أوصى المشاركون في الملتقى الوطني الأول للإعلام والاتصال بمراكش بضرورة التشبت بالهوية المغربية، وعدم الوقوع في فخ الترويج للرداءة من خلال استعمال لغة هجينة، لا ترقى بالمواطن إلى مستويات مطلوبة، كما طالبوا برد الاعتبار إلى المنشط الإعلامي ومحاربة مظاهر الابتذال التي بدأت تتسرب إلى ميدانه. كما دعا المشاركون المسؤولين في كل من القطب العمومي (القناة الأولى والثانية)، والمتعهدين الخواص للاستفادة من تجارب وخبرات الجيل الأول. كما طالبوا السلطات المعنية بالشروع في إجراء تقييم عام ودقيق لتجربة تحرير المشهد السمعي البصري قبل منح تراخيص للجيل الجديد من الإذاعات والمحطات التلفزيونية، وتم المناداة إلى دسترة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في المغرب (الهاكا) وإخضاع التعيين بها إلى معايير موضوعية وفي مقدمتها الكفاءة المهنية والخبرة، وإعادة النظر في القانون المنشئ للهاكا من بشكل يجعل من تقنين المضامين جزء رئيسيا من وظائفها، في مقابل السهر على تعيين مديري أكفاء على رأس المؤسسات الإعلامية المنشأة، والاهتمام بالعنصر البشري في هذه المؤسسات عبر التكوين والتكوين المستمر، خاصة في المجال التقني الذي يعاني منه المغرب كثيرا. واعتبر المشاركون أيضا أن إعادة الاعتبار المادي والمعنوي لجيل الرواد من الإعلاميين أمر هام، مع دعوتهم لخلق إطار للتواصل مع جيل الإعلاميين الشباب من جهة ومخاطبة جهات المعنية من جهة أخرى. وعرف الملتقى الذي نظمه نادي الصحافة والاتصال بمراكش، بتنسيق مع الجمعية المغربية للصحافة تحرير القطاع السمعي البصري بالمغرب، الواقع والآفاق ما بين 17 و20 يناير الجاري حضور عدد من المهتمين وجمعية صحافيي غرناطة، فيما غاب عنه عدد من المتعهدين، ووزراء التربية والاتصال والثقافة الذي استدعوا لتكريم كل مليكة الملياني(السيدة ليلى) وخالد مشبال وأحمد الريفي، ورشيد صباحي ومحمد بن ددوش، فيما قالت مصادر مطلعة إن غياب الوزراء كان ردة فعل لعدم إعلامهم في وقت كاف. وتضمن اللقاء ورشتين تداول فيها الحاضرون قراءة في السياق التاريخي والإعلامي والسياسي لتحرير القطاع السمعي البصري، وتقييم تجربة التحرير بعد مرور سنة ونصف السنة من انطلاق المحطات الإذاعية والتلفزيونية، نظر إلى كل ذلك كما جاء في بيان الملتقى من زوايا متعددة بلغت حدة التناقض، والذي رأى فيه المنظمون تناقضا إيجابيا سيساعد في إغناء هذه التجربة الفتية، كما اعتبروا أن قرار التحرير هو مكسب للإعلام وللإعلاميين بل لكل المواطنين المغاربة، لأنه حق من حقوق الإنسان. وانبرى خلال الملتقى اتجاهين في تقييم تجربة التحرير الفتية، اتجاه يرى أن التجربة متواضعة وأنها لا تشكل قيمة حقيقة في المشهد السمعي البصري، واعتبر هذا الفريق وفي مقدمتهم يحيى اليحياوي وعبد اللطيف حسني، أن قرار التحرير كان من أجل التحرير فقط، ولم يكن محكوما بتصور مسبق أو دراسة متأنية وعلمية دقيقة، كما سجل على الظهير المنشئ للهاكا أنه لم يرق بها إلى مستوى المؤسسة الدستورية وأن الهاجس الأمني حكمها منذ البداية. أما المدافعون عن التجربة أنها شكلت رافعة من روافع التعدد في مشهد السمعي البصري، وأن قرار التحرير في حد ذاته يعد مكسبا مهما للمشتغلين في القطاع، وأنه جاء في سياق التطورات الإيجابية التي يعرفها المغرب في المشهد السياسي عموما، وفي مجال حقوق الإنسان خاصة وضمنه الحق في التعبير والإعلام، كما قال ممثلون عن الهاكا إن تجربة هذه المؤسسة تعتبر رائدة على المستويين الإقليمي والعربي، في حين دعا البعض إلى عدم التسرع واللجوء إلى الأحكام المسبقة، نظرا إلى أن لم يمر عليها سوى سنة ونصف السنة. جدير بالذكر أن المشاركين أوصوا إلى تحويل الملتقى إلى تقليد سنوي منفتح على كل الفاعلين الإعلاميين، ودعوة جميع الفاعلين الإعلاميين إلى احتضانه ورعايته خلال محطاته القادمة، كما دعا المنظمون النقابة الوطنية للصحافة إلى تدعيم هذا الملتقى باعتباره عملا موازيا للعمل في الإطار النقابي.