تكشف الوثيقة الخاصة بالتحركات الموريتانية للحصول على الصحراء جوانب شبه مجهولة حول قضية الصحراء المغربية، منها أن شروط الانسحاب الإسباني نضجت قبل صدور قرار محكمة العدل الدولية لرأيها الاستشاري حول الموضوع، وأن المغرب لم يكن في تنافس مع الجزائر وحدها بل إن موريتانيا كانت تعمل بشكل سري لضمان الحصول على الصحراء إن نضجت الظروف لذلك، واتجهت من أجللك إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية مستغلة زيارة الرئيس الأمريكي جيرالد فورد، أما إسبانيا فكانت متأرجحة بين خيارات عدة تبدأ من تكوين دويلة وتنتهي بتسليم الصحراء لأي طرف آخر، أما الوثيقة الثانية فتعكس جانب من التعقيدات التي تحكم تعيين سفراء الولاياتالمتحدة من خلال سرد المحاولة الفاشلة لتعيين روبرت ستراوز هوبي كسفير لأمريكا بالمغرب دون أن يتمكن البيت الأبيض من انتزاع مصادقة مجلس الشيوخ عليه بسبب من المعارضة الشرسة للسيناتور فولبرايت، رغم المساعي السرية التي تمت والتي بلغ مداها المغرب بالنظر للرأي المعتبر للملك الراحل الحسن الثاني في الموضوع، وللعلم فإن هوبي سبق له أن عمل مستشارا في السياسة الخارجية لحملة الرئيس نيكسون في ,1968 وتم تعيينه بعد هذه المحاولة الفاشلة سفيرا لأمريكا بسيرلانكا والمالديف، وبلجيكا في ,1972 والناتو، السويد ثم تركيا، وتوفي في فبراير ,2002 أما العنصر الثالث والدال فهو الحساسية الأمريكية البالغة تجاه موضع العلاقة مع إسرائيل حيث تم العمل على استقدام رئيس بنك أمريكا ورئيس لجنة الرئيس للمساعدة إلى واشنطن حتى يتغيب عن حضور عشاء إسرائيلي حربي، وهو حرص لا يبدو أن أمريكا ما زالت محكومة به في الظرف الراهن، بل على العكس من ذلك هناك دفع صريح للدول العربية للقيام بأعمال التطبيع. تبرز هذه المعطيات أن المغرب كان في صلب السياسة الدولية، وأن قضية الصحراء المغربية كانت محط رهانات وحسابات كبيرة صدرت من أطراف متباينة، مما جعل الموقف المغربي في وضعية حرجة تقتضي استباق كل التحركات المضادة واحتواءها والحيلولة دون نجاحها، نحن لا نتوفر على معطيات هذا التحرك المضاد، لكن مآلات الأحداث كشفت أن موريتانيا سقطت هي الأخرى ضحية هذه الحسابات، وأن المغرب بالمقارنة مع كافة أطراف النزاع خرج بأقل الخسائر الممكنة، وفي ذلك عبرة للفاعلين في القضية اليوم.