اعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن المغرب يعرف تباينا في مجال احترام حقوق الإنسان، جاء ذلك في تقريرها العالمي لسنة 2006 الذي قدمته أواخر الأسبوع الماضي. وقالت المنظمة، وهي منظمة حقوقية غير حكومية أمريكية، إن المغرب أنجز خطوات كبيرة نحو معالجة انتهاكات الماضي وأتاح فسحةً مهمةً للمعارضة والاحتجاج العلني في السنوات الأخيرة لكن السلطات تواصل استخدام التشريعات القمعية لمعاقبة الخصوم المسالمين، كما تستخدم الشرطة القوة المفرطة لتفريق المظاهرات. وتطرق التقرير بالإيجاب إلى الإصلاح الذي عرفه قانون الأسرة، لكنه قال إنه مازالت ثمة مخاوف بشأن عدم تعوّد القضاء على هذا الإصلاحات وبشأن عدد من الثغرات القانونية التي تسمح للقضاة باستخدام القواعد الدينية في اتخاذ قراراتهم بشأن القضايا التي لا يشملها النص القانوني. ويرى المتتبعون أن اعتبار المنظمة لجوء القضاء إلى القواعد الفقهية ثغرا قانونيا يعتبر تدخلا في الشأن المغربي لأن المنظمة تعتبر قوانين الأسرة قوانين وضعية في حين أن اللجوء إلى الدين في ما يتعلق بالأسرة بالمغرب محل إجماع وطني. وفي ما يتعلق بعمل هيئة الإنصاف والمصالحة قالت المنظمة إن الهيئة أنجزت بحثها في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والمرتكبة بين عامي 1956 و1999 واستمعت إلى شهادات حوالي 20 ألف من الضحايا وورثتهم، كما نظمت سبع جلسات استماع علنية للضحايا، وأضافت أن منتقدي الهيئة يشيرون إلى أنها لا تستطيع تسمية المرتكبين علناً أو معاقبتهم، الأمر الذي يضعف مساهمتها في إنهاء حالة الإفلات من العقاب. ومن جهة أخرى قال التقرير إن الحكومة المغربية تتسامح إلى حد كبير مع عمل كثير من منظمات حقوق الإنسان الناشطة في الرباط والدار البيضاء، لكن مضايقة نشطاء حقوق الإنسان أكثر شيوعاً في المناطق النائية والمدن الصغيرة. وفي موضوع ملف ما يسمى بالسلفية الجهادية، أوضحت المنظمة الأمريكية أن نسبة اعتقالات من يشتبه بأنهم من الإسلاميين المتطرفين تراجعت في عامي 2004 و,2005 لكن بالمقابل فإن عدة مئات ممن اعتقلوا بعد أحداث 16 ماي من سنة 2003 مازالوا في السجن، وأضاف التقرير أن هؤلاء تم احتجاز كثير منهم لأيام أو أسابيع، في أماكن سرية أثناء استجوابهم، وتعرضوا إلى سوء المعاملة وإلى التعذيب أحياناً، ثم أدينوا بصلتهم بالخلايا الإرهابية عبر محاكماتٍ غير منصفة. وأشار التقرير إلى العفو الملكي الذي شمل 285 من معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية خلال ثلاث مناسبات متتالية. وأضاف التقرير أن التعديل الذي عرفه قانون المسطرة الجنائية في شهر أكتوبر من سنة 2005 الذي يعطي المتهم الحق بالإستئناف مكن من تخفيف الأحكام الصادرة في حق كثير من المتهمين المدانين بموجب قانون مكافحة الإرهاب. يشار إلى ان التقرير تطرق أيضا إلى الوضع في الأقاليم الجنوبية وإلى عمالة الأطفال وإلى واقع حرية الصحافة، إذ تحدث التقرير عن تحرير القطاع السمعي البصري وعن محاكمة مجلة تيل كيل وصحيفة الأسبوعية الجديدة.