في خطوة شجاعة، طلبت المملكة العربية السعودية من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عدم اصطحاب خليلته، عارضة الأزياء والمغنية ذات الأصل الإيطالي كارلا بروني خلال الزيارة الرسمية المقرر أن تتم يومالأحد 13 يناير، وعللت المملكة العربية السعودية طلبها حسب ما أفاد به مصدر ديبلوماسي غربي لوكالة الأنباء الألمانية بأسباب شرعية. هذا الموقف الذي اتخذته العربية السعودية فيه أكثر من درس لأكثر من جهة، فهو درس للحكومات العربية التي تجامل الرؤساء الذين يمعنون في تمثل بعض السلوكات الرعناء المستفزة للشعوب المسلمة، وتستقبلهم وتزكي ممارساتهم الفاسدة، وتدوس كل البروتوكولات التي تشترط الزوجية للاستقبال الرسمي، وهو درس أيضا للرؤساء الغربيين الذين يتصورون العالم الإسلامي كأنه مزرعة لهم يستغلون مقدراتها ويعيثون فيها فسادا. لا شك أن الرئيس الفرنسي ساركوزي استقبل الرسالة ببرودة، وفهم أن للمسلمين قيمهم الخاصة بهم، وأن رعونته وطيشه لا يمكن أن يكون مقبولا ومرعيا في دولة إسلامية مثل العربية السعودية، ولذلك، فقد ابتلع الرسالة، وفارق خليلته في هذه الزيارة الرسمية احتراما للاعتبارات الدينية للشعب السعودي. المشكلة أن مصر والأردن، كانتا على الطرف المناقض، وكأن القيم والاعتبارات الشرعية لا وزن لها، إذ ذلت هاتان الحكومتان كل الصعوبات لزيارة ساركوزي وخليلته، وعطلت كل البروتوكولات الرسمية التي تشترط الزوجية، واستفزتا باستقبال ساركوزي وخليلته شعبيهما وقبل ذلك دين الشعبين، وكأن الهم الوحيد والوحد هو إرضاء هذا الرئيس ولو حساب الدوس على القيم والمثل!! الحكومة الهندية كانت على الأقل في مستوى الحدث بطرحها لمشكلة اصطحاب ساركوزي لخليلته في زيارته لنيودلهي، إذ أعلنت الخارجية الهندية أن كارلا بروني خليلة ساركوزي لن تتمكن من مرافقته في المناسبات الرسمية، لأن الصديقة لا تعتبر زوجة وعبرت عن عزمها مناقشة حكومة باريس بهذا الخصوص مؤكدة أن هذه هي المرة الأولى التي تثار لها مثل هذه المشكلة. أما المغرب، فمن حسن حظه، أن زيارة ساركوزي كانت قبل طلاقه، وقبل أن يعلن صداقته بهذه المغنية، وإلا لكانت زيارة ساركوزي بصيغتها الرعناء أمرا محرجا. لقد استطاعت الممكلة العربية السعودية بموقفها هذا أن ترسخ مبدأ عظيما كان له شأن في العلاقات بين الدول الإسلامية والدول الغربية، ذلك أن العلاقات الديبلوماسية لا تبر أبدا استفزاز المشاعر الدينية للشعب المسلم، ولا تبرر التطبيع مع السلوكات الرعناء حتى ولو صدرت من رئيس جمهورية كجمهوية فرنسا.