قال الدكتور سعد الدين العثماني إنه من الخطأ وضع مقابلة أو تناقض بين الشورى والديمقراطية لأن الشورى مبدأ وليس طريقة للحكم، وأن نماذج تطبيقها في الواقع الإسلامي هو صيغ تاريخية اجتهد المسلمون في وضعها، ولا يمكن إلزام من بعدهم بالجمود عليها . وأكد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في عرض قدمه أمام المشاركين في مؤتمر دولي نظمه بعمان مركز القدس للدراسات السياسية ومؤسسة كونراد ايدناور الألمانية تحت شعار ( نحو شبكة للاصلاح والتغيير في العام العربي) أن الديمقراطية تنزيل وتحقيق لمبدأ الشورى، موضحا أنه إذا كانت الديمقراطية هي أن يحكم الشعب نفسه بطريقة مباشرة وغير مباشرة، فإنه من الخطأ البين تصور أي تعارض بينها وبين الإسلام. وأضاف العثماني في عرضه المعنون ب تصرفات الرسول بالإمامة أو طبيعة الممارسة السياسية في الإسلام ، أن الإسلام لم يضع شكلا محددا للحكم، ولا لمشاركة المواطنين فيه، بل ترك ذلك للإبداع البشري وتطوره حسب ما تمليه مسيرة الإنسان الحضارية، وأن أي شكل جديد يقرب من النموذج المأمول فهو ليس فقط مرحبا به، بل من الواجب دينا ودنيا الاستفادة منه إلى أقصى درجة ممكنة. واعتبر زعيم حزب العدالة والتنمية أن قيام مجتمعات العالم الثالث وفي مقدمتها العالم الإسلامي بملاءمة الديمقراطية مع أنماطها الحضارية أمرا مشروعا، لكون بناء الديمقراطية عملية متواصلة تتكيف مع زمانها ومكانها، وليست وصفة جاهزة يتم استيرادها. وشدد في الوقت نفسه على أن جوهر الديمقراطية هو أن تكون إرادة الشعب هي الحكم، وأنه لا يجوز أن يحكم الناس إلا بما يرتضونه وبالطريقة التي يوافقون عليها، موضحا أن أي تجربة سياسية في التاريخ الإسلامي، ليست نموذجا شرعيا يقاس عليه، وأن مقارباته ولا حتى مصطلحاته ليست جزءا من الشرع أو الدين. وأكد الدكتور سعد الدين العثماني أن إيمان المؤمن بوجوب أمر ديني عليه لا يعطيه الحق بفرضه على الآخرين، بل عليه أن يحاول إقناع الآخرين به حتى يتبناه المجتمع بالطرق الديمقراطية، مشيرا إلى أن هناك أحزاب سياسية في الديمقراطيات الغربية تدافع عن أمور بخلفية دينية لكنها تحاول جعلها قانونا اجتماعيا بالوسائل الديمقراطية . وخلص العثماني إلى أنه ليس من مهمة الدولة أو أي جهة سياسية التدخل في شؤون اعتقاد الناس، وفرض تصورات أو اجتهادات دينية معينة عليهم بقدرما تكمن مهمتها في تدبير الشأن العام في إطار نظام القيم العامة للمجتمع واحترام عقيدة مواطنيها، ملحا على ضرورة أداء الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية واجبها في الإصلاح السياسي. وأبرز سعد الدين العثماني أن المغرب دولة قائمة الذات منذ أكثر من13 قرنا وأنه لم يعان من صدمة سقوط الخلافة كما عانى منها المشرق مشيرا إلى أنه لا معنى للحديث عن إقامة الدولة الإسلامية واستيراد الأدبيات المشرقية في هذا الموضوع لأن الدولة الإسلامية قائمة في المغرب. وأضاف أن المغرب يشهد مسلسل إصلاح سياسي يتم بتوافق وتدرج وعرف انفتاحا سياسيا منذ بداية تسعينيات القرن الماضي وأن المغرب يتميز بحياة سياسية ذات تعدد وحيوية وينهج إصلاحا يعتمد بالأساس على ديناميكية ذاتية مبرزا أن الانتخابات التشريعية التي عرفها المغرب سنة2002 تعتبر خطوة مهمة ومعبرا عن الحاجة إلى توافق في المغرب حول التوصل إلى توازن أكبر في السلطة وتطوير النظام الانتخابي لضمان أكبر نسبة من النزاهة والشفافية. وخلص السيد العثماني في هذا الباب إلى أن معاناة المغرب ليست سياسية بقدر ما هي معاناة من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية القاسية التي أظهرت الحاجة إلى إقرار عدالة اجتماعية . يذكر أن مؤتمر (نحو شبكة للاصلاح والتغيير في العالم العربي) الذي انطلقت أشغاله أول أمس يعرف مشاركة عدد من النواب البرلمانيين والجامعيين والاعلاميين والكتاب والباحثين وفعاليات المجتمع المدني بالوطن العربي وأوروبا. وناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام مواضيع تتعلق بالاصلاح السياسي من حيث مفهومه وفرص بناء رؤية مشتركة ومبادرات الاصلاح العربية والغربية بالاضافة الى الاسلام السياسي وتحديات الاصلاح في العالم العربي وكذا أثر الصراعات الاقليمية على عملية الاصلاح في العالم العربي ودور مؤسسات المجتمع المدني في عملية الاصلاح الديمقراطي تدارس امكانية اطلاق الشبكة العربية للاصلاح.