خلف مشروع تصميم تهيئة وادي أبي رقراق، الذي أعلنت عنه الوكالة الخاصة بالمشروع قبل مدة قصيرة، ردود فعل رافضة من لدن ملاك الأراضي والعقارات وذوي الحقوق؛ الذين ستطالهم عملية نزع الملكية بموجب تنصيص المشروع على اعتبار التهيئة منفعة عامة لمدة 10 سنوات، وقد أحيل المشروع على الإدارات والمجالس المنتخبة المعنية، وأخبر ملاكي الأراضي وذوي الحقوق العينية العقارية ليتقدم الجميع باقتراحاته ما بين 24 شتنبر و28 أكتوبر ,2008 فما مضمون المشروع؟ وما هي النقط مثار الجدل فيه؟ وكيف كانت ردة فعل المعنيين بنزع الملكية؟ ماذا تريد الوكالة؟ ومن خلال تفحص الخريطة الإجمالية لمحتوى مشروع التصميم؛ يتبين أن الوكالة ستتدخل في بعض المناطق عن طريق إعادة الهيكلة كما هو الحال مع المنطقة الواقعة بين أسوار المدينة العتيقة والبحر، وتشمل جزءا من مقبرة سيدي بنعاشر بسلا، وحي لوداية بالرباط، ومنطقة الولجة، حيث الحرف والفخار والمقاهي حاليا بسلا. على أن المناطق السكنية هي الجزء الأكبر الذي ستوظف فيه الأراضي المنزوعة الملكية، إذ قدر المستشار الجماعي بمدينة سلا عبد اللطيف سودو نسبة تلك المناطق من المشروع ككل بـ 70 %، والباقي للمناطق الخضراء ومناطق المشاريع ومناطق المرافق العمومية، ويتراوح سقف البناء فيها بين مباني من طابق إلى 3 طوابق في المناطق السكنية المنخفضة، و5 طوابق في المناطق المتوسطة، و6 إلى 12 طابقا في المناطق السكنية المرتفعة، وقد حددت في 7 مناطق توجد في تراب جماعة بطانة واحصين والسهول. وقد تم اعتماد تراتبية تدريجية في العلو في اتجاه الوادي، سواء في منطقة الولجة أوفي سفح هضبة احصين، حيث تنطلق بمباني من 12 طابقا ثم 5 ثم 3 لتتيح لساكنيها التمتع بمنظر الطبيعة ووادي أبي رقراق، ولكن يبقى الاستثناء الوحيد هو تحديد بقعة في أقصى الجزء الشرقي الجنوبي لقرية أولاد موسى مباني سكنية من 5 طوابق، في حين أن كافة المناطق السكنية الموجودة الآن حدد السقف فيها في 3 طوابق. والملاحظة اللافتة أن الضفة اليسرى للوادي لم تحدد فيها أي مناطق سكنية، بل تركت مساحات لمشاريع غير محددة، وهو ما دفع سودو نائب عمدة مدينة سلا إلى انتقاد هذا التوجه لتكريس خلل في التوازن بين ضفتي الوادي، وهو أن الرباط مدينة النشاط الإداري والاقتصادي والتجاري، وسلا مرقد للعاملين في الرباط، مما همش المدينة لعقود وجعلها تفتقر إلى المرافق العمومية والبنيات المحركة لاقتصادها. من بين ما يحدده المشروع؛ إقامة مناطق خضراء تشكل حزاما يحيط بالمشاريع السكنية، ونجدها بجوار الباب التاريخي للمريسة، وقرب مدينة الحرف المتوقع إقامتها بمحاذاة الميناء الترفيهي، ومن الجهة الشرقية لحدود مقاطعة حسان بالرباط المطلة على الوادي، وبالولجة وبالمنطقة الغابوية بين حي مولاي اسماعيل وقرية أولاد موسى، وفي الهضبة المطلة على الوادي بالناحية الغربية للقرية المذكورة، وقرب سلاالجديدة أوما يسمى الحي الملكي. من آثار التصميم أن مقتضياته تهيمن على أحكام بقية وثائق التعمير بالمنطقة، كما أن جميع التراخيص تخضع لبنوده بعد نشر مرسوم المصادقة عليه، هذا الإجراء الأخير يعتبر بمثابة إعلان أن العمليات اللازمة لتهيئة المنطقة ذات منفعة عامة، ويجوز للوكالة نزع ملكيتها في غضون 10 سنوات. نزع الملكية.. مربط الفرس قبل أن يبرز إلى الواجهة ملف نزع الملكية لا بد من الإشارة إلى أنه منذ تاريخ صدور القانون المنظم للوكالة في أواخر 2005 تم حظر جميع المعاملات العقارية أوإصلاح أي عقار في منطقة تهيئة أبي رقراق طيلة السنوات الأربع الماضية، وهو ما تسبب في حرج كبير لبعض الأفراد، بحيث إن بعضهم مريض ويحتاج إلى تصفية للكلية مرتين في الأسبوع، وما يترتب على ذلك من مصاريف باهضة، وقد دأب على استغلال أرضه ببيع جزء منها لمواجهة مصاريف العلاج، إلا أن هذا الأمر لم يعد متيسراً. وحسب المسطرة الخاصة بنزع الملكية فإنه لا يجوز أن يتابع نزع الملكية داخل هذه المنطقة إلا وفق مسطرة هذا القانون، والذي تطبق أحكام قانون نزع الملكية مع بعض الاستثناءات، ومنها رفع مدة منع إقامة أي بناء أوغرس أوتحسين في العقار الواقع داخل المنطقة من سنتين (كما ينص على ذلك قانون نزع الملكية) إلى 10 سنوات، ويذهب بعض المنتخبين إلى أن الوكالة منحت لنفسه هذه المهلة لكي تنزع الملكية وقت ما تقدر، ما دامت لا تستطيع نزع ملكية كل الأراضي في السنة الأولى. ومن النقط الجوهرية التي يعترض عليها أصحاب الأراضي أن الوكالة ستنزع عقاراتهم بهذه اليد لتمنحها إلى منعشين عقاريين باليد الأخرى، لكي يقيم فوقها مشاريع سكنية وفق المواصفات العمرانية المطلوبة، فأين المنفعة العامة يتساءل المعنيون؟ فقد عبر جامع المعتصم خلال لقاء تواصلي مع أصحاب الأراضي يوم السبت الماضي بمقاطعة احصين عن تخوفهم من أن تتحول المنفعة العامة إلى ضرر عام، بحيث يستفيد البعض وعلى رأسهم كبريات مقاولات البناء والسكن في المغرب وخارجه، ويتضرر باقي الملاك. وبهذا الشأن يلح المالكون وذوي الحقوق على ألا تنزع الوكالة أراضيهم مقابل تعهدهم بأن يقيم عليها المباني السكنية المقررة في التصميم، وبالمواصفات العمرانية المشروطة، سواء من حيث علو المبنى أومتانة أساسه...إلخ. ومن الاستثناءات التي تثير جدلاً واعتراضاً أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز التعويض عن نزع الأرض أوالعقار القيمة التجارية في تاريخ نشر القانون، أي نونبر ,2005 وليس القيمة السوقية للعقار إبان عملية النزع، وهو ما يرجح أن يكون موضع اعتراض وطعن لدى المحاكم من لدن الملاك وذوي الحقوق في المرحلة الموالي بعد المصادقة على تصميم التهيئة. كما ثمة إشكالية ستطرح على مستوى تعويض مالكي الأراضي الذين لم يحفظوا أراضيهم باسمهم لدى مصالح المحافظة العقارية، وما تزال مسجلة باسم هؤلاء الذين اشتروا منهم الأرض وهم من ظهرت أسماؤهم في لائحة مشروع مرسوم نزع الملكية.ومن القضايا الشائكة التي أثيرت وستثار مستقبلاً ما تنوي الوكالة فعله بجزء من مقبرة سيدي بنعاشر بمدينة سلا، إذ تفكر في تحويلها إلى متنزه يخترقه ممشى، وهو ما يعترض عليه المنتخبون ووزارة الأوقاف، على اعتبار أن أرض المقبرة وقف للمسلمين لا تستغل في غير ما حبست من أجل، وهي محمية بموجب القانون الذي يمنع نزع ملكية المساجد والمقابر، فضلاً عن أن مدينة سلا تعاني من ضيق المساحات المخصصة لدفن الموتى، وقد أثير الموضوع غير ما مرة تحت قبة البرلمان دون جدوى. تصعيد بمجرد الإعلان عن مشروع مرسوم التصميم سارع مالكو الأراضي وذوو الحقوق إلى التكتل داخل جمعيات للملاك أو وداديات سكنية قائمة أوأحدثت أخيراً، وتشكلت لجنة تنسيق مكونة من 5 جمعيات وودادية بسلاوالرباط، وقد نظمت الجمعة الماضية وقفة احتجاجية بملتقى سلاالجديدة والطريق السيار شارك فيها أكثر من 1000 فرداً نددوا خلالها بما أسموه عزم وكالة أبي رقراق على نزع أراضيهم دون مراعاة الإجراءات المنصوص عليها في القانون.كما قامت اللجنة التنسيقية حسب عبد الله فركاك رئيس جمعية سيدي حميدة للتنمية البشرية، إحدى مكونات اللجنة، بتوجيه رسائل إلى كل من الوزير الأول ووزير الداخلية ومدير الوكالة ووالي الرباطوسلا وعامل عمالة سلا ورئيس مقاطعة احصين، ترفض فيها نزع ملكية الأراضي من أصحابها، لعدم وجود مبرر المنفعة العامة في النزع، إذ لم تبرمج الوكالة ضمن تصميم التهيئة بناء أي مستشفيات أومدارس أوجامعات أومؤسسات ذات نفع عام، وهي المؤسسات التي تعاني المدينة من خصاص كبير منها. ويتوقع أن يعقد اليوم الأربعاء اجتماع بين اللجنة التنسيقية للدفاع عن المتضررين من نزع الأراضي بولاية الرباطسلا زمور زعير مع مكتب مقاطعة احصين، وبعده مع مكتب المجلس الجماعي لمدينة سلا، وذلك لطلب دعم المستشارين بصفتهم ممثلين للسكان، ووقوفهم إلى جانب الملاك وذوي الحقوق، ويوم السبت ينتظر أن تعقد اللجنة لاختيار أعضاء المكتب المسير للجنة، وتسطير برنامج للوقفات الاحتجاجية. حل وسط يقترح البعض كحل وسط يضمن حقوق المالكين والجماعات، ويتيح للوكالة ممارسة الاختصاصات المخول لها قانوناً، أن بالإمكان عند إحداث شركة الإنعاش والتسويق التي ستتولى تسويق الأراضي المنزوعة بعد تهيئتها والرفع من قيمتها، والتي نص عليها مشروع مرسوم التهيئة، بالإمكان أن تشارك الجماعات المحلية بعقاراتها في رأسمال هذه الشركة، وبأن يسهم ملاك الأراضي بالمنطقة في هذا الرأسمال بتقديم أراضيهم كحصص مشاركة، وهو ما سيدر عليهم عائدات بصفة دورية.إلا أن مصادر من المنتخبين صرحت لـ التجديد بأنهم لمسوا عدم تحمس مسؤولي الوكالة لهذه الإمكانية، التي يخولها القانون للجماعات والأفراد، بحيث يرغبون في الاكتفاء بكبريات الشركات والمقاولات التي ستساهم في شركة الإنعاش.