صرح محمد بوزوبع، وزير العدل، أن ثمة إكراهات تحول دون قيام المؤسسات السجنية بدورها، وعلى رأس ذلك الاكتظاظ، الذي يعيق البرامج التربوية والإصلاحية المسطرة، وأوضح في جوابه على سؤال لفريق العدالة والتنمية حول التدابير المتخذة للرفع من مستوى واقع السجون وحفظ كرامة السجناء، أول أمس الأربعاء بمجلس النواب، أن وزارة العدل سطرت برنامجا لتشييد 13 مؤسسة سجنية جديدة ابتداء من سنة ,2006 تتوفر على الشروط الصحية والأمنية، وفيها فضاءات ملائمة لتفعيل البرامج التربوية والأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية المؤهلة للإدماج، إضافة إلى وجود خمسة سجون أخرى في طور الإنجاز، في أفق تغطية الخريطة القضائية بسجون نظامية. من جهة أخرى قال وزير العدل إن وزارته تعمل على تفعيل بعض المقتضيات القانونية التي من شأنها التغلب على ظاهرة الاكتظاظ، من قبيل الإفراج المقيد بشروط، والفصل 53 من القانون الجنائي، بالإضافة إلى توسيع دائرة المستفيدين من العفو الملكي، لتشمل الحالات الإنسانية والاجتماعية من المعتقلين، وهي المقتضيات التي تحفز المعتقلين على الانضباط وتحسين سلوكهم. وبعدما أشار إلى أن رغبة العائلات في بقاء أفرادها المسجونين بالقرب من مقر سكناها تساهم في ظاهرة الاكتظاظ، أكد محمد بوزوبع على أن وزارة العدل تبذل مجهودا لتحويل الميولات الانحرافية للسجناء من خلال تأهيلهم تربويا واجتماعيا، من خلال تخليق الفضاء السجني وأنسنة ظروف الاعتقال، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الوزارة تقوم بتوجيه مذكرات إلى جميع المؤسسات السجنية تحث من خلالها القائمين على تسيير شؤون هذه المؤسسات على تكثيف عمليات تفتيش السجناء والموظفين على حد سواء واقتناء وتجهيز السجون بوسائل المراقبة الأمنية المتطورة لضبط ومراقبة تحركات المعتقلين وأماكن الإيواء وفضاءات الزيارة وكذا قفف المؤونة التي يتوصل عليها السجناء والتي بلغ عددها السنة الماضية مليون و390 ألف و485 قفة، حملها 2106893 زائر. وكان وزير العدل قد أشار في الجلسة العامة، الخاصة بالأسئلة الشفوية يوم الثلاثاء الماضي، أن المناظرة الوطنية التي نظمتها الوزارة في السنة الجارية بمكناس، بخصوص السياسة الجنائية، أفضت على الخصوص إلى إقرار آليات جديدة لحل النزاعات البسيطة خارج النظام القضائي ومراجعة العقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة، المنصوص عليها في القانون، وذلك بغية التخلي عنها نظرا لعدم جدواها في ما يتعلق بتطبيق أي برنامج للتأهيل والتفكير في تعويضها بعقوبات بديلة، وذلك في أفق إيجاد حلول لمشكلة الاكتظاظ التي تعرفها السجون المغربية. مصطفى الرميد، عضو فريق العدالة والتنمية، ورئيس لجنة العدل والتشريع، في تعقيبه على جواب وزير العدل، شدد على أن الدولة، في شخص القضاء، التي تتخذ القرار باعتقال المواطنين الذين يظن بأنهم ارتكبوا ما يوجب اعتقالهم، هي المسؤولة عن المحافظة على كرامة المعتقلين في السجون، التي اعتبرها المعقب مهدرة (الاكتظاظ المفرط في الإيواء، سوء التغذية، محدودية الخدمات الصحية...)، مستدلا في ذلك بما ورد في التقرير الصادر عن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان. وطالب الرميد الحكومة بتحمل مسؤوليتها في توفير مؤسسات سجنية ملائمة تحترم كرامة المواطن، مقترحا في الوقت نفسه على السادة وكلاء الملك والوكلاء العامين وقضاة التحقيق مراجعة سلطة الملاءمة في ما يخص قرارات الاعتقالات، على اعتبار أن 40 بالمائة من المعتقلين هم سجناء احتياطيون والكثير منهم ينال البراءة فيما بعد. يذكر أن لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب كانت في السنة التشريعية ما قبل الماضية كلفت بعض أعضائها بمهمة استطلاعية مؤقتة حول واقع بعض السجون، كما أن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أعد تقريرا في الموضوع نفسه، بعد زيارات ميدانية لعموم السجون المغربية، حيث وقف على الظروف الصعبة التي يحياها السجناء داخلها، والتي تتطلب مضاعفة الجهود وتسريعها لمعالجة الوضع.