يؤكد جامع المعتصم المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن المسار الذي مرّ منه القانون المتعلق بتحويل المكتب الشريف للفوسفاط كان مسارات استثنائيا، بحيث لم يحترم القواعد المطلوب مراعاتها في مناقشة مشاريع القوانين، من تمكين البرلمانيين من جميع الوثائق الضرورية، وأضاف المعتصم في أن تسريع الحكومة لتمرير القانون بالبرلمان يخفي وراءه الرغبة في طي الاختلالات التي عرفتها هذه المؤسسة، لكونها لم تكن تدبر بالشفافية اللازمة، وفيما يلي نص الحوار: كيفت تقيّم المسار الذي مرّ به قانون تحويل المكتب الشريف للفوسفاط إلى شركة مساهمة؟ المسار الذي مرّ به هذا القانون رقم 07,46 المتعلق بتحويل المكتب الشريف للفوسفاط إلى شركة مساهمة، هو مسار استثنائي، بحيث لم يحترم القواعد المطلوب اعتمادها في دراسة مشروع قانون معين، خاصة فيما يخص الوثائق المصاحبة لدراسة هذا القانون، وخاصة تلك التي طالبنا بها بشكل رسمي، ومنها الوثيقة الأهم المتعلقة بالاتفاق الثلاثي الموقع بين الدولة والمكتب الشريف للفوسفاط وصندوق الإيداع والتدبير، والتي مع كامل الأسف، لم نتوصل بها حتى آخر الدورة التشريعية، حيث أرادت الحكومة أن تمرّر هذا القانون، دون أن توفر المعطيات والوثائق الضرورية. هل تسريع تمرير هذا القانون بهذا الشكل غير المعهود وراءه الرغبة في طي الاختلالات التي عرفها المكتب؟ طبعا، البرلمان إذا صادق على هذا القانون بمعزل عن معرفة الوضعية الحقيقية للمكتب الشريف للفوسفاط، خاصة وأن عملية فتح الرأسمال تدخل في إطار إعادة الهيكلة، وهذه الأخيرة دليل على وجود أزمة، وهذا يعني أن هذه المكتب الشريف للفوسفاط يعاني بدوره من أزمة حقيقية من الناحية المالية، ولذلك لجأ إلى مؤسسة أخرى لكي تنقذه منها، لكن للأسف حلّ هذه الأزمة لم تُوفَّر عنها معطيات كافية للبرلمان ليساهم بدوره في تجاوزها، وليتخذ موقفه المناسب منها، وهذا القانون هو تتويج للقرار الذي اتخذته الأطراف الثلاثة ممثلة في الدولة وصندوق الإيداع والتدبير والمكتب الشريف للفوسفاط في 19 يوليو ,2007 وألزمت بمقتضاه البرلمان بأن يتخلى عن الإتاوة المفروضة على استغلال الفوسفاط المؤداة عند التصدير في قانون المالية لهذه السنة، واليوم تلزمه بأن يسمح لهذه المؤسسة أن تفتح رأسمالها، ولا شك أن من تخوفات البرلمانيين هو أن يكون ذلك مقدمة لخوصصة هذه المؤسسة في المستقبل القريب. ألا يطرح هذا مشكل الشفافية في تدبير المكتب من طرف الحكومة؟ طبعا هذا الإشكال هو الذي عبرت عنه الوزيرة حينما قدّمت عرضها بلجنة المالية والتنمية الجهوية بمجلس المستشارين، وقالت فيه إن من مبررات اللجوء إلى شركة مساهمة هو الرّفع من قدر الشفافية بالنسبة للمكتب، ونحن قلنا إن هذا اعتراف ضمني من الوزيرة بأن هذه المؤسسة لم تكن تدبر بالشكل الشفاف واللازم، والدليل على ذلك عدم تقديم المعطيات والوثائق اللازمة عند مدارسة المشروع في البرلمان. هل ترون أن عملية التحويل ستضمن حقوق المستخدمين والمأجورين في إطار الشركة الجديدة؟ أنا أعتقد أن هذه إحدى القضايا التي أخذتها الحكومة بعين الاعتبار، تخوفا من أن تُحدث عملية التحويل إشكالات أكبر منها، بالاتكاء على مسألة الأزمة وتبرير الوضع، فالحكومة حاولت أن تفي بالتزاماتها تجاه المستخدمين فيما يتعلق بصندوق الداخلي للتقاعد، الذي أدت له 34 مليار درهم، كما أننا في مجلس المستشارين أكدنا على ضرورة الاطلاع على الوثيقة الثلاثية الموقعة بين الدولة والمكتب الشريف للفوسفاط وصندوق الإيداع والتدبير، والتي قالت الحكومة إنها وثيقة سرّية، وسجلنا هذا في محضر الجلسة، واعتبرنا من غير المعقول أن تعطى صفة السرية لوثيقة تربط بين الدولة ومؤسستين عموميتين، وجميعهم يخضعون لمراقبة البرلمان، لكن كما قلت فقد اطلعنا على الوثيقة في إطار لجينة مصغرة، وأثبتت هذه الوثيقة أن الأطراف ستلتزم بتنفيذ التزاماتها تجاه المستخدمين فيما يخص حقوقهم في التقاعد، لكن ما أثرته في الجلسة مع الوزيرة الوصية، هو المستخدمين الجدد، لأنه صاروا في نظام واحد مع المتقاعدين القدامى، لكن بأسلوبين مختلفين، وهذا سيطرح إشكال على الحكومة بعد 10 سنوات، وقلنا للحكومة عليها أن تستبق الإشكال، لأنه حينها سيطرح الإشكال للفئات الجديدة التي لا بد أن يكون لها دور في التدبير والتسيير، لكنها ليست محفزة في التقاعد، ومن هنا طالبنا بأن تجتهد الحكومة بإيجاد تركيبة مالية لهذا الإشكال قبل أن يتفاقم. هل ترون أن المشروع الذي قدمته الحكومة كفيل بأن يخلص المكتب الشريف للفوسفاط بعد تحوله إلى شركة من الاختلالات التي يعاني منها، وأن يشكل رافعة لعملية التنمية في المغرب؟ أنا أعتقد أن وضعية الشركات المساهمة يلزمها في إطار مقتضيات القانون بأن تكون في وضع أكثر شفافية على مستوى السوق الوطنية، وكذا على مستوى السوق الدولية لأنه لا يمكن أن تنمو استثماراتها إلا إذا كانت على قدر كبير من الشفافية، ولذلك إذا احترمت مقتضيات القانون، فأعتقد أنه يمكن أن يكون الوضع أحسن، لكن ما يمكن أن نشير إليه أيضا، هو أننا طالبنا في مجلس المستشارين أن لا يفتح رأسمال الشركة أمام الخواص، حتى يكون هناك سدّا منيعا أمام خوصصة هذه المؤسسة التي يجب أن تبقى مؤسسة للدولة وللقطاع العام، أما بالنسبة للتنمية فهذا من بين ما ركزنا عليه، إذ أن هذه المؤسسة كان يجب أن تركز على البحث العلمي لكي تساهم في تنمية هذه الثروة الوطنية، ونحن قلنا إن هذه الشركة لا يكفي فيها أن تصدر الفوسفاط الخام، بل المفروض أن تعيد تثمين هذه الثروة على الصعيد الوطني، وهذا سيساهم في الرفع من القيمة المضافة لهذه المادة وطنيا، وسيكون لها دور في عملية التنمية، إذا كان هناك اهتمام بالبحث العلمي في مستوى عالي، والمكتب يتوفر على أطر وطاقات مؤهلة للقيام بذلك، تحتاج فقط إلى تحفيز وعناية لكي تجتهد في الابتكار بما يثمن هذه الثروة الوطنية.