كثيرة هي الصراعات التي قد تنشب بين الجيران أو حتى الأقارب، وقد تتخذ أشكالا عديدة، ومناورات مختلفة من السب والشتم إلى استعمال الشعوذة، وقد يتطور الأمر إلى العراك وتبادل الضرب، فيتدخل الأمن أو القضاء لفض هذه النزاعات التي قد نسميها مجانية، لاشتعالها لأتفه الأسباب. لكن قصة المواطنة بوعلاكة، التي تسكن بحي الشباب بيعقوب المنصور بالرباط، قصة غريبة، فبالرغم من أنها تدخل في إطار النزاعات التي تحصل بين الجيران في عمارة واحدة، إلا أن غرابتها تكمن في أن تلك النزاعات تطورت إلى مسلسل من المطاردات والدسائس ومحاولات متكررة للقتل، حسب التصريحات التي أدلت بها المشتكية، موثقة برزمة من الشكايات التي تحملها معها. يرجع تاريخ هذه الشكايات إلى سنة 1993, وهو بالضبط كما تقول هذه المرأة تاريخ ميلاد معاناتها مع أحد جيرانها وزوجته، وحسب قول بوعلاكة، فإن سبب مشاكلها هي شهادة أدلت بها للقضاء في حق الزوجين المذكورين، على إثر حادثة شجار وقعت بين الجيران كادت أن تفقد فيه امرأة حياتها. وبعد أن لم يمر على استقرارها بسكناها الجديدة سوى 20 يوما، تحكي بوعلاكة أنه بمجرد الانتهاء من التقاضي في الحادث المذكور، بدأت معاناتها المريرة، وبدأ خصومها يشددون عليها الخناق ويتحرشون بها، ويريدون ترحيلها من دارها، وذلك بسبها، وشتمها أمام الناس ونعتها بأوصاف قبيحة، ليتطور الأمر إلى طرق الباب عليها ليلا، وتخويفها هي وأبنائها الخمسة. وللإشارة، فالزاهية بوعلاكة هي أرملة وتسهر على تربية أبنائها، الذين تقول عنهم إن لهم مستويات جامعية، ومتفوقون في دراستهم، أما الدار التي تسكن فيها، فقد تملكتها بموجب صداق منحها إياها مطلقها. وتشير بوعلاكة، إلى أنها لم تعد تواجه جيرانها فحسب، بل تم تسخير بعض أبناء الحي الذين لهم سوابق عدلية، للتحرش بها هي وبناتها في الشارع، ووصل الأمر في بعض الأوقات إلى مكوثهن في المنزل لبعض الأيام خوفا من التهديدات التي يتعرضن لها. وكان آخرها محاولة اعتداء تعرضت لها بوعلاكة، يوم الجمعة الأخير من شهر شتنبر الماضي، ورفعت شكاية بعدها إلى وكيل الملك بابتدائية الرباط، حيث اعترض سبيلها أحد أبناء الحي، فضربها ضربا مبرحا، وحاول طعنها بسكين لولا تدخل بعض الجيران، وقد أثبتت الضحية هذا الاعتداء بشواهد طبية، بالإضافة إلى شهادة الشهود.. وتؤكد هذه المرأة أن حياتها أصبحت في خطر، وأن أبناءها قد توقفوا عن متابعة دراستهم، خوفا من الانتقام، وأنها في بعض الحالات تتصل بسائق سيارة الأجرة لينقلها من منزلها مباشرة لقضاء حوائج أسرتها، مشيرة إلى حادث سابق، حيث تعرضت هي وأبناؤها لمحاولة تسميم كادت أن تودي بحياتهم، لولا الإسعافات التي تلقوها في المستشفى. وبخصوص هذا الحادث تحكي المشتكية، أن شخصا دخل منزلها، بعدما زور مفتاح دارها، ووضع لها السم في التوابل، ويؤكد ذلك التحليلات الطبية، التي خضعت لها الأسرة بكاملها، وقد رفعت المرأة شكاية في الموضوع بالمحكمة الابتدائية بالرباط، لكن تم الاحتفاظ بالملف لدى محكمة الاستئناف بعد أن سجلت القضية ضد مجهول، مع العلم تقول بوعلاكة أن الفاعل تعرفه.. وحسب تصريحات هذه المرأة وتصريحات إحدى بناتها، وكذلك الشكايات العديدة، التي تحملها معها في زيارتها للجريدة، وبعض الوصولات التي تؤكد إيداعها لتلك الوثائق بمركز الشرطة ولدى وكيل الملك، فإن المشتكية التجأت مرارا إلى الشرطة القضائية وكذلك النيابة العامة، لكن بدون جدوى.. ورغم أن هذا الكلام لا يستقيم مع منطق أن الشرطة هي في خدمة المواطن لتسهر على أمنه وصحته، إلا أن بوعلاكة لها تفسير لما يحدث، وهي أن أحد خصومها يستغل وظيفته ونفوذه، ليتسبب لها في كل هذه المعاناة، ولها كلام كثير يمكن أن تفصح عنه في الوقت المناسب..