يدّعي خصوم الإسلام أن هذا الدين لم يهتم بأمور تدبير الحياة الدنيوية، ولم يرشد إلى نظام سياسي له ثوابت واضحة ولذلك فهم يزعمون أنه مجرد علاقة وجدانية بين العبد وربه، لا دخل له في تنظيم الحياة، وسياسة الحكم، وتسيير دواليب الدولة ومرافق المجتمع؛ يزعم هؤلاء ذلك لأجل التمكين للعلمانية الفاصلة بين الدين والدولة في بلادنا الإسلامية، انبهارا بثقافة غربية، وترويجا لمشاريع ومخططات تغريبية استلابية. كتاب الدكتور إسماعيل الخطيب «في فقه السياسة» الذي صدرت طبعته الثانية بتطوان سنة 1429 2008، تفنيد علمي لهذه المزاعم، وبيان شاف كاف للناس حول هذا الموضوع الحيوي الذي لايعقل أن يسكت عنه الدين الخاتم الكامل الشامل الذي لم يترك جانبا من جوانب الحياة إلا وأرشد الإنسان فيه إلى أقوم السبل. لنصحب المؤلف في رحلته البيانية التبيينية، وشهادته العلمية البالغة، ولنتأمل أدلته وتحليلاته الدقيقة وبحثه المتماسك لتراث فقه السياسة في ديننا، ومفاهيم هذا الفقه، وآفاق وسبل تطبيق مضامينه على الواقع.. ************************* الشورى والديمقراطية.. الإختلاف والإتفاق برزت الدعوة المعاصرة للأخذ عن الغرب في عهد ضعف وانحطاط شامل في العالم الإسلامي، وبرز هذا الإنحطاط في الإستبداد المطلق لدى مَن بيدهم الأمر، مما تسبب في تفشي الفتنة والاضطراب مع ما ينتج عن ذلك من خمود للحركة الفكرية (ص 104). وعوض أن تبرز الدعوة إلى العودة لمنهج الإسلام كما وقع في القرن السادس عندما دعا محمد بن الوليد الطرطوشي (520-451) إلى العودة إلى الشورى، وقال: «أن على الإمام أن يتخذ العلماء والصالحين له بطانة يستشيرهم في أمورهم ويرجح مجالسهم عنده ويميزهم عن سواهم ففي ذلك تدعيم لملكه من جهة، واستمالة لقلوب الرعية من جهة أخرى، لأن العلماء ورثة الأنبياء ورثوا عنهم العلم، ومادام الملك يتصرف في ملك الله ويحكم بشريعته فالواجب عليه إذن أن يستمع إلى نصائح العلماء امتثالا لأمر الله» (سراج الملوك: 97)، وفي القرن الثامن عندما نبه أحمد بن عبدالحليم بن تيمية ( 661728 ) إلى أنه «لا غنى لولي الأمر عن المشاورة فإن الله تعالى أمر بها نبيه» (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية: 163). عوض ذلك برزت دعوات لطائفة من الذين انبهروا بالنظام الديمقراطي الغربي، كرفاعة الطهطاوي (1801 1873) الذي دعا في كتابه «تخليص الإبريز في تلخيص باريز» إلى تقليد الفرنجة في نظام حكمها، معتبرا أن مايسمى في فرنسا بالحرية هو عين العدل والإنصاف». وكخير الدين التونسي (1835 1889) الذي تأثر تأثراً عميقا بمبادئ الثورة الفرنسية وأفكارها، ورأى أن سبب قوة الغرب بتنظيماته السياسية، فدعا إلى التعرف على تلك النظم ونقلها إلى العالم الإسلامي (...) وقد كان لهذه الدعوة أثرها في الفكر الحديث حتى أصبح النظام الغربي في الحكم هو المثال الذي ينبغي أن يحتذى عند أكثرية «المفكرين» بل هو الغاية التي تهدف إليها جل الحركات «الإصلاحية» التي ظهرت في العالم الإسلامي. ولما كان هناك من يدعو إلى الأخذ بمنهج الإسلام فقد عمل دعاة التغريب بدعم خارجي على نشر أفكارهم، فظهرت كتابات لتلاميذ المستشرقين كعلي عبدالرازق الذي كتب كتابا بعنوان «الإسلام وأصول الحكم» خلص فيه إلى أن الإسلام «دين» فقط حسب المفهوم الغربي للدين «وإن ما يدعو إليه من وحدة بين المؤمنين به هو وحدة دينية لا وحدة في الحكومة أو في الدولة أو في الترابط السياسي والعلاقات العامة» (د. محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالإستعمار الغربي: 264). ثم جاء طه حسين ليقول في كتابه «الفتنة الكبرى» «إن القرآن لم ينظم أمور السياسة تنظيما مجملا أو مفصلا، وإنما أمر بالعدل والإحسان، وإن النبي نفسه لم يرسم بسنته نظاما معينا للحكم ولا للسياسة، ولم يستخلف على المسلمين أحدا من أصحابه بعهد مكتوب أو غير مكتوب» (الفتنة الكبرى: 25). ويضيف إسماعيل الخطيب: «والواقع أن الذين عمدوا إلى المناداة بالديمقراطية فعلوا ذلك دون نظر فاحص لما يترتب عن توجههم هذا من صرف للأمة عن منهج الإسلام المستمد من الكتاب والسنة والقائم على الشورى. وقد يقول بعضهم: إننا نأخذ من الديمقراطية ما يتلاءم مع الإسلام، كأن نظام الإسلام فيه نقص لا يكتمل إلا بالاستمداد من الأنظمة البشرية، أو كأن الإسلام قابل لأن يتطور، وأن يفسر تفسيرا جديدا ليتفق مع النظام الغربي، وليوافق واقع الحياة الغربية، وهذا الاتجاه هو الذي جعل البعض يذهب إلى أن الديمقراطية «هي الخيار الوحيد المطروح لتنفيذ مبدأ الشورى» أو أنها هي «التجسيد التنظيمي أو الشكلي لمبدأ الشورى». فإذا كنا سنبعد نظام الحكم الإسلامي المتمثل في الشورى لتحل الديمقراطية محله، وإذا كنا سنبعد النظام الاقتصادي في الإسلام ليحل محله النظام الربوي، وإذا كنا سنبعد النظام القضائي الإسلامي القائم على الشريعة المطهرة لتحل محله القوانين الوضعية.. فماذا سيبقى من الإسلام؟ إن هذا ما تهدف إليه «العلمانية»: إقصاء الدين عن الحياة وإبقاء ما اصطلح على تسميته ب «العبادات» وهو أيضا هدف «الديمقراطية»، فالعلمانية والديمقراطية وجهان لعملة واحدة، لذلك كان علينا أن نعرف حقيقة الديمقراطية وأن نوازن بينها وبين الشورى لنعرف معالم الاتفاق والاختلاف بينهما» (ص 107-108). معالم النظام السياسي الإسلامي أوضح المؤلف أن نصوص القرآن العزيز، والسنة المطهرة قد جاءت بمعالم واضحة للنظام السياسي في الإسلام، فمسألة الحكم اعتبرها الإسلام عروة من عراه كالصلاة. قال صلى الله عليه وسلم: «لينقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة» (حديث صحيح أخرجه أحمد والبيهقي والحاكم). ولذلك دعا النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى السير في سياسة الحكم على منهجه ومنهج الخلفاء الراشدين من بعده فقال في موعظته التي رواها العرباض بن سارية: «أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعيش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة» (رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وإسناده صحيح). وقد جاء الوحي بالعلامات البارزة لنظام الحكم والتي لخصها المؤلف في ما يلي مع ذكر الأدلّة من القرآن الكريم والسنة المطهّرة. وهذه العلامات هي: العدل والمسؤولية والحرية (حرية التفكير وحرية الاعتقاد وحرية القول) والمساواة والشورى. «ولما كانت هذه النصوص الواردة في الكتاب والسنة معالم للنظام السياسي في الإسلام كان لابد من الاجتهاد المتواصل من طرف أهل الاختصاص للوصول إلى وضع نظام متكامل للحياة مستمد من الوحي. والشورى هي السبيل إلى تحقيق ذلك، فبواسطتها يتم تحقيق المجتمع القائم على العدل» (ص 111). حقيقة الديمقراطية وبعد أن عرّف المؤلف الشورى، وحكمها ، وبين أنها اجتهاد، وحوار متواصل، وفريضة إسلامية، وتحدّث عن التطبيق المعاصر، وأهل الشورى، وهيكل مجلسها، عرّف الديمقراطية وبيّن أنّها لعبة قال «إذا كانت الديمقراطية هي حكم الشعب بنفسه لنفسه ويتم ذلك من خلال انتخاب من يراه صالحا فلنا أن نتساءل: هل الواقع كذلك؟ هل أفراد الشعب هم الذين يختارون ممثليهم وحكامهم وهم الذين يراقبونهم؟» يجيب المؤلف بوضوح وصراحة: «إنَّ الواقع يثبت غير ذلك، ف «الشعب» ليس حرا في اختياراته. إن المجتمعات اليوم كبرت - خاصة في المدن - وتنوّعت مشاكلها حتى لم يعد الناس يعرف بعضهم بعضا، فإذا جاءت حملة انتخابية نشط أصحاب القرار الحقيقي، وهم الحكام، أو أصحاب الثروات والمصالح والنفوذ، فرشحوا من يخدم مصالحهم، أو أشاروا على الأحزاب والنقابات بترشيح من يحظى ب «مباركتهم» ثم عمدوا بعد ذلك إلى تلميع صورته بواسطة أجهزة الإعلام المختلفة. ولذلك فالكلمة الحقيقية ليست للشعب وإنما هي لصناع القرار من أصحاب النفوذ. وفي بعض البلاد يقع اتفاق سري بين الأحزاب والسلطات على إنجاح من يحظى برضا الطرفين دون الالتفات إلى ما حوته صناديق الاقتراع (...) والحملات الانتخابية هي في الواقع حملات للتخدير، حيث تتخللها مقابلات إذاعية، وحفلات وتجمعات خطابية ومهرجانات غنائية، كل ذلك لتوجيه الناخب إلى التصويت على الشخص الذي يريد له أصحاب القرار أن ينجح، وأصحاب القرار في الدول المتقدمة هم الرأسماليون الذين يقومون بتغطية نفقات الحملات الانتخابية ويجعلون المنتخب تحت رحمتهم ورهن إشارتهم. فالواقع أن الناخب ليس حرا في اختياره، بل هو حرّ فقط في وضع الورقة التي وجه مسبقا إلى اختيارها ووضعها في صندوق الانتخابات، كما أن الانتماء الحزبي يفرض على الشخص المنتمي لحزب ما أن يصوت على من اختاره الحزب. وشراء الأصوات - خاصة في دول العالم الثالث - أصبح أمراً رائجاً حيث تدفع مبالغ مالية إلى المصوّتين لقاء تصويتهم لشخص معين أو قضاء بعض مصالحهم، ومن ذلك الوعود الكاذبة التي يطلقها المرشحون وهم يطلبون أصوات الناخبين. وقد تبين أن هذا الاتجاه السائد جعل المتنورين من أفراد الشعب في الدول الديمقراطية يبتعدون عن التصويت ويتركون الأمر لصوت الناخب العامي الذي أصبح بتصويته - على الصورة التي ذكرناها - هو صاحب القرار، أما النخبة من رجال العلم والفكر، فقد دفعت إلى الهامش لتصبح الأمة محكومة من الأسفل لا من الأعلى» (ص 127-126). كما كشف المؤلف عن نسبية الديمقراطية إذ أنها لاتستغرق الحياة السياسية كلها ولاتضمن وحدها لأحد سعادة ولاحرية ولارخاء ولاتعصم الجماعة التي تتبعها من الوقوع في شرور سياسية واجتماعية. كما تحدث عن الديمقراطية والأحزاب التي تقوم -خاصة في البلاد العربية والإسلامية - على أسس يمكن إجمالها في : أحزاب عشائرية، وأحزاب شخصية، وأحزاب الكراسي، والأحزاب العقائدية.. والمؤلف لاينكر المعارضة والحاجة إليها، وإنما يؤكد أنّ المعارضة البناءة الناجحة تستدعي التنظيم والتأطير و«يد الله مع الجماعة» التي تكون قوة يحسب لها. إنّ النظام الحزبي في حد ذاته وسيلة وليس غاية، هو وسيلة للمراقبة والتوجيه، وهو لايمثل طبقة أو جماعة تسعى لتحقيق مصالحها بل هو عبارة عن منظمة تدعو إلى الخير تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، تقول للمحسن أحسنت وإن كان لاينتمي إليها، وتقول للمسيء أسأت وإن كان منها ولاتتعصب لأفرادها ولاتنكر فضل غيرها. وإذا كانت هذه الصفات قلما توجد في المتحزبين فلا ينبغي أن يدفعنا ذلك إلى القول بإلغاء الأحزاب، بل علينا أن نشيع التصوّر الإسلامي للأحزاب. وهي أنها تنظيمات يتعاون أفرادها فيما بينهم على الدعوة إلى الخير ومواجهة كل انحراف، وتبني برامج إصلاحية تهدف إلى تحقيق العدل بين جميع المواطنين والرفع من شأن الوطن، فهي تمثل ضمير الأمة ورغباتها وتطلعاتها نحو مستقبل أحسن وحياة أفضل. وقبل هذا وبعده، فإن الأصول ثابتة، والأحزاب في أوطان المسلمين مقيّدة بأحكام الشريعة، والدساتير التي تنص على أنّ دين الدولة هو الإسلام، فهي تعمل وفق منهج الإسلام وتصوراته» (ص 137-136). هذا، وقد حدّد المؤلف معالم الاختلاف بين الشورى والديمقراطية في اختلاف مصدر النظاميْن إذ تقوم الديمقراطية أساسا على مبدأ فصل الدين عن المجتمع، وولادتها جاءت بعد مفارقة الدين، ومصدر الديمقراطية التشريعي: الإنسان، فهي نظام من وضع البشر، ومنظروها يقولون: الشعب هو المشرع. وهذا ركن أساس في الديمقراطية، أما في النظام الإسلامي فإنّ الشورى توجيه إلهي ولاحق للشعب في التشريع، فالمشرع هو الله سبحانه وتعالى، وهذا خلاف جذري بين الشوري والديمقراطية ففي نظام الإسلام هناك مرجع ثابت يجب على الجميع أن يرجع إليه «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول» أما الأنظمة البشرية فيمكن تغييرها حسب هوى الناس، والفكر الديمقراطي يزعم أن الله سبحانه وتعالى خلق البشر لكنه ترك لهم حرية التشريع لأنهم أدرى باحتياجاتهم! الاختلاف الثاني يتعلق بمفهوم الحرية فالحرية الشخصية في مبدأ الديمقراطية تعني أن للفرد أن يفعل ما يريد دون قيد، ولذلك نجد الدول العريقة في الديمقراطية تسمح بكل أنواع الشذوذ حتى وصل الأمر إلى وضع قوانين تعترف بالعلاقة بين الجنس الواحد. هذه هي الحرية، وهذا هو مفهومها في النظام الديمقراطي فالإنسان سيد الكون، وهو واضع كافة النظم، يضعها بمشيئته وهواه أما الدين فلا شأن له بالدنيا، ولذلك كان أساس الحرية فصل الدين عن الدنيا. فإذا نظرنا إلى مفهوم الحرية في النظام الإسلامي، وجدناها تنبثق من العبودية لله وحده، فالأساس هو العقيدة وما ينبثق عنها من أحكام شرعية لمعالجة مشاكل الحياة ولاقيمة لرأي الناس إذا كان مطلبهم يخالف الحكم الشرعي. الاختلاف الثالث يتعلق بمفهوم «المعارضة». والمعارضة في النظام الديمقراطي كما بين المؤلف مؤسسة تقتضيها اللعبة السياسية، فلابد من وجودها، ولا يمكن تصور نظام ديمقراطي دون أحزاب ودون معارضة. والمعارضة في النظام الديمقراطي هي للمعارضة فلو فرضنا أن الحكومة تسير على منهج أمثل لاتلاحظ عليه أي مخالفة، مع ذلك لابد للمعارضة أن تعارضه وتنتقد حتى الأعمال المجدية النافعة، فهي في هذا المجال «مكابرة» لأنَّ هدفها ليس هو المحاسبة والتوجيه والإصلاح، بل الهدم والتشويه، ليتسنى للمعارضة كسب أصوات الحانقين عند التصويت... بينما السياسة الإسلامية سياسة أخلاقية تقوم على المصلحة الإنسانية، والحاكم قد يقع منه اعوجاج أو خطأ ولابد من إعادته إلى جادة الصواب، وحمله على الالتزام بأوامر الشرع، وقد جاءت النصوص تدعو الى قول الحق عند اللزوم إحقاقا للحق. الاختلاف الرابع حول النظرة للحكم. في الإسلام الحكم أو السيادة أو الحاكمية أصلا لله فالناس مستخلفون عن الله في عمارة الكون وإقامة شريعة الله، وعليهم تنظيما لأمورهم أن يتخذوا من بينهم أميرا أو خليفة أو رئيسا بما يجعل تسلسل السلطة في نظر الإسلام كالآتي: الله الأمة الحاكم. أما الديمقراطية فتنطلق من مبدأ أن الأمة مصدر السلطات بما يجعل تسلسل السلطة فيها كما يلي: الأمة الحاكم. بينما تنطلق الثيوقراطية من مبدأ الحاكم ظل الله في الأرض وخليفته على خلقه، بحيث يصبح تسلسل السلطة هو: الله الحاكم الأمة. ثم إن الشورى أعمق في حياة المسلمين من مجرد أن تكون نظاما سياسيا للدولة، فهي طابع سياسي للجماعة كلها يقوم عليها أمرها (ص 149). وإذا كانت تلكم هي معالم الاختلاف بين الشورى والديمقراطية، فإن المؤلف لم يغفل معالم الاتفاق بينهما وهي التي حددها في: مناهضة الاستبداد أو «الحكم المطلق»، وعدم إقرار الخروج عن النظام، واشتراك الحاكم والمحكوم في مسؤولية الحكم، وضمان الحريات العامة، ليتساءل بعد ذلك: هل يمكن أن يقع تكامل بين الشورى والديمقراطية؟». «إن الدارس لهذين النظامين يتبين له أن هناك فروقا بينة بينهما، لكن هذا الاختلاف لايمنع من التكامل، فالشورى تتميز بالشمول والعموم والمرونة فهي بالتالي قادرة على استيعاب القواعد النظامية التي استحدثتها الديمقراطية. ومن أجمل ما في هذا الكتاب تحليل المؤلف لحقوق الإنسان في شريعة الإسلام من خلال الخطية النبوية الخالدة: خطبة الوداع التي خطبها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مبينا للإنسانية حقوقها الصحيحة المشروعة قبل الإعلان العالمي عن حقوق الإنسان، بل ومطبقا صلى الله عليه وسلم لتلك الحقوق في المجتمع الإسلامي وفي علاقته بالمجتمعات الأخرى، بينما التطبيق هو من أهم ما يعوز ذلك الإعلان العالمي.