أصبح المغرب مضطراً في الفترة الحالية إلى اعتماد بدائل جديدة لتوفير حاجيات ساكنته في الأفق المنظور، قبل أن يصل إلى درجة خطيرة من الخصاص تجعل قاطني كبريات مدنه تزود بالماء ثلاثة أيام في الأسبوع، كما يحدث في الجارة الجزائر. ومن البدائل التي بدأ يتزايد إقبال الدول عليها للتغلب على النقص في الماء تقنية تحلية ماء البحر، أما المغرب فما يزال في أول الطريق ويجد نفسه مضطراً إلى التفكير الجدي في مشاريع كبرى للتحلية ستستفيد منها بالدرجة الأولى المدن الساحلية، وكان من أبرز العوائق التي حالت دون اعتماد هذه التقنية هو تكلفتها المالية الباهضة، إذ إن معامل تحلية ماء البحر تستهلك كميات كبيرة من الوقود، وتتطلب تحلية متر مكعب من ماء البحر كلفة أكثر من الطريقة المعتمدة حاليا في معالجة مياه السدود ب3 إلى 10 مرات. ورغم أن المغرب شرع في استغلال بعض الوحدات منذ سنوات الثمانينيات لتحلية ماء البحر في المناطق الجنوبية (طانطان وأكادير)، فإن حجم مساهمتها في الإنتاج الوطني للماء والكهرباء لا يذكر، إلا أن اشتداد حدة تراجع الموارد المائية تدفع المغرب اضطرارا إلى هذه الطريقة، ولتجاوز عائق التكلفة الباهضة لتشغيل معامل التحلية اعتمادا على الوقود، فإن هناك بدائل ينبغي البحث فيها ودراسة جدواها كاستعمال الطاقة الشمسية والنووية. وكان المكتب الوطني للماء الصالح للشرب قد شرع منذ السبعينيات في إنشاء بعض الوحدات الصغيرة محدودة الإنتاج لتحلية الماء المالح في مدن جنوبية، حيث ندرة الماء أشد، إذ أقيمت وحدة في طرفاية سنة ,1975 وأخرى في بوجدور سنة ,1977 ثم ثالثة في سنة 1986 بالسمارة، وفي سنة 1993 تم تقوية تزويد مدينتي بوجدور والعيون بوحدتين لتحلية ماء البحر. وكانت وزارة إعداد التراب الوطني والماء والبيئة قد شددت في ورقة تقديمية للمتلقى المغربي الإسباني حول السياسات الجديدة في مجال الماء، المنعقد بالرباط في 10 أكتوبر الجاري، على أن سياسة بناء السدود الكبرى والاستغلال المكثف للفرش الباطنية «لم يعد بالمقدور الاستمرار فيها بسبب ارتفاع كلفة الاستثمار والاستغلال وحدة التنافس بين مستعملي الماء واستفحال المشاكل البيئية». وأضافت الوزارة أن الاقتصاد الوطني لا طاقة له الآن باستثمارات كبيرة ناتجة عن تجهيز مواقع سدود محدودة المردودية، ونقل الماء من حوض إلى آخر، وتعويض قدرات الخزن المفقودة بفعل توحل السدود، واستغلال فرش مائية باطنية إلى حد الاستنزاف. ويبدو أن خيار التحلية صار الحل الأمثل لإشكالية ندرة موارد المياه العذبة في العالم،. وليس في المغرب فقط، باعتبار أن أكثر من 97 % من المياه المتوفرة على كوكب الأرض مياه مالحة، إلا أن المعضلة الرئيسة تبقى في ارتفاع التكلفة، الناتج عن حاجة معامل التحلية بأسلوبيها الحاليين (التقطير والتناضح المضاد) لكميات ضخمة من الوقود، إلا أن جامعة أمريكية توصلت أخيراً إلى أسلوب أقل كلفة من الأسلوب المعتمد (أسلوب التقطير) حاليا لتحلية مياه البحر، باستخدام طريقة تبخير المياه المالحة بدلاً من التسخين. ويتم في أسلوب التقطير استخدام الحرارة لفصل الملح عن المياه وتحويل الماء المالح إلى كمية من الملح وكمية من الماء، وفي أسلوب التناضح المضاد العكسي تمرر المياه عبر مُرَشِح يمنع مرور الأملاح والمعادن الموجودة في المياه المالحة.