حدثان بارزان ميزا الساحة السينمائية المغربية هذه الأيام و لهما دلالتهما الفنية والإديولوجية: الأول يتعلق بفيلم لولا(مرة أخرى) للمخرج نبيل عيوش، الذي احتل المرتبة الأولى في شباك التذاكر(بوكس أوفيس) خلال النصف الأول من السنة الجارية ب22488 تذكرة متجاوزا بذلك فيلم ملائكة الشيطان لأحمد بولان الذي حصل على18948 تذكرة في السنة الماضية. بطبيعة الحال تبقى الأرقام نسبية نظرا للضجة الإعلامية التي أحدثت حول الفيلم كما تم ذلك مع ملائكة الشيطان. منذ ظهور فيلم نبيل عيوش إلى يومنا هذا لم تتوانى الدعاية له ولا الترويج له داخل و خارج البلاد مع العلم أن الفيلم متواضع فنيا وفكريا كما اقر بذلك العديد من النقاد، حتى يخيل إلى المرء أن من وراء الفيلم آلة دعائية قوية تريد توجيه الرأي العام أو فرض رؤية معينة للمجتمع العربي على المشاهد. إن أي متفرج بسيط التفكير إذا شاهد لولا سيلتقط رسالة الفيلم بسرعة لان خطابه كان مباشرا بخصوص قضايا حساسة تهم هوية المجتمع المغربي والعربي ككل: الشذوذ الجنسي و تحرير جسد المرأة من كل ضوابط شرعية واختزال الحضارة العربية في الرقص وأجواء الكباريهات وجعلها حضارة محتقرة في عين المشاهد إذا ما قورنت بحضارة الغرب. و هذا هو المغزى الإيديولوجي للفيلم. الحدث الثاني وله كذلك دلالته الرمزية يتجلى في اختيار فيلم وداعا أمهات للمخرج محمد إسماعيل من 41 فيلما مغربيا لتمثيل المغرب في الأوسكار لسنة 2009 ، من طرف لجنة اعتمدها المركز السينمائي المغربي ضمت منتج وثلاثة مخرجين و ناقد و صحفي. للذين لم يشاهدوا الفيلم فهذا الأخير تطرق إلى هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل في مطلع الستينات. الفيلم شارك في عدة مهرجانات سينمائية يهودية بأمريكا و كندا وقال مخرجه بأنه مستعد للذهاب إلى إسرائيل إذا ما وجهت له الدعوة. مما يفسر الآراء التي ذهبت إلى القول بأن الفيلم يخدم التطبيع الصهيوني و ليس النبش في الذاكرة المغربية أو التعايش الثقافي. مثل هذه التصريحات ومثل هذه الأفلام التي حصلت على تمويلات خارجية لن تقابل إلا بالرضى من طرف اللوبي الصهيوني المتحكم في الصناعة السينمائية الامريكية. من تداعيات هذا الفيلم أن بعض الأشرطة المغربية وبالأخص الأمازيغية منها أصبحت تغازل كل ما هو يهودي مغربي بنجمته السداسية التي ترمز إلى الاحتلال الإسرائيلي وليس إلى اليهود المغاربة. وأخيرا، كنا نتمنى أن تختار اللجنة فيلم في انتظار باز وليني لداود ولاد سيد الذي ما فتئ يحصد الجائزة تلو الأخرى في المهرجانات الدولية، لتمثيل المغرب في الأوسكار، سيما وأننا لا نعرف ما هي المعايير التي اعتمدتها في ترشيح شريط وداعا أمهات. فاين هي المصداقية؟