يبدو موضوع غلاف أسبوعية تيل كيل في عددها الأخير وكأنه وصف لواقع اجتماعي معين، ولمظاهرمعينة لعلاقة من العلاقات الاجتماعية، غيرأن التعمق في الموضوع وسياق التحليل، وربما التوصيف يكشف أن الأسبوعية وفية لخطها التحريري، فيما يتعلق بالتهجم على القيم الاجتماعية والدينية بشكل حربائي وخطير في الوقت نفسه. في عددها الأخير الذي عنونته بأباؤكم أو والديكم تطرقت تيل كيل لموضوع علاقة الأبناء الشباب ذكورا وإناثا بالأباء، وخلصت إلى أن الأباء عموما ينزعون نحو التحكم في أبناءهم وفي تفاصيل حياتهم واختياراتهم المهنية والأسرية ويستغلون مسألة الانفاق المادي، وأنهم يربونهم على أساس أنهم استثمار لهم في المستقبل يستفيدون منهم ماديا بالأساس، وقسمت الشباب إلى مساخيط ومرضيين وصورت الصنف الأول على أنه متمرد وثائر على التقاليد، ونزاع إلى الاستقلالية في تكوين الشخصية لدرجة القطيعة، ونتيجة لذلك فهو يؤدي ثمن اختياره بأن يكون في رأي والديه والمجتمع كذلك مسخوط ، ومن النماذج والأسباب التي ذكرتها الأسبوعية لوضعية المسخوط، كالحمل غير الشرعي وخارج إطار الزواج، اختيار الإبن أن يكون مثلي الجنس وإعلان مثليته، رفض إرسال قسط من المال شهريا. وهي أسباب حسب رأيها اجتماعية أو عرقية وعنصرية. أم الصنف الثاني فصورته في شكل مسالم خاضع حدد لحياته هدفا واضحا هو إرضاء الوالدين بطاعتهما، واتباع توجيهاتهما لاعتباره أنهم يعرفان أكثر منه في الحياة، ويختار الانضباط لنصائحهما والعيش بالقرب منهم نفسيا وجغرافيا ليتبث أنه ممتن لهم كل الوقت، ويتجلى ذلك في طريقة اختيار أسماء أبنائه، وحتى ألوان ستائر البيت وطريقة تربية الأولاد و... وبعد الزواج الذي يعتبره الوالدين تهديد لهما بفقدان ابنهما ، يلجأ مرضي الوالدين للمراوغة والمفاوضة والهدايا للحفاظ على هدوء الوضع وإرضاء الوالدين، وهو الأمر الذي يقع حتى داخل أسر عصرية وتبدو أكثر حوارية مع أبنائها، بحيث تختار بطريقة كوميدية أن تمارس السلطة على الأولاد بطريقة ملتوية، قبل أن يتركوا الكلمة لأبنائهم في القرار بقولها مثلا في اختيا ر اسم الوليد يرضينا هذا ويعجبنا هذا الإسم والقرار النهائي لكم وطبعا الإبن حريص على الرضى فيختار نفس اختيارهم... والأدهى والأمر في الموضوع أن الأسبوعية لم تتوجه لانتقاد سلوكات اجتماعية خاطئة في العلاقة بين الأباء والأولاد، ولم تختر اتجاه تصحيح العلاقة وتغييرها من خلال تصفيتها من كثير من الشوائب والاخطاء من الطرفين، مع الحفاظ على مبدأ التوقير والتقدير وضمان علاقة سليمة ومتوازنة، بل اختارت اتجاه التغيير من خلال إلغاء القيم الاجتماعية والدينية المعقولة الناظمة للعلاقة بين الأباء والأولاد، وذلك بشكل حربائي وملتوي، ويتضح ذلك من خلال قولها مايلي: أن الأباء يمتنون على أولادهم بكونهم ربوهم وانفقوا عليهم وعانوا معهم، ويذكرون ذلك بشكل مستمر بشكل يخلق عندهم عقد الذنب أو الإدانة ويتجلى ذلك في مقولة الله يسمح لينا من الوالدين. صعوبة العلاقة خارج العائلة أو الأسرة صعبة لأن المدرسة والنصوص الدينية المقدسة تجمع على أن طاعة الوالدين واجبة وتمجد قيمة رضا الوالدين باعتبارها قيمة عليا،. والنتيجة أن معارضة الوالدين تبقى صعبة. طبيعي أن يكون وضع العلاقة بين الأبناء والأباء على هذه الشاكلة مادامت الأم قد أعطيت مفتاح الجنة وجعل الأب مقدسا حاضرا وغائبا هل رأيتم والدين التقوا ابنهم المثلي، وتسامحوا مع فتاة تشرب الخمر أو تدخن وتحمل جنينا خارج الزواج ...... وقد ساقت الأسبوعية ذلك وغيره وأوردته في شكل ملاحظات وتساؤلات واستنتاجات محرر الموضوع أو المستجوبين من المختصين في علم النفس وعلم الاجتماع ، لتخلص إلى التساؤل حول إمكانية إيجاد طريق ثالث في العلاقة بين الطرفين دون أن تفصل في هذه الإمكانية التي يراد لها أن تخرج عن خطي المسخوط و المرضي لخط آخر عبر ثورة ثقافية . ومما سبق ومن وراء سطور الموضوع نجد أسبوعية تيل كيل تدعو إلى بناء نموذج أسري جديد لا مكان فيه للتعاون والتآزر، و كل القيم النبيلة والسليمة والدينية التي تحكم العلاقة بين الأبناء والآباء، وفي مايلي بعض معالم ذلك النموذج: أسرة تطلق العنان لأولادها في سن 16 و 17 لاختيار مستقبلهم بشكل مستقل وحر، وما عليها إلا أن تمدهم بالمال، في الوقت الذي تعجز فيه الدولة عن تحملهم وإعطا ئهم منحا كما هو الحال عند المجتمع النموذج بالنسبة للأسبوعية. أسرة لا مكان فيها للعلاقات الحميمية بين الأولاد والأباء و الكل يعمل من اجل نفسه فقط كلا يضرب على عرامه أسرة ينتهي فيها الأباء إلى دار العجزة ولا مكان لهم وسط الأبناء وأسرهم، أسرة تفتقد اللحمة والدفئ الاجتماعي . أسرة يستقبل فيها الوالدين ابنهم المثلي بالزغاريد وتوفير وسائل النظافة والوقاية الطبية. أسرة تستقبل البنت الحامل من طرف عشيق وصديق ببشاشة ومباركة، ولا مانع أن تكون المغامرة الجنسية في البيت بعلم الوالدين. أسرة يتبادل فيها الآباء والأبناء كؤوس الخمرة وعلب السجائر. أسرة لا مكان فيها للأخلاق الدينية ولمفاهيم رضا الوالدين والبر بالوالدين والإحسان إليهما . ولائحة مواصفات الأسرة التي تطرحها الأسبوعية بشكل خفي وأحيانا بتلميح وبدون تصريح طويلة وطويلة جدا، ويحز في نفسها أن مظاهر الحداثة المعطوبة التي تجتاح المجتمع المغربي كما المجتمع العربي والإسلامي لا تستطيع أن تسلخ المجتمع من هويته وتقاليده النبيلة رغم التمرد عليها ومعاكستها أحيانا و... ، بحيث أن المتمردين الأبناء سابقا سرعان ما يمارسون نفس سلوكات أبائهم ويحكمون نفس المنطق بعدما يصبحون آباء بدورهم ، لتخلص الأسبوعية إلى أن المجتمع منجذب بقوة أكثر إلى النموذج السلفي في العلاقات العائلية وخاصة بين الآباء والأبناء. عودا على بدء إن أسبوعية تيل كيل للأسف الكبير لم تعمل على تصحيح سلوكات اجتماعية خاطئة، وفيها كثير من النفاق الاجتماعي، بل سعت بشكل ماكر لاتخاذها ذريعة لطحن كل شيء واستيراد نموذ ج في العلاقات الأسرية عموما أثبت إفلاسه في الغرب، وليس هذا مكان بيان تفاصيله، فالمغاربة يعرفون ذلك جيدا، لذلك فشلت وستفشل كل محاولة حربائية ماكرة للضرب في القيم الاجتماعية الراسخة والأخلاق والنصوص الدينية الناظمة لعلاقة الآباء والأبناء وعلى رأسها قوله تعالى في سورة الإسراء (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ...) وليس هذه أول مرة تحاول فيها الأسبوعية استغلال أخطاء وأفهام وتنزيلات سيئة ومحرفة لعدد من القيم الدينية والاجتماعية لتضرب في الأصول والثوابت، وتأتي عليها من جذورها، في سعي حثيث وحملة ممنهجة للتشكيك في الشعائر والقيم الدينية، وتحقيرها و الدفاع بالمقابل عن الإباحية الجنسية والتطبيع معها بحجة الانفتاح والعصرنة و... فقد سبق لها أن خصصت ملفا من تسع صفحات لعيد الأ ضحى ، واختارت له عنوان مذبحة حيث اعتبرت قصة إبراهيم عليه السلام أسطورة من أساطير الأولين وبعد ذلك في العدد 146 اعتبرت رمضان شهر اللاتسامح بشكل طاعن صراحة في ركن من أركان الإسلام و في الموضوع نفسه سبق لها في العدد99 أن تساءلت متى يأتي اليوم الذي يصبح فيه صيام شهر رمضان أو إفطاره شأنا شخصيا دون تدخل المجتمع أو السلطة، فضلا عن حديثها عن فريضة الحج بشكل غير لائق حيث ضخمت في أحد اعدادها السلوكات السلبية لبعض الحجاج دون ان تتحدث عن فلسفته وجوهره ومقاصده وكون خطأ الحاج لايمس قدسية فريضة الحج. بالموازاة مع ذلك لم تخجل أسبوعييةتيل كيل من ضرب وطعن كثير من المقومات الأخلاقية والدينية للشعب والمجتمع المغربي التي تقوم على الحياء، وتدعو لتكسيرها، وهو ما كان واضحا في العدد 126 المعنون ب احشومة ويلي بصورة جد معبرة عن المقصود المشبوه، وفي السياق نفسه تنشر وبدون حرج ملفات حول المثليين الجنسيين بنبرة الداعي للتطبيع مع مصيبة اللواط والدعاية للفسق والفجور، وهنا يمكن الرجوع للعدد120 تحت عنوان أن تكون جنسيا في المغرب، و 141 تحت عنوان أيها المغاربة كيف تمارسون الجنس، وكل ذلك بصيغة ومقاربة أقرب إلى الدعاية منها إلى العمل الصحفي المهني والمقاربة التربوية العلمية.