قال الأستاذ عبد الإله بنكيران إن المحيط العربي والإسلامي يعرف تحولات إيجابية وصفها بالاستراتيجية، وأجمل عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح في لقاء مفتوح نظمه فرع منظمة التجديد الطلابي مع طلبة جامعة محمد الخامس بالرباط بحي السويسي الخميس الماضي، مؤشرات تلك التحولات في ثلاث عناصر. ويتعلق الأول بالحديث الذي بدأ مؤخرا حول الانسحاب الأمريكي من العراق بطريقة مفاجئة، وأشار بنكيران إلى أن الانسحاب أصبح قاب قوسين أو أدنى، متوقعا أن يتم ذلك بشكل تدريجي، ما دام الامريكيون يتحدثون عن التخفيض، فيما يهم المؤشر الثاني الانسحاب الصهيوني من غزة على وقع الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية، حيث أوضح القيادي في حركة التوحيد والإصلاح أن شارون كان يعتقد بقدرته على القضاء على الانتفاضة في مائة يوم، غير أنه اصطدم بصمود الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن شارون انهزم في مشروعه، مما جعله يغير منهجية تدبير العلاقة مع الفلسطينيين. أما المؤشر الثالث على حصول تحولات إيجابية في العالم العربي والإسلامي ، فيتعلق بنتائج الانتخابات المصرية، إذ اعتبر عبد الإله بنكيران رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن الانتصار الذي حققته جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية التي لم تنته أطوارها بشكل نهائي بعد على الرغم من محدوديته يبقى مهما للغاية، لكونه يشكل اختراقا في جدار التجاهل والتهميش والقمع، الذي مارسه النظام المصري طيلة العقود الماضية، واعتبر أن الانتخابات المصرية الأخيرة ستحدث تحولا جديدا لدى النظام الحاكم في مصر. وفسر الأستاذ عبد الإله بنكيران التحول في مصر بعاملين أساسيين، يتعلق الأول بالنظام الحاكم في مصر، الذي استوعب أهمية وضرورة توسيع هامش الحريات السياسية والانتخابية، لامتصاص التحديات والضغوط الخارجية التي تستهدف البلد، ويهم العامل الثاني جماعة الإخوان المسلمين، الذين استوعبوا بدورهم حجم التحديات والمدى المسموح به من الحرية. وفيما يخص الحركة الاسلامية المغربية، قارب المحاضر السؤال الإشكالي الذي طرح مع بداية العمل الإسلامي في المغرب، أي منهجية التغييرالممكنة، موضحا أن الخيارات التي كانت مطروحة يومها في الساحة الإسلامية، ثلاثة، الخيار الثوري والخيار الانعزالي، وخيار المشاركة والتدافع السلمي، حيث جزم بنكيران أن الخيار الأول لا يمكن أن يغيير المجتمع، وأن الحركات التي امتطت خيار الانقلاب لم تتوصل لأي نتيجة إيجابية، سواء بالنسبة للدعوة والمشروع أو بالنسبة للمجتمع. من جهة أخرى اعتبر عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أن الخيار الثاني يشكل أسوء الخيارات، ليخلص إلى أن الخيار الثالث خيار المشاركة والتدافع السلمي هو الأفضل لأنه خيار واقعي وممكن وموضوعي، مؤكدا في الوقت نفسه انه الخيار الذي انتهجته الحركة الإسلامية بالمغرب. وذكر المحاضر الطلبة الذين حضروا اللقاء المفتوح بكثافة بالتحولات الصعبة التي تمت من أجل القطع مع السرية والثورية، والتحول نحو الايمان بالمشاركة والتغييرالمؤسساتي، في إشارة منه إلى القطع مع الشبيبة الإسلامية وتأسيس جمعية الجماعة الإسلامية التي أصبحت فيما بعد حركة الإصلاح والتجديد وما تلى ذلك من تحولات، بحيث تطلب التحول جهدا مضنيا ليس لإقناع أعضاء التنظيم فقط، بل لإقناع أصحاب السلطة والنفوذ. وأكد الأستاذ بنكيران أن التحول المذكور يشكل مفخرة للحركة الإسلامية في المغرب، تعتز به اليوم، لأنه ساهم في دفع الدولة المغربية إلى أن تكون دولة نموذجية بين الدول العربية والإسلامية في مجال الحريات العامة وحقوق الانسان، رغم بعض التراجعات التي تقع أحيانا. وشدد الأستاذ بنكيران على أن التحدي اليوم وفي المستقبل يكمن في إيجاد سبيل يمكن من تكوين نخبة وطنية أصيلة ونزيهة وشريفة، تساهم في إقامة الدين وبناء مجتمع متحضر.