قال الملك محمد السادس، إن المغرب رغم انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية، إلا أنه لم يغادر أبدا إفريقيا، وإنما انسحب، سنة 1984، في ظروف خاصة، من إطار مؤسساتي قاري. واعتبر الملك، في رسالة وجهها إلى القمة ال 27 للاتحاد الإفريقي التي تنعقد الأحد والإثنين 17 /18 يوليوز 2016، بالعاصمة الرواندية كيغالي، أن العلاقة الوشيجة التي تربط المغرب بإفريقيا تفسر الشعور المشروع، بأنه من المؤلم أن يتقبل الشعب المغربي الاعتراف بدولة وهمية، مضيفا أنه من الصعب أيضا القبول بمقارنة المملكة المغربية، كأمة عريقة في التاريخ، بكيان يفتقد لأبسط مقومات السيادة، ولا يتوفر على أي تمثيلية أو وجود حقيقي. وتابع، "كنت أتمنى، منذ سنوات، أن أبوح لكم، وبكل صدق، بأن ذلك سبب للمغرب جرحا عميقا، وها هي الفرصة تتاح اليوم، للتعبير لكم عن ذلك"، مؤكدا أنه "لواثق بأن هذا الجمع النبيل، سيتلقى هذا الشعور الصادق بما يستحقه من إصغاء واعتبار". واعتبر الملك في هذا السياق، أن فرض أمر واقع لا أخلاقي، والانقلاب على الشرعية الدولية، هو ما دفع المملكة المغربية، إلى اتخاذ قرار مؤلم، يتمثل في الانسحاب من أسرته المؤسسية، وذلك تفاديا للتجزئة والانقسام، مؤكدا أن الشعب المغربي، عبر حينها بإجماع قواه الحية، عن رفضه لانضمام كيان فاقد للسيادة لمنظمة الوحدة الإفريقية، عن طريق التحايل والتواطؤ. وأشار إلى أن التاريخ، سيسجل هذه المرحلة كخداع وتحريف للمساطر القانونية ولمقتضيات ميثاق المنظمة، من أجل تحقيق أغراض مشبوهة، معتبرا أن هذا التصرف يمكن مقارنته بالتغرير بقاصر، لأن منظمة الوحدة الإفريقية لم تكن وقتها قد تجاوزت مرحلة المراهقة. وفي مقابل ذلك، أكد الملك أن الوقت قد حان للابتعاد عن التلاعب وتمويل النزعات الانفصالية، والتوقف عن دعم خلافات عفى عليها الزمن، وذلك بالتوجه لتدعيم خيار التنمية البشرية والمستدامة، ومحاربة الفقر وسوء التغذية، والنهوض بصحة شعوبنا، وبتعليم أطفالنا، والرفع من مستوى عيش الجميع. وخلص جلالته إلى أن الانخراط في هذا التوجه الأخلاقي الملح، لن يتم دون رفض وإدانة أخطاء ومتاهات الماضي، وشجب التصرفات التي تسير ضد مجرى التاريخ، مشددا على أن "الرهان الذي يتعين على قارتنا ربحه اليوم، بعد مرور أكثر من عقد من الزمن على ميلاد الاتحاد الإفريقي، هو رهان الوحدة والتماسك بين أفراد عائلتنا الكبرى".