والداي يريدان مني أن أتزوج بابنة عمي في حين انني لا أحبها ولم اتصور أنني قد أتزوجها في يوم من الأيام، وقد اخترت زوجة تناسبني لكنهم رفضوها لأنها ليست من العائلة ولا يعرفونها جيدا، أجد نفسي في حيرة بالغة فهل أعصي والداي وأتزوج بمن أحب أم أن من واجبي طاعتهما حتى وإن كان في ذلك تعاستي؟ الزواج نعمة إلهية وسنة كونية وعلاقة إنسانية، واختيار الزوج أو الزوجة ركن ركين وأس مكين لقيام حياة زوجية مستقرة.. والمعني الأول في الاختيار هو الزوج والزوجة.. لأنهما اللذان سيعيشان هذه الحياة بكل آمالها وآلامها وأحلامها، حلوها ومرها فرحا وحزنا، يسرا وعسرا، شدة وضيقا. وتلك هي الحياة الزوجية، تعاش بصبر ومصابرة ومودة ورحمة. وعليه، فلا يجوز شرعا ولا عقلا ولا تربية أن يُرغم الإبن على الزواج من ابنة عمه لمجرد أنها ابنة عمه، ولكن يتزوجها لأنه يرغب في الزواج منها. وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم زواج إحدى البنات من ابن عمها، فقد جاءت إليه وقالت له: إن أبي زوجني من ابن عمي يرفع بي خسيسته (فقره) وأنا له كارهة، فرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الزواج وجعل الأمر لها فقالت البنت: قد أجزت ما فعل أبي إلا أنني أردت أن تعلم النساء أنه ليس للرجال في هذا الأمر شيء بمعنى أنه لا يجوز للولي ولو كان أباً أن يُرغِم ابنته من الزواج ممن لا تريد. فاختيار الزوجة شأن المقبل على الزواج، ويبقى رضا الوالدين أمرا مهما تكريما لهما ورعاية لحقهما للمحافظة على التناسق الأسري، وانتظام الزوجة داخل أسرتها الجديدة. وبناء عليه، عليك أخي أن تحاول ما استطعت إرضاء والديك دون الإخلال بحقك في اختيار الزوجة المناسبة مستحضرا دور والديك في الاختيار في إطار الاستشارة وخصوصا إذا كانت الفتاة التي تريد الزواج منها متصفة بالتدين وحسن الخلق، امتثالا لقول الحبيب صلى الله عليه وسلم فاظفر بذات الدين تربت يداك. والله أعلم