فتح قرار وزارة الخارجية الإيطالية نهاية الأسبوع الماضي استدعاء سفير المغرب في روما تاج الدين بادو، وإبلاغه قلق الحكومة الإيطالية من ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من المغرب، ودعوة هذا الأخير إلى التعاون الكامل من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية ، وأثار الموقف الإيطالي أسئلة عديدة عن مدى التعاون الأوروبي مع دول جنوب البحر الأبيض المتوسط، وكذلك عن استراتيجيات مكافحة الهجرة السرية التي تبنتها العديد من الدول ضمنها المغرب. في هذا السياق، أوضح وزير الداخلية الإيطالي جوزبي بيزانو الخميس الماضي أن المغرب صار في الأشهر الأخيرة البوابة المفضلة بالنسبة للأفارقة الذين يعبرون الأراضي الجزائرية وصولاً إلى ليبيا حيث يستقلون البواخر باتجاه سواحل جزيرة صقلية، وكشف بيزانو أن نسبة المهاجرين غير الشرعيين الذي يستخدمون المغرب معبراً قد شهدت زيادة كبيرة في الشهرين الأخيرين، إذ ارتفعت من 4‚2 % إلى 4‚32 %، وأرجع ذلك إلى صعوبة الوصول إلى أوروبا عبر بوابة جبل طارق الرابط بين المغرب وإسبانيا. يأتي الموقف الإيطالي، والذي يدعو إسبانيا ودول شمال إفريقيا إلى التعاون والمتخوف من موجات الهجرة السرية في الربيع المقبل، في سياق التحولات التي تعرفها استراتيجيات تهريب البشر. من جانب آخر أشار وزير الداخلية مصطفى الساهل إبان في معرض مناقشته لميزانية وزارة الداخلية أن 38 % من المهاجرين السريين يتم تأطيرهم من قبل المافيات، بالمقابل أبرز الساهل أن السلطات الأمنية المغربية قامت منذ بداية 2005 إلى غاية 31 أكتوبر الماضي بتفكيك أكثر من 300 شبكة للهجرة السرية، ثم إحباط 27300محاولة للهجرة السرية همت 6600 مغربياً و20700 أجنبياً أغلبهم من دول جنوب الصحراء. في هذا السياق، أوضح عبد الكريم بلكندوز مهتم بقضايا الهجرة أنه يتوجب أخذ الحيطة من الأرقام الواردة في تصريحات المسؤولين الايطاليين، وأعرب بلكندوز في تصريح ل التجديد أن 80 % من المهاجرين السريين الذين يعبرون إلى إيطاليا انطلاقاً من ليبيا يأتون من جنوب الصحراء عبر النيجر، وقلل بلكندوز من احتمال أن يتحول شرق المغرب إلى بوابة جديدة للهجرة السرية نحو أوروبا بعد مضيق جبل طارق وجزر الكناري، وذلك نتيجة لاعتبارات سياسية وجغرافية. من جانب آخر، اعتبر المصدر ذاته أن مواجهة معضلة الهجرة السياسية يجب أن تتأسس على أولوية بناء أدوات تعاون دولية فعالة لمقاربة الإشكاليات من مختلف أبعادها، هكذا يمكن، وفق رأي بلكندوز، أن يشكل الاجتماع الوزاري والذي سيجمع دول المنشأ والممر ودول الاتحاد الأوروبي في ماي المقبل إطارا لمناقشة مختلف قضايا الهجرة، ثم تحديد المسؤوليات من زاوية مقاربة واقعية لتحديات الهجرة غير الشرعية من جوانبها الأمنية والتنموية والحقوقية، وفيما يخص الجانب المغربي فشدد بلكندوز عن استعجالية إخراج المرصد المغربي للنظر في قضايا الهجرة السرية إلى حيز الوجود، وذلك للنظر في قضايا الهجرة السرية بنظرة شمولية وعبر دراسات وإحصائيات دقيقة. بالموازاة مع ذلك، حددت الحكومة الإيطالية في الأسبوع الماضي عدد المهاجرين الجدد الذين سيسمح لهم بدخول البلاد في العام الجاري في 170 ألف نسمة، من بينهم 50 ألف سيوجهون إلى الأعمال الموسمية كالزراعة و45 ألف لمساعدة العجزة والمرضى الإيطاليين، و75 ألف للأشخاص الذين يحصلون على عقد عمل دائم من شركة إيطالية.