعد استقراره التغطية الجوية والإسناد الميداني بالدراسات والمعطيات، بل أصبحت وكالات تشتغل بالقطعة على خدمات مرحلية ومحددة في الزمان والمكان . ولا شك أن عمليات دعم الأعمال الإبداعية التي فيها مزيد من الجرأة والوقاحة على دين الأمة ونظامها الأخلاقي العام، وتكريم بعض الكتاب الذين يسيرون في هذا الاتجاه ويقدمون كل ما له صلة بمجتمعاتنا تقديما كاريكاتوريا فلكلوريا غرائبيا يستجيب للصورة النمطية التي يحبون أن يروا من خلالها ديننا وحضارتنا وتاريخنا، كل ذلك تعبير آخر عن هذه الصيغة من ترحيل الخدمات أي ترحيل الخدمات الثقافية. لكن على أهمية هذه المواجهة وضرورتها، ووجوب وجود مراكز بحث وأقلام راصدة لهذه المقاولات، فإن ما هو أهم منه هوالانتقال بفعلنا الثقافي إلى حالة من المقاومة المبدعة والإبداع المقاوم؛ الذي يكون قادرا على إحداث اختراقات في المنظومات الثقافية . إن إسلام الرحمة العالمية المهداة للناس يفترض أن يكون أبناؤه والمنتمون إليه قادرين على إبداع قيم ورموز ثقافية تتمثل هذه الرحمة العالمية، حتى لا نبقى دوما في موقف الشكوى من الغزو الثقافي، ورثاء أوضاعنا الثقافية التي مسختها عمليات المثاقفة الكرهية. وللحديث بقية

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.