تتسارع في المغرب منذ مدة عمليات بناء مجموعات كبيرة مما يسمى بالسكن الاجتماعي، في إطار مشروع ضخم يستهدف محاربة السكن غير اللائق والبناء العشوائي، غير أن المشاريع الكبرى التي يتم إنجازها الآن قد تتحول هي الأخرى إلى بناءات عشوائية إذا لم يؤخذ فيها بعين الاعتبار أنها تبنى لزمن آخر غير زمننا، وبالتالي يجب استشراف حاجيات الساكنة التي سوف تقطن هناك بعد جيل أو جيلين. وإلا فإننا نكون كمن يتخلص من المشكل عوض حله نهائيا، ونورث للأجيال القادمة مشاكل عوض حلول. ولقد اخترنا هذه الندوة التي أنجزتها مجلة ليكسبريس الفرنسية بعد انفجار الضواحي في الخريف الماضي. لعلها تفيد المسؤولين عندنا على تهيئة التراب الوطني للأجيال القادمة في الاستفادة من أخطاء الغير وعدم الوقوع فيها. دومينيك بيربان وزير التجهيز الفرنسي وعمدة شالون سور ساون السابق والمعماري بيرنارريشان الحائز على الجائزة الكبرى في المعمار المدني لسنة 2005 يرفضان أية تبسيطية ويفضلان اقتفاء آثار أخرى... العيش السيء في الضواحي انفجر في واضحة النهار مع اضطرابات الخريف. ولم يعد ممكنا تفادي عودة السؤال ليطرح من جديد: >هل التهيئة المعمارية للمجموعات السكنية الكبرى في ا5لضواحي واحدة من الأسباب؟<. من أجل فتح نقاش صريح في الموضوع جمعت الأسبوعية الفرنسية ليكسبريس رجل سياسة دومينيك بيربان ومهندسا معماريا مدنيا بيرنار ريشان. الأول يعرف الموضوع جيدا؛ فما بين 1983 و2002 كان وزيرا التجهيز الحالي عمدة لجماعةشالون-سور-ساون بمنطقة ساون-و-لوار وهي جماعة محلية يقطنها العمال في الغالب وتحتوي على العديد من المساكن الاجتماعية. وهو اليوم مرشح لعمادة مدينة ليون التي تضم هي الأخرى عدة أحياء صعبة. أما الثاني فهو أيضا يتموقع في موضع جيد بالنسبة للمشكل. فهو يخالط بحكم عمله العديد من الأحياء الراقية مثل الضفة اليسرى من نهر السين أو الأحياء المتواضعة، على مدى التراب الفرنسي من ميتز إلى مونبوليي مرورا بدونكيرك. وهو عضو لجنة الإصلاح المدني(ANRU)، وهو يعتبر اليوم واحدا من أفضل الممارسين الفرنسيين في معمار المدن. وهذا ما تشهد له به الجائزة الكبرى التي نالها من يد دومينيك بيربان نفسه يوم الإثنين ما قبل الماضي 28 دجنبر2005 عن مجموع أعماله. وهما معا متفقان على التأكيد على مسؤولية المعماريين المدنيين في سوء معيشة سكان الأحياء الصعبة. ولكن شريطة عدم استنتاج أنهم وحدهم مسؤولون. سؤال ليكسبريس: هل المعمار المدني واحد من أسباب بؤس الضواحي؟ وبعبارة أخرى هل المعماري لو كوربيسيي الذي خطط لهذه المجموعات السكنية في الضواحي ومعه أتباعه الذين ساروا سيره يمكن اعتبارهم مذنبين، على الأقل جزئيا في أحداث الخريف الأخير؟ بيرنار ريشان: لقد حدد لوكوربيسيي فكرته في نص يسمى ميثاق أثينا، صدر سنة .1942وعندما نعيد قراءة هذا النص نفهم مباشرة عندئذ أين الخلل. لقد تم تصميم المجموعات السكنية الكبرى حسب احتياجات مجتمع صناعي تمت إعادة النظر فيه تماما منذ عشرين سنة. ولقد تمت مع ذلك إعادة بناء مساكن مشابهة جنبا إلى جنب. كما تم تقسيم فضاء الإنسان حسب احتياجاته: هنا مكان العمل، وهناك السكن، و التسوق في هذه الجهة...مبدأ تحديد المناطق هذا أنتج آثارا مأساوية عندما حدثت الأزمة الاقتصادية. فانطلاقا من سنوات 1975/1970 وجد سكان هذه المجموعات الكبرى أنفسهم معزولين عن مناطق عملهم. وشيئا فشيئا، تمكن أولائك الذين وجدوا عملا بعيدا أن يرحلوا عن المجموعات السكنية الكبرى في الضواحي. وتحولت هذه الأحياء إلى مناطق نفي وتهميش، بمعدل بطالة مرتفع جدا ونسبة كبيرة من المهاجرين. لقد تحولت هذه الأحياء إلى منابذ(غيتوهات). دوميدنيك بيربان: أقاسم هذا التحليل الرأي. ففي شالون-سور-سين التي كنت عمدة لها خلال حوالي عشرين سنة هناك 37% من المساكن الاجتماعية. هناك من جهة المدينة القديمة التي بنيت على مر القرون جزءا جزءا. ثم هناك على مسافة أبعد الأحياء الجديدة الشاسعة التي بنيت جملة واحدة في ظرف وجيز؛ منغلقة على نفسها و ومصمَّمة بدون أن تكون لها استمرارية تربطها بالمدينة القديمة. وهذا ما يشعر به المرء مجسدا: يكفي عبور زقاق حتى لا تبقى في نفس العالم. إنه خطأ مأساوي: يجب اليوم إعادة إحداث روابط بين هذه الأحياء و باقي المدينة. سؤال: يبدو أن المساكن تم تصميمها على العموم بشكل جيد. إنه الشارع، الفضاء العمومي هو الذي لم يتم التفكير فيه بشكل جيد؟ بيرنار ريشان: قد يبدو طبعا من السهل الظهور بمظهر صارم اليوم: مطالبة لو كوربيسيي في سنة 1942 بتوقع المعلوميات، والانتقال من المجتمع الصناعي إلى مجتمع الخدمات، والعولمة؛ كل هذا ما كان له أن يُتوقع في ذلك الزمن. ولكن المشكل الوحيد مع ذلك هو أن هذا الرجل المثابر والذي كان ذا نفوذ كبير قد فرض تصوره بدون أدنى معارضة من أحد...وخلال سنوات1950و1960و1970 كان الفضاء يتغير بأسرع من تغير المجتمع. أما اليوم فالمجتمع هو الذي يتغير بأسرع من الفضاء. وبالنسبة للمعماريين المدنيين، فإن الأمر ليس سهلا... دومينيك بيربان: أنا متفق على إعادة موضعة هذا النقاش وفق منظور تاريخي. ذلك لأنه من الواجب التذكير بنقطة مهمة. وهي أن فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية قد اتسمت في فرنسا بهجرة قروية مكثفة. لقد شهدنا أفواجا تصل إلى المدن من أجل العمل تتكون من قرويين كانوا يعيشون من قبل في الحقول لا تتوفر فيها أدنى تجهيزات. وعلى حين غرة اكتشف هؤلاء القرويون القدامى قاعة الحمَّام المنزلية، والمُسخن المركزي، والمصعد، و الرفاه العصري. لقد شهدوا فجأة تقدما مذهلا! وأنا أذكر وأنا تلميذ في إحدى إعداديات مدينة ليون أن أستاذنا أخذنا مرة لزيارة حي لا دوشيرنالذي كان في طور البناء. وهذا من بين الأسباب التي تجعل بعض الأشخاص المسنين يبقون مرتبطين بأحيائهم التي تذكرهم في نفس الوقت بشبابهم وبفترة إيجابية من ترقيهم الاجتماعي. وأذكر سيدة عجوزا في شالون كانت قد استقرت في أحد هذه الأحياء مع زوجها الذي كان عاملا في كوداك. بالنسبة لها كانت هذه المجموعة السكنية الكبرى تمتلك قيمة قوية كثرات. وهذا كذلك من العوامل التي يجب الارتكاز عليها من أجل إيجاد حلول لأزمة الضواحي. بيرنار ريشان: أنا متفق تماما! فمنذ تلك الفترة أصبح العيش في ظروف صحية مكتسبا نهائيا لا محيد عنه. دومينيك بيربان: وننسى أيضا أنه خلال السنوات الثلاثين المجيدة التي تلت الحرب، كان النمو يبلغ 5% أو 6% في السنة. وهذا يعني أن الفرنسيين كانوا يرون مستوى عيشهم يرتفع شيئا فشيئا، وكانوا يرون أنه في استطاعتهم أن يتابعوا ما يمكن تسميته بمسار يعتمد على حياة مقيمة وثابتة. فقد كانوا يبدؤون حياتهم المدنية بالسكن في بيت مشترك(m.l.h.) رخيص الثمن، ثم بعد ذلك يرتقي الواحد منهم ليغادر أحياء السكن المشترك(m.l.h.) ليستقر في شقة صغيرة، ثم بيتا أكبر، وهكذا.وعندما يأتي قادمون جدد يجدون سكنا متواضعا يأويهم ريثما يرتقون كما ارتقى غيرهم. ولكن مع الأزمة الاقتصادية تلقت هذه الأحياء الشعبية ضربة قاضية تمثلت في تصاعد نسبة البطالة. وتحولت هذه الأحياء إلى أماكن انحصر فيها السكان الأكثر عوزا لينضاف إليهم القادمون الجدد وآخرون وآخرون... وهذا بالنسبة لي هو السبب في أن المعمار المدني لم يكن هو السبب الأول في بؤس الضواحي؛ إن السبب الأول هو ضعف النمو الفرنسي منذ ثلاثين سنة. هذا الضعف هو الذي جعل من الصعوبة بمكان استقبال ساكنة معوزة جديدة. سؤال: هل هذا يعني أن الحل الأمثل هو ذلك الذي يفهمه ويأتي به السكان أنفسهم. بيرنار ريشان: ليس من الخطإ القول بأنه على العموم فإن هذه المساكن تم تصميمها جيدا. ولكن الشوارع، والساحات، والفضاءات العمومية هي التي لم يفكر فيها بشكل جيد. يجب تصور الفضاءات العمومية بطريقة أخرى، وإعادة إحداث أماكن حيث يمكن للناس يلتقوا بعضهم، ويجتمعوا. ومن هنا كانت أهمية النقل، والحياة الحركية. دومينيك بيربان: ما قاله بيرنار ريشان منذ قليل شيء مهم جدا: إن أزمة الضواحي لا يمكن اختصارها في المعمار المدني. فهناك أسباب أخرى مثل الجمود، وغياب الشغل، والهجرة. سؤال: مسؤولية المعمار المدني هي في يد العُمَد: ألا يتحملون هم أيضا جزءا من المسؤولية في هذه الأزمة؟ بيرنار ريشان: لا يمكن قول هذا. وأذكركم بأن هذه المسؤولية لم تعط لهم إلا في سنوات الثمانينات من القرن المنصرم، إبان أول عملية لاتمركز.فإذن الدولة هي التي تتحمل المسؤولية في فشل المجموعات السكنية الكبرى، التي تم تصميم أغلبها ما بين سنوات 1950 و.1970 بل إنني أرى أن عملية اللاتمركز في فرنسا قد جعلت المشكل أكثر حدة منه في باقي أوروبا. إن المأخذ الوحيد الذي يمكن أخذه على العُمَد هو ما يمكن أن أسميه رفضا للتوريث.وبالنسبة للعديد من المنتَخَبين فإن هذه المسألة كانت باريس هي التي ترغب فيها وإذن فباريس هي التي عليها أن تحل هذا المشكل. ولقد تأخروا في بعض الأحيان كثيرا في الاستجابة مُدِيمين بذلك حالات استثنائية. سؤال: مخطط بورلو يعتزم القيام بالعديد من عمليات الهدم وإعادة البناء، وهو توجه يعارضه بعض المعماريين المدنيين؛ الذين يعتبرون أنه من الأفضل القيام بعمليات إعادة التأهيل... بيرنار ريشان: ليست هناك قاعدة عامة. إننا أمام حالة بحالة، وهو ما يقتضي عملا بحثيا دقيقا جدا، على أعلى مستوى. ومع كامل الأسف نحن نرى هنا وهنالك مكاتب لمؤسسات السكن المشترك يقولون: >هناك مال للهدم؟ نهدم. هناك مال لإعادة التأهيل؟ نعيد التأهيل<. إنه ما أسميه ثقافة التخصيصات المالية، والعمل وفق ما هو موجود. بينما الحاجة هي لرؤية. إنهم لا يفكرون بل يفعلون ما يبدو أنه يساير ذوق الحقبة الزمنية. أحيانا قد يكون من المفيد الهدم، ولو كان ذلك فقط من أجل منح الناس ما أسميه بالحق في السماء. وهنا أفكر في حي سان برييست في ضاحية مدينة ليون حيث يوجد حاجز يحمل إسم حاجز الآلبإنه إسم على غير مسمى: فهذا الحاجز يقطع الفضاء ويمنع الرؤية إلى الجبال! إن هدم هذا الحاجز سوف يكون بمثابة رمز لأفق يعاد منحه للسكان، بكل معاني الكلمة: الرؤية طبعا، ولكن كذلك الفضاء، والحركية، و إمكانية توظيف الساحة، إلخ. إن ضمان الاتصالية المدنية حتى تنفتح هذه الأحياء على باقي ساكنة المدينة يجب أن يكون أحد الأهداف الأساسية للتجديد المدني. دومينيك بيربان: إنني أوافقك الرأي: يجب إيجاد الحل المناسب لكل حالة على حدة. ففي شالون كنت قد مارست الهدم في بعض الأماكن؛ ولكن في أماكن أخرى عارضت ذلك. إن أحد مفاتيح النجاح يكمن في نظري في الأخذ برغبة السكان. إنني أتذكر حيا حيث كان منتظرا هدم أحد البروج. ولم يكن السكان يريدون ذلك الهدم، وبعد نقاشات طويلة انتهينا إلى اتباع رأيهم. ولقد انغمسوا في العمل لدرجة أنهم أصبحوا أفضل مدافع عن المشروع! ولهذا فليس كافيا أن تتوفر في مكتبك على أفضل حل تقني تم إيجاده.إن أفضل حل هو ذلك الذي يتفهمه السكان ويدافعون عنه بأنفسهم. سؤال: الفرنسيون معروفون بعشقهم للدار الفردية. هل حل البؤس في الضواحي يمر عبر إعادة التمْدين، بمعنى توطين السكان في قرى قريبة من المدن؟ بيرنار ريشان: إن فكرة البيت في القرية المجاورة للمدينة ربما تكون مغرية من الناحية الفردانية. ولكنها كارثية جماعيا. إن تمدين الضواحي القروية هو تمديد للمدن، وبالتالي تضييع للفضاء، ثم إن السيارة ستصبح هي المتحكم-لأن النقل العمومي ليس ممكنا إلا في المناطق ذات الكثافة السكانية- في السكان وبالتالي سيكثر التلوث؛ بمعنى عكس النمو المستدام! ثم إنني لا أرى أن المدنيين يحلمون جميعهم بالقرية. فبالنسبة للكثيرين هي تساوي حالة من الغم: إنهم يفارقون المدينة لأنها لا تستجيب لمتطلباتهم. ولكنهم كانوا سيبقون فيها لو أنها كانت مصمَّمة بشكل أفضل. دومينيك بيربان: أرى زيادة على ذلك أن المدينة تسمح بشكل أعمق أكثر من القرية بتشكيل مجتمع منسجم انطلاقا من سكان مختلفي الأصول. إنه أساسي إنشاء أماكن للثقافة في هذه الأحياء تسمح للناس بالتلاقي والتعارف. سؤال: هل هذا أمر واقعي؟ دومينيك بيربان: أنظروا إلى الوجبات الغذائية التي تقدم في الأحياء. يمكن اعتبار هذه المبادرات أمرا غير ذي أهمية. ولكنني أراها على العكس من ذلك مهمة جدا. وآخذ مثالا آخر: في شالون، كنت قد أقمت مكتبة بين مجموعات سكنية كبرى، حتى أسهل هذا التمازج. ولقد كانت النتيجة مدهشة جدا، ولكنني كنت مقتنعا بأنه من المفيد إقناع الشالونيين بالتردد بانتظام على الحي الذي توجد به المكتبة والذي لم يكونوا يرتادونه أبدا. سؤال: يبدو أن هذه المكتبة قد تم إحراقها خلال أحداث الخريف الأخير... دومينيك بيربان: ليس صدفة أنها تعرضت جزئيا للتلف. ذلك أن زعماء العصابات الذين كانوا يحاولون تقسيم الحي إلى أجزاء محكومة من طرف كل منهم على حدة لم يكن يعجبهم أن تشتغل مثل هذه المبادرات لأن نجاحها يسيء إلى ممارساتهم. وعندما يعيش حي ما في فوضى، عندما تنصرف السلطات العمومية منه فهذا هو الذي يريحهم. وفي رأيي هذا سبب إضافي للاستمرار في مثل هذه المبادرات الاجتماعية. بيرنار ريشان: لتفادي التمدد الحضري يبدو لي أن واحدا من الحلول يكمن في تدعيم جمعيات المدن مثل نانت وسان-نازيرو سيت-مونبوليي.هذه المدن المزدوجة أو المتعددة القطبية يمكنها أن تسهم في تفادي إعادة أنتاج الأخطاء الباريسية والأخطاء التي ارتكبت في الأقاليم الأخرى:حيث هناك مدن مختبرية بمشاكل نقل عويصة وبمركز راقِ يجلب الثروات مع مناطق إهمال وتهميش في الضواحي. إن المستقبل هو للمدن متعددة المراكز مثل التي تحدثنا عنها. دومينيك بيربان: بيرنار ريشان معه حق: فمع تنمية التمدن سوف تصبح لدينا مدن كبرى مهمة جدا. ومن أجل التمكن من مراقبتها يجب أن يكون لها عدة مراكز. وهذا ما أراه بالنسبة للحاضرة الليونية: يجب أن يكون هدفا استراتيجيا أن لا ينتهي بنا الأمر إلى نظام وحيد التمركز حول ليون. فهذا سوف يؤدي إلى الاختناق والتردي والتهميش سواء بالنسبة للمركز أو للضواحي. بيرنار ريشان: إننا هنا نتطرق لمفهوم يعتبر مفتاحا: لا يمكن حل مشاكل حي ما بالتفكير فقط داخل الحدود الضيقة لذلك الحي. وآخذ كمثال حي دوبويسون ب ميتز-بورني، الذي يمتد على مسافة خمسة عشر هكتارا. فقد عملنا على منطقة من مائتي هكتار تضم كذلك قرية قديمة، وعمارات صغيرة، ومركزا تجاريا، وحديقة، ومركزا جامعيا، ومدارس، إلخ. وعلى هذا المستوى يمكننا العمل بذكاء على التنقيلات، ومناصب الشغل، والتجهيزات العمومية، إلخ. سؤال: ألا تفيد عملية تمازج الجاليات في هذا؟ بيرنار ريشان: إنها تنمو، ولكنها لم تذهب إلى نهاية الهدف الذي جعلت له. إن التمدين يبقى بين يدي العُمَد، الذين يدافع كل منهم على مصالحه محاولا ترك المشاكل لزملائه. إن الحواضر لا زالت في الأغلب مجرد إضافات لسياسات بلدية متفرقة، بدون انسجام في مجموعها. بينما الواجب هو أن تصبح مناطق لمشاريع موحدة. ولهذا يجب الوصول في يوم ما إلى ضرورة انتخاب رؤساء البلديات بالاقتراع العام المباشر. ومن حسن الحظ أن الآلية الجديدة التي يمنحها بيان الانسجام الترابي، الذي يحدد استغلال الفضاء في تراب ما، تسمح بإعداد المستقبل. سؤال: وهذا ما يعني أن المعماريين المدنيين لا يستطيعون حل كل المشاكل؟ دومينيك بيربان: لا، إضافة إلا أنه في فرنسا ليس هناك الكثير من المعماريين المدنيين. بيرنار ريشان: كما أنه ليس هناك طلبات عليهم أيضا... دومينيك بيربان: هذا صحيح. ولكن يجب أن نعلم أن عمدة مدينة تضم خمسين أو مائة ألف نسمة يجد نفسه في الغالب محرجا عندما يريد أن يوصل مشروعا ما إلى النجاح. فهو ليس محاطا بعدد كافٍ من المساعدين. بيرنار ريشان: بالضبط. يجب معرفة أن المعمار المدني اليوم هو تقريبا بمثابة هواية متقنة بالنسبة للمهندسين المعماريين وليست احترافا. ولقد آن الأوان للرفع من مستوى التشدد في الشروط، سواء بالنسبة للتكوين أو بالنسبة للمطلبيات. هذه الندوة نشرتها ليكسبريس في عددها ليوم الخميس فاتح دجنبر 2005 وأعادت نشرها على موقعها بالإنترنيت يوم الإثنين الأخير ثاني يناير 2006