خلال الكتاب الخامس، تطرقت مدونة الأسرة لموضوع الوصية وخصصت لها المواد من 277 إلى ,320 مشيرة لشروطها وإجراءات تنفيذها وتنزيلها، وهكذا وسيرا على نهج الحلقات السابقة سنحاول التطرق لهذه المضامين وبمنهجية وأسلوب مبسطة ليسهل تقريب النص القانوني للقارئ. 1 الوصية: المدلول والأحكام والشروط: مدلول الوصية: أدخل المشرع المغربي الوصية من ضمن العقود المشروطة، ذلك أنها عقد يوجب حقا في ثلث مال عاقده يلزم بموته ويشترط في هذا العقد لصحته خلوه من التناقض والتخليط. وللوصية أركان مهمة لابد من توفرها وهي: الموصي والموصى له، والايجاب والقبول والموصى به. بالإضافة إلى شكليات أخرى من دونها لا تكتمل وترتب آثارا قانونية. الموصي ويشترط فيه أن يكون راشدا، غير أن الوصية تصح من المجنون حاله إفاقته ومن السفيه والمعتوه. أ الموصى له: بالحديث عن الموصى له يجب تدقيق الشروط لكونه الطرف المستفيد من الوصية؛ مما قد يعرض مصالح الآخرين للتصرف غير القانوني، وخاصة الورثة وعليه فإن الوارث لا وصية له إلا إذا أجازها بقية الورثة، غير أن لا يمنع من تلقي الإشهاد به< (1) وفي كل الحالات فإن الوصية تصح ل: كل من صح شرعا تملكه للموصى به حقيقة أو حكما. وكل من كان موجودا وقتها أو منتظر الوجود، كما أن الموصى له بشرط فيه: ألا تكون له صفة الوارث وقت موت الموصي مع مراعاة أحكام المادة 280 المذكورة أعلاه. عدم قتله للموصي عمدا إلا إذا أوصى له من جديد. ب الإيجاب والقبول: تنعقد الوصية بإيجاب من جانب واحد هو الموصي. ويصح أن يتم تعليقها وتقيدها بأي شرط شريطة أن يكون صحيحا يحقق مصلحة أحد الطرفين أو كلاهما ولم يكن مخالفا للمقاصد الشرعية. للوصي حق الرجوع في وصيته والغائها ولو التزم بعدم الرجوع فيها، كما له ادخال شروط عليها واشراك الغير فيها والغاء بعضها في صحته أو مرضه، ويقع التعبير عن الرجوع عن الوصية بالقول الصريح أو الضمني. أو بالفعل كبيع العين الموصى بها؛ كما أن هناك أحكام أخرى ترتبط بها وهي: الوصية لغير معين لا تحتاج إلى قبول ولا ترد برد أحد. الوصية لشخص معين ترد برده، إذا كان كامل الأهلية، ويرث ورثته هذا الحق عنه. ولا يعتبر رد الموصى له إلا بعد وفاة الموصي، كما يجوز رد بعض الوصية وقبول بعضها ويجوز كذلك لبعض الموصى لهم كاملي الأهلية وتبطل بالنسبة للمردود والراد فقط. 2) الموصى به: الموصى به هو كل منقول أو عقار أو شيء يصح أن يكون قابلا للملك. ويصح أن يكون الموصى به عينا ويصح أن يكون منفعة لمدة محددة أو مؤبدة، ويتحمل المنتفع نفقات الصيانة. 3) شكل الوصية: تنعقد الوصية، بما يدل عليها من عبارة أو كتابة أو بالإشارة المفهمة إذا كان الموصي عاجزا عنهما. ولكي تكون الوصية صحيحة يشترط أن يصدر بها إشهاد عدلي، أو اشهاد أية جهة رسمية مكلفة بالتوثيق أو يحررها الموصي بخط يده مع إمضائه. وللموصى أن يوجه نسخة من وصيته أو تراجعه عنها للمحكمة قصد فتح ملف خاص بها. يشترط كذلك أن يتضمن عقد الوصية المنعقدة بخط يد الموصي بما يفيد الإذن بتنفيذها. 4) تنفيذ الوصية: الأصل هو أن الوصية تنفذ لمن أسند إليه تنفيذها من قبل الموصي، فإن لم يوجد ولم يتفق الأطراف على تنفيذها يقوم بذلك من يعينه القاضي لهذه الغاية. كل وصية مثقلة بدون الغير لا تنفد إلا بإجازة الدائن الكامل الأهلية أو بسقوط الدين. الثلث المرتبط بالوصية مما تبقى من التركة بعد الوفاء بالحقوق التي تخرج من التركة قبل الوصية. من أوصى لحمل معين وتوفي، فللورثة منفعة الموصى به إلى أن ينفصل حيا فتكون له. من أوصى بشيء معين لشخص ثم أوصى له لآخر اعتبرت الوصية الثانية إلغاء للأولى. إذا مات الموصى له بعد أن انفصل حيا، استحق وصيته، وعد ما استحقه من جملة تركته، ويحيا بالذكر بعد الانحصار. من أوصى لله تعالى ولأعمال البر بدون تعيين جهة معينة صرفت وصيته في وجوه الخير، ويمكن أن تتولى الصرف مؤسسة متخصصة في ذلك قدر الإمكان، كما أو الوصية لأماكن العبادة والمؤسسات الخيرية والعلمية وسائر المصالح العامة، تصرف على عمارتها ومصالحها وفقرائها، وغير ذلك من شؤونها. تصح الوصية لجهة معينة في الجهات التي ينتظر وجودها (محتملة الوجود)، فإن تعذر وجودها صرفت الوصية إلى أقرب مجانس لتلك الجهة. خلاصة: إضافة إلى المقتضيات السابقة التي تطرقت إليها المواد من 298 إلى 310 من المدونة فإن الوصية تبطل وفقا لمقتضيات هذه المدونة بما يلي: بموت الموصى له قبل الموصى؛ بهلاك الموصى به المعين قبل وفاة الموصي. برجوع الموصي عن الوصية. برد الموصى له الراشد الوصية بعد وفاة الموصي. (2) 1 المادة 280 من المدونة 2 المادة 314 من المدونة}