بالرغم من مرور 46 يوما على صدور مذكرة لوزارة الداخلية موجهة إلى الولاة والعمال بخصوص إعداد مشروع تعديل التقسيم الجماعي للمملكة، لم تفتح بعد بعض الولايات والعمالات التشاور مع المنتخبين والمجتمع المدني على المستوى المحلي حول إعداد المشروع، كما تنص على ذلك المذكرة، في أفق الإعداد للانتخابات الجماعية لسنة ,2009 وذكر مصدر مطلع لـ التجديد أن بعض الولاة والعمال ألفوا إعداد التقسيم الجماعي دون الرجوع إلى المنتخبين، ويعملون على تنزيل مقتضيات المذكرة وفق فهمهم الخاص. وتطالب المذكرة التي وُجّهت إلى الولاة والعمال بتاريخ 29 نونبر ,2007 بإعادة النظر في التقسيم الجماعي بناء على معايير مجالية وتنموية واجتماعية وبيئية، والقيام بـ التشخيص التشاركي والاستشارة، بهدف إنجاز تقييم موضوعي للتقسيم الموجود، وإعداد مشروع تعديل جديد، بمشاركة المنتخبين المحليين وهيئات المجتمع المدني، وحدّدت المذكرة مدة إعداد المشروع النهائي في 80 يوما مرّ أزيد من نصفها حتى الآن. وتعليقا على ذلك، اعتبر موح رجدالي رئيس جماعة تمارة أن تنصيص المذكرة على إشراك المنتخبين والمجتمع المدني يعد سابقة من نوعها، ومن شأنه أن يدعم الإصلاحات الهادفة إلى دعم الحكامة المحلية، وأكد رجدالي في تصريح لـ >التجديد< أن اعتماد منطق التشاور في إعداد مشروع التعديل الجديد، يجب أن يتجاوز منطق الإرضاء والإقصاء الذي حكم التقسيم الموجود، وأفرز خريطة انتخابية مشوهة، حسب قوله، أدت إلى اختلالات عميقة تتعارض مع مقتضيات التنمية والحكامة المحلية. وإذا كانت وزارة الداخلية تبتغي تجاوز هذه الإشكالات في الانتخابات الجماعية المقبلة (2009)، كما أشار إلى ذلك البلاغ الصادر عنها عقب الاجتماع المنعقد بين وزير الداخلية والولاة والعمال في 20 نونبر ,2007 بـ جعلها محطة متميزة على درب دعم المسلسل اللامركزية ببلادنا يقول البلاغ، فإن ذلك أثار أكثر من إشكال لدى الفاعلين والمتتبعين. يذكر أن من الانتقادات التي توجه لهذا الموضوع هو إقصاء المؤسسة التشريعية منه وحصره بيد وزارة الداخلية، حيث ينظّم بمرسوم وليس بقانون، مما يضرب في مصداقية وموضوعية التقسيم وفي الانتخابات ككل، ويؤدي إلى التحكم وصنع الخريطة السياسية المحلية على المقاس. وتواجه الحكومة الحالية إشكالا عويصا يتمثل في إرجاع الثقة للمواطن في العملية الانتخابية، خاصة بعد تجربة الانتخابات التشريعية لـ 7 شتنبر، والتي شهدت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ المغرب، فسّرت بكونها رسالة احتجاج صامتة تجاه السلطات الوصية، وواقع أفرغ المؤسسات التمثيلية من جدواها، وأفقد الثقة للمواطنين فيها، كما أفرز أزمة سياسية ألقت بظلالها على الدولة والأحزاب، وينتظر أن تشكل الانتخابات الجماعية المقبلة، لحظة لاسترجاع بعض الثقة المفتقدة في السياسة لدى المواطنين.