تواصل التجديد نشر بعض ما كشفت عنه وزارة الخارجية الأمريكية من وثائق سرية سنة 2006 بعد مرور ثلاثين سنة على أحداثها؛ كما ينص القانون الأمريكي على ذلك. ونخصص برقيات اليوم لحالة الاحتقان التي عرفها المغرب في فترة السبعينات من القرن المنصرم، والمحاولات الإرهابية التي كانت تتهدد أمنه وأمن مواطنيه، والخلايا الإرهابية التي كانت السباقة إلى إدخال الأسلحة والمتفجرات من الجزائر. وكذلك أحكام الإعدام التي تم تنفيذها في حق معتقلين سياسيين أدينوا في أعمال أو محاولات لتنفيذ أعمال إرهابية، بحسب الوصف الذي كانت تلجأ إليه تقارير السفارة الأمريكيةبالرباط، والذي يحمل في طياتها وجهة نظر سياسية وإيديولوجية منحازة، وهي الأحداث التي كانت محطة مناقشة من لدن هيئة الإنصاف والمصالحة، وكشف تقريرها عن ارتباطها بعنف سياسي أكثر منه إرهابي ويضعه في سياق عنف مضاد لعنف الدولة دون أن يعني ذلك تبريره. *** تفكيك خلايا إرهابية بالمغرب سنة 1974 أخبرنا مصدر من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ـ فرع الرباط؛ بأن البلاغ صيغ بهذه اللهجة العنيفة من عناصر داخل النظام بغرض ثني الملك عن أي خطوة انفتاح أو مصالحة تجاه المعارضة بوجه عام وفي حق المحتجزين الاتحاديين. تم إرسال هذه البرقية من سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالرباط إلى وزارة الخارجية بواشنطن بتاريخ سادس فبراير 1974 تحت الرقم ABAT005051974 الموضوع: الوضع الأمني في المغرب(1) 1) أصدرت وزارة الداخلية المغربية بلاغا مساء يوم السادس من فبراير تخبر من خلاله عن تفكيك خلايا إرهابية في فاسوالدارالبيضاء. البلاغ يصف تفاصيل الإجراءات المتخذة من طرف قوات الأمن، ويوضح أن أعضاء الشبكة تم اعتقالهم بعد وضعهم لقنابل في مقر الجريدتين المواليتين للحكومة لوماتان و ماروك سوار، وكذلك في محل سكنى أستاذ كان قد أكد في محاكمة القنيطرة في يوليوز الأخير بأن هجوما على سجن القنيطرة كان مخططا له كذلك من طرف المنظمة التي يتزعما محمد البصري وأتباعه والتي مقرها في باريس ووهران، حيث يقيمون عادة. البلاغ يكشف كذلك عن التحقيقات المنجزة في وجدة وعن اعتقال زاهر الودغيري يوم ثاني يونيو، والذي اعترف بأنه دخل إلى المغرب قادما من بلد مجاور بقصد تفجير قنبلتين في مبانٍ حكومية بكل من فاسوالدارالبيضاء وللقيام باعتداءات على شخصيات معينة. وفي يوم الثاني عشر من يناير تم اعتقال شخص آخر؛ هو مرزاق اليزيد بناحية وجدة مباشرة بعد أن عبر الحدود الجزائرية المغربية سرا على متن سيارة خاصة في الطريق إلى سيارة نقل (بيك آب) لمحمد مرموش الذي سبق له أن نقل متفجرات من الجزائر إلى وجدة. وهو الاعتقال الذي قاد إلى حجز متفجرات وأسلحة، إضافة إلى تفكيك خلايا إرهابية بوجدة، وآيت عتاب، وبني ملال ونواحيها، وبالرباط. واستنادا إلى إفادات هؤلاء المعتقلين تم التعرف على أن محمد الخصاصي ومبارك بودرقة (الذي كان لفترة ما محاميا متدربا بمكتب عبد الرحيم بوعبيد القيادي الاتحادي) كانا مكلَّفَين من طرف البصري باستقطاب عناصر إرهابية من وهران وإرسالهم للمغرب للقيام بعمليات في مراكز مدنية. وانتهى البلاغ بالقول بأن التحقيقات ما زالت مستمرة. 2) ملحوظة: لم يكن مفاجئا، أن هذا البلاغ ينذر باحتقانات جديدة، ويعطي بعض المصداقية للإشاعات التي تروج محليا عما فهمناه من الإذاعة الإسبانية التي سبق أن أذاعت تقريرا عن مؤامرة جديد ضد الملك. إن الوضع يبقى هادئا عبر كل تراب المغرب؛ على الرغم من الأعداد الكبيرة من الحواجز التي يقيمها الدرك عبر الطرقات. ولقد أكد لنا مصدر من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية-فرع الرباط؛ بأن البلاغ صيغ بهذه اللهجة العنيفة من عناصر داخل النظام بغرض ثني الملك عن أي خطوة انفتاح أو مصالحة تجاه المعارضة بوجه عام وفي حق المحتجزين الاتحاديين منذ مدة طويلة على وجه الخصوص. ********** تم إرسال هذه البرقية من سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالرباط إلى وزارة الخارجية بواشنطن بتاريخ 29 غشت 1974 تحت الرقم 04131 RABAT 1974: الموضوع : إِعدامات وإفراجات 1 ـ أذاع راديو إسبانيا كما نشر هنا يوم 28 غشت بأنه تم إعدام ستة معتقلين سياسيين في المغرب بسبب جرائم ضد الدولة. وقد عزز ذلك قيادي في حزب الاستقلال كان يتولى الدفاع عنهم كمحام في المحاكمة السياسية هنا ولكنه قال بأن الإعدامات قد أخذت مجراها في شأن سبعة وليس ستة. وقال مصدر من حزب الاستقلال بأن الإعدامات لم يتم الإعلان عنها محليا ولكن تم الكشف عنها بواسطة وكالات الأنباء الأجنبية. 2 ـ كانت محكمة القنيطرة العسكرية قد أعادت محاكمة 13 شخصا في يناير1974؛ كانوا مسجونين بعد الحكم عليهم بمدد في غشت1973 بناء على طلب استئناف الحكم . وقد صدر الحكم ضد ستة منهم بالإعدام وهم الذين يعنيهم الخبر الذي أذاعه الراديو الإسباني بالأمس. وأربعة من الستة كانوا متورطين في تمرد مارس 1973 بالأطلس المتوسط، والإثنان الآخران من معتقلي خلية إرهابية في الدارالبيضاء. وقد أعلن أحد الإثنين الأخيرين عن نفسه بأنه عضو في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. إضافة إلى ذلك فإن ستة عشر شخصا حكم عليهم بالإعدام من طرف محكمة القنيطرة في غشت. واحد منهم لم ينفذ فيه الحكم لأنه وافق على أن يفيد بأدلة إضافية ضد زملائه المعتقلين .وربما يكون هو الشخص السابع من بين الذين تم تنفيذ الحكم فيهم أخيرا.وحسب ما تأكد ما لدينا من معلومات، فإنه لم يتبق سجناء من المحكوم عليهم بالإعدام في جرائم سياسية. 3 ـ في ذات الوقت، فإن يومية حزب الاستقلال العلم نشرت في عددها الصادر يوم التاسع والعشرين من غشت خبرا حول الإفراج عن مجموعة من معتقلي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اعتقلوا منذ مارس 1973, ومن ضمنهم محمد اليازغي وعمر بن جلون وتوفيق الإدريسي ومصطفى القرشاوي. وهؤلاء الرجال كانوا ضمن الثلاثين شخصا أو ما يناهز ذلك الذين برأتهم المحكمة العسكرية في القنيطرة ولكن سرعان ما أعيد اعتقالهم فورا واتهامهم بجرائم جديدة.ما بين أربعين إلى ثمانين منهم تم الإفراج عنهم في صمت في الربيع ولكن منذ شهر ماي لم يفرج عن أحد. واليازغي الذي كان مصابا بجروح بليغة جراء رسالة ملغومة في مارس 1973 اقتصر سجنه على الإقامة بالمستشفى في الرباط، وبعدها في منتجع إفران الذي قضى فيه الأشهر الأخيرة من أسره. مصدر حزب الاستقلال قال فقط بأن عدد المفرج عنهم يبلغ سبعة وأضاف أن الإفراج عنهم مؤقت. 4 ـ ولقد تم تداول تخمينات معتبرة في الأيام القليلة الماضية بأن الملك قد قرر أن يحل قضية المعتقلين السياسيين بالإفراج عن محتجزين وإلغاء عدد من المحاكمات السياسية كانت جاهزة. وحسب مصدر حزب الاستقلال فإن إعدام سبعة والإفراج عن سبعة هو العمل الوحيد الذي تم في هذا الشأن لحد الآن. والمحاكمات السياسية الجديدة التي مازال يجرى إعدادها تبقى في حالة الهاجس المعَلَّق تنفيذه. ***** تم إرسال هذه البرقية من سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكيةبالرباط إلى وزارة الخارجية بواشنطن بتاريخ سادس عشر فبراير 1974 تحت الرقم00655 RABAT1974: الموضوع : الوضع الأمني في المغرب(2) 1 ـ غرقت الرباطوالقنيطرة خلال الأيام الثلاثة الماضية فى الشائعات حول سلسلة أحداث أثارت القلق في الوضع الأمني وأحدثت حالة من الجزع كما تزعم السلطات التي لجأت إلى فرض حالة جدية من الترقب. والحقيقة أن بعض التدابير الأمنية غير العادية كانت قد اتُّخذت خلال الثمان والأربعين ساعة الأخيرة، بما في ذلك حشد أعداد إضافية من رجال الشرطة حول ملحق السفارة. وزيادة دوريات الشرطة في المدن وحشد المزيد من الشرطة حول المدارس وتفتيش العاملين في دار الاذاعة والتلفزة المغربية عند دخولهم المحطة (والتي هي منشأة رسمية) صباح أمس. ومع ذلك فقد ساد الهدوء فى الرباط وباقي المملكة . 2) ـ تتضمن الشائعة المزاعم التالية : أ) ثلاثة وستون سجينا سياسيا قد تم تهريبهم من السجن المركزي في القنيطرة بداية هذا الأسبوع من طرف مجموعة من الرجال المقنعين في هيأة ولباس رجال الدرك الملكي . ب) قام بعض طلبة الثانويات بالتهديد بتنفيذ بأعمال أرهابية في المناطق الحضرية موجهة ضد السفارات الأجنبية والمنشئات الحكومية ما لم تقم الحكومة باطلاق سراح المعتقلين السياسيين الذين برأتهم محكمة القنيطرة إثر محاكمات الصيف الماضي وما زالوا مع ذلك محتجزين. ج) تخضع الشرطة حاليا لعملية إعادة تنظيم لتمكينها من تأهيل أكبر لتكون قادرة على التعامل مع أحداث عنف متوقعة. د) تم إغتصاب طالبات في الدارالبيضاء من طرف رجال الشرطة في المخفر والطلبة المضربون يطالبون بتأديب رجال الشرطة هؤلاء. 3 ـ في حين تبدو الشائعات جد مبالغ فيها، فإنها تجد لها بعض الأساس من الحقيقة. فقد نشرت وكالة الأنباء المحلية بأن أولائك الذين برأتهم محاكمة القنيطرة في الصيف الماضي تقررت إعادة متابعتهم في قضايا تمس أمن الدولة. ويبدو أن الأشخاص الذين ورد ذكر أسمائهم في البيان الذي أصدرته وزارة الداخلية يوم 6 فبراير الماضي باعتبارهم أعضاء في خلايا إرهابية يديرها محمد البصري القيادي في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وتتضمن الاتهامات الموجة إليهم : أعمال تمس بأمن الدولة، تجمع غير قانوني، محاولة الهجوم على سجن القنيطرة والتكتم على جرائم وعدم الإعلان عنها رغم العلم بها. والسلطات الأمنية المغربية غالبا ما استخدمت خيالا خصبا في مثل هذه الأمور في السابق؛ مما يجعل من الصعب التصديق هل محاولة الهجوم على السجن حدثت بالفعل أم لا؛ ولكن حقيقة ما ذكر في لائحة الاتهام قد يكون وراء إطلاق الشائعات. 4 ـ وحقيقي أيضا أن الطلبة في الدارالبيضاء قد اهتاجوا وامتدت حركة هيجانهم على نحو أقل إلى الرباط على خلفية ما شاع عن اغتصاب طالبات الثانويات في مخفر الشرطة. ونحن لانعرف عما إذا كان الطلبة جادين في حديثهم عن اعتزام شن حملة إرهابية مالم يتم الإفراج عن المعتقلين السياسيين. ولكن يبقى من الممكن جدا أن مثل هذه التصريحات ذات الطابع التصعيدي لدرجة الوحشية قد أدلى بها أحدهم. وعلى أية حال، يعتقد أن التعزيزات الاستثنائية للشرطة قد كان وراءها الاعتقاد بأنه قد يكون ثمة رد فعل شعبي؛ خاصة من قبل الطلبة، عندما تتم إعادة محاكمة أولائك الذين سبق أن أعلنت براءتهم في القنيطرة .وقد بدأ استنطاق المتهمين من طرف قاضي التحقيق حسب التعليمات يوم الرابع عشر من فبراير؛ وهو ما يفسر سبب سريان الشائعة في ذلك اليوم بالذات. وقد تكون السلطات أيضا منشغلة بردود الفعل المحتملة على ما أعلن أمس من أن المحكمة العليا قد أيدت أحكام الإعدام الصادرة في حق ستة آخرين، سبق أن حكم عليهم في الصيف الماضي كذلك ثم أعيدت محاكمتهم في يناير الأخير. وفيما يخص إعادة هيكلة أجهزة الشرطة، فإنه يبدو بأن هناك بعض التغييرات قد تمت بالفعل ولكنها مازالت غير واضحة بعد.