مع حلول الصيف، تكثر المهرجانات في مختلف المدن المغربية، ترصد لها أموال طائلة يستأثر الأجانب بالقسط الوافر منها، ويغلب عليها الغناء والرقص، وما يختلط بهما، وما يحوم حولهما من (مخدرات وسكر علني، وتحرش بالنساء، وعنف، وإزعاج المواطنين، كما هو معتاد) . ولئن كانت المجتمعات البشرية قد اتخذت لها مواسم وأسواق ومناسبات للترويح والتنشيط وفق خصوصياتها وأنماط عيشها وهويتها، فإن ما يثير القلق أن هذا النمط من المهرجانات التي اكتسحت الساحة المغربية أصبح لدى البعض، على ما يبدو، سياسة مقصودة تعمل على التمكين لنمط ثقافي وسلوكي مستورد ، بدعوى تشجيع المواهب الفنية، ومواجهة الغلو والتطرف، أو تعمل على إلهاء الناس وشغلهم وصرف نظرهم عن واقع اقتصادي واجتماعي لا يرتفع، مستخدمين في ذلك وسائل الإعلام العمومية التي تموّل من جيوب الشعب. ولأن الهدف الصريح، كما يدّعي ذلك القائمون على مثل هذه المهرجانات، هو الترويح عن المغاربة وتمتيعهم بالفرجة وكذا الدعاية للمنتوج السياحي المغربي، وخدمة أهداف المغرب للوصول إلى 10 مليون سائح بحلول سنة ,2010 لا غيره، فإن التنبيه على الانعكاسات التربوية والأخلاقية والاجتماعية، يؤخذ على محمل غير الذي يتم التنبيه عليه عادة. وبين الاتجاهين يمرّ سيل من القيم التي لا تسهم في الحصانة التربوية والثقافية للمجتمع، بل يمس في هويته، في عالم أصبح فيه صراع الهويات محتدما. فماذا يكسب المغرب من المهرجانات وماذا يخسر؟ وهل ثمة سياسة مقصودة تستهدف أخلاق المجتمع وقيمه؟ وما رأي المجتمع بنخبه ومواطنيه في هذه المهرجانات؟ هذه الأسئلة وغيرها يناقشها مفكرون وفنانون وكتاب، في هذا الملف، وفيه أيضا رأي الشارع المغربي من هذه المهرجانات ومطالبه.