بعد انقضاء فترة العطلة الصيفية بمدينة الجديدة، يبدأ مسلسل جديد/ قديم بالمحطة الطرقية للمسافرين، مسلسل بنفس الوجوه، ونفس الأبطال تقريبا؛ الكورتية والمضاربين والخطافة، التجديد زارت المحطة الطرقية نهاية الأسبوع، وعاينت جزءا من معاناة المواطنين المتجمهرين قر ب أكوام من الأمتعة بجانب أطفالهم؛ الذين يجدون أنفسهم كرها أو طوعا تحت رحمة أرباب الحافلة، وحالة الضغط والاحتقان التي تطبع الجو العام بالمحطة، حيث يشتد الصخب والصراخ وتكثر الشجارات هنا وهناك، ويطول الانتظار أمام رصيف الحافلات الفارغ الذي يترجم الكثير من التساؤلات التي قد يثيرها أي زائر للمحطة. إقتربنا من أسرة تجلس بجانب رصيف مخصص لوقوف الحافلات لسؤالها عن وجهتها وعن سبب انتظارها، فكان جواب أحد الأفراد مليئا بعبارات السخط والتذمر من هذه الوضعية التي قال إنها تتكرر كل سنة وبنفس الطريقة؛ لكونه يأتي من مدينة مراكش ليقضي عطلته تقريبا كل سنة بمدينة الجديدة، مضيفا أن اليوم الأخير بهذه المحطة يفقده طعم تلك الأيام التي وصفها بالجميلة، ويرفع درجة التوتر إلى أقصاها. شاب آخر من مدينة الدارالبيضاء صرح لـالتجديد أنه حصل على تذكرة الحافلة بشق الأنفس من شباك التذاكر، وعليه أن ينتظر رجوع الحافلة التي كانت تستعد للانطلاق إلى مدينة البيضاء، أي تقريبا ساعتين ونصفا على أقل تقدير، مضيفا أن التذكرة خارج الشباك تخضع لمعايير أخرى تضطرك لزيادة محترمة عن الثمن الحقيقي للتذكرة. سألنا سائق إحدى الحافلات الذي كان غارقا مع مساعده في تنظيم المسافرين داخل الحافلة التي ارتفعت فيها درجات الحرارة إلى معدلات قياسية، فرد بعبارات سريعة الحافلات هي بنادم راه كيتزاد فهاد الصيف، وحنا كنوليو خدامين ليل ونهار غير الله يحفظ و خلاص. وفي الوقت الذي كان فيه مسافرون ينتظرون دورهم لقدوم حافلة من مراكش أومن البيضاء، فضل بعض المسافرين البحث عن طريقة تقيهم شر الانتظار، فلجأ بعضهم إلى البحث عن الخطافة، وهم أصحاب سيارات منهم مستخدمين وموظفين يستغلون هذه الفترة للبحث عن دراهم إضافية في ظل موجة الغلاء الفاحش الذي يكتوي بناره المواطن، سمير شاب في العشرينيات من عمره، فضل البحث عن خطاف، معتبرا أنها الطريقة الأسرع للعودة إلى الدارالبيضاء رغم إضافة ما بين 15 و20 درهما عن ثمن الحافلة وسيارة الأجرة، فالمهم لديه، هو أن تغادر هذا المكان يضيف سمير. سائق السيارة التي ستقلهم رفض الحديث إلى التجديد، مكتفيا بالقول إنه يدبر حاله شأنه شأن كاع الناس فهاد البلاد . لم يكن حال من فضلوا السفر عبر سيارة الأجرة الكبيرة أحسن من إخوانهم بمحطة الحافلات المحادية للمحطة الطرقية، حيث عاينتالتجديد الاكتظاظ الحاصل والتدافع من أجل الظفر بمقعد قد يضمن له الانتقال إلى وجهته المقصودة، وقد عبر العديد من المسافرين في هذه المحطة عن استنكارهم لزيادات تتراوح بين خمس وعشرة دراهم عن الثمن المعتاد. بين محطة الحافلات ومحطة الطاكسيات والخطافة والمضاربين، يبقى المواطن الضحية الأولى والأخيرة في هذا المشهد الذي يتكرر كل سنة بمدينة الجديدة، ولا شك أنه يشبه الكثير من المشاهد بمدن أخرى لاتسيما السياحية منها، ويبقى المسؤولون أوفياء لدورهم الدائم، والمتمثل في المراقبة من بعيد، والزجر إذا استدعى الأمر ذلك، في غياب مقاربة شمولية تعد ببرامج ناجعة لحل مثل هذه المشاكل بدل التفكير فقط في حجم الصفقات التي ستضيف دراهم إلى مداخيل الصناديق والجيوب.