طالعتنا وسائل الإعلام البريطانية الأسبوع الماضي بخبرين استرعيا انتباهي، واستجاشا شجوني، وخوفي على المجتمع الإسلامي من العدوى خلال فيروس العولمة!، الخبر الأول عن ثلاث أخوات إنجليزيات في مدينة داربي حملن (من سفاح) في أعمار 11 و 13 و 15 سنة، وظهرن معاً في صورة عائلية ليس فيها أي رجل، وهن يحاولن اصطناع التبسم، وكل واحدة تحمل طفلها البريء الذي يعلم الله وحده كيف سيكون مستقبله.. وأثارت القضية مرة أخرى حمل القاصرات بدون زواج، والمجادلات حول كيفية تقليصه، والمشكلات المترتبة عنه من قضايا عدم القدرة على تربية الأولاد في هذه السن، واستحالة ذهاب البنات الوالدات للمدرسة للتعليم، ومسألة الإنفاق واختفاء الآباء الذين هم أيضاً صغار، ومسألة التربية الجنسية في المدارس.. والخبر الثاني عن الحكم بالسجن المؤبد على شاب عمره فقط 15 سنة قام باغتصاب مدرسته ذات ال 28 ربيعاً الساعة الرابعة عصراً بعيد انتهاء الدراسة، بعد أن اعتدى عليها وضربها وعضها وقطع ملابسها وهددها بالقتل، داخل أحد الفصول بمدرسة ويستمنستر في لندن في يومها الثاني لعملها بالمدرسة. لم تهدأ الحرية الجنسية التي حملت ووضعت في أركانها الفتيات الثلاث، من طغيان الغريزة، كما يدعي البعض، بل أصبحت كالمارد الذي يستحيل ترويضه، وترك معلمة امتنعت عن التدريس وتعالج نفسياً وهي مقهورة في رحلة عذاب لا تنتهي، وشاب وراء القضبان كذلك في رحلة معاناة لاتنتهي. الإسلام والغريزة الجنسية يعترف الإسلام أن الغريزة الجنسية من أقوى الغرائز وأعنفها، ولكن يرى أن الزواج هو الطريق الشرعي، وأنسب مجال حيوي لإروائها فيهدأ البدن من الاضطراب وتسكن النفس من الصراع، ويكف النظر عن التطلع إلى الحرام وتطمئن العاطفة إلى ما أحل الله. قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} (21) (الروم) ولا يستعمل لفظ آية في القرآن الكريم إلا في الأمور الجليلة العظيمة ليدل على قوة وقدرة الخالق تبارك وتعالى، وقد قرن الله عز وجل آية تكوين الأسرة بآية تكوين العالم أجمع، فعقب هذه الآية بقوله تعالى: ومن آياته خلق السموات والأرض... (الروم22). وفي الحقيقة إن المودة تدل على تقرب كل زوج إلى الآخر والتلطف معه، والرحمة تشعر بحرص كلا الزوجين على مصلحة صاحبه والرفق به والشفقة عليه من كل سوء ومكروه. ومن فضل الله وتكريمه لبني آدم أن شرع لهم الزواج وجعله طريقة شريفة ومنظمة محفوظة ومضمونة لتناسلهم، لئلا تختلط الأنساب. والزواج أغلظ المواثيق وأكرمها على الله، لأنه عقد متعلق بذات الإنسان ونسبه، ويكفي في الدلالة على ذلك التكريم أن كلمة الميثاق لم ترد إلا تعبيراً عن المعاهدة بين الله وعباده مثل واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به.. (المائدة7)، ولم يرد وصف الغليظ إلا في عقد الزواج وفيما أخذه الله على أنبيائه من مواثيق، فقال في الزواج: وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا 21 (النساء) وقال عن الأنبياء: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا (7) (الأحزاب)، وعلم بالضرورة من دين الإسلام الترغيب في الزواج والحث عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتق الله فيما بقي (حسنه الألباني). قال القرطبي: معنى ذلك أن النكاح يعف عن الزنى. والعفاف إحدى الخصلتين اللتين ضمن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما الجنة فقال: من وقاه الله شر اثنتين ولج الجنة، ما بين لحييه (لسانه) وما بين رجليه ( فرجه) (الترمذي). والزواج هو أحسن وسيلة لإنجاب الأولاد وتكثير النسل، وإنماء غريزة الأبوة والأمومة، ورعاية الأولاد وتربيتهم في مناخ نظيف بالنشاط وبذل الوسع، وما يثمره من ترابط الأسر وتقوية أواصر المحبة بين العائلات. ويجب الزواج على من قدر عليه وتاقت نفسه إليه وخشي العنت (المشقة) لأن صيانة النفس وإعفافها عن الحرام واجب ولا يتم إلا بالزواج، قال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عن ذلك إلا بالتزوج، فإن عجز عن الإنفاق فإنه يسعه قول الله تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله (النور33)، وليكثر من الصيام. النموذج الإسلامي والفوضى الجنسية هذا هو النموذج الإسلامي الذي يسعى لسعادة الإنسان، وعمران الأرض، ولكن ترتفع الأصوات البلهاء للعمل على تقويض هذا النموذج واستبدال نموذج الفوضى الجنسية به، ذلك النموذج الذي يبدأ بتوزيع وسائل منع الحمل على الأطفال في المدارس، ومروراً بإباحة الزنى والشذوذ برضى الطرفين، وتوفير ما يسمى بالإجهاض الآمن، وانتهاءً بنقض عقد المودة والرحمة (الزواج)، وهدم البناء الاجتماعي (الأسرة)، وسط إعلام وفن وأدب وسينما ومسرح وفضائيات تروج للجنس، وقانون يحمي الفوضى. لننظر ماذا فعلت تلك الحرية أو الفوضى بأصحابها، لقد صنعوها لتسعدهم فدمرتهم، وانقلب السحر على الساحر، وغرقوا في بحور الشهوات، فهل من العقل أن نقلدهم، أم الأولى أن نأخذ بأيديهم إلى شاطئ الإيمان والأمان، وأخلاق الإسلام؟! وهاهو حصاد الفوضى: حمل المراهقات في أمريكا 80% يفقدن العذرية تحت سن العشرين. مليون فتاة مراهقة في أمريكا تحمل كل عام.. ينتهي 44% منها بالإجهاض. 60 ألف مراهقة في بريطانيا تحمل كل عام.. ينتهي 45% منها بالإجهاض. في أمريكا وبريطانيا عند سن 15 سنة تكون نسبة الأبكار 75%، وعند سن 17 سنة تكون 50%، وعند سن 20 سنة تكون 20%. وبالتالي لا نستغرب إذا عرفنا رغم استخدام وسائل منع الحمل أن مليون فتاة مراهقة في أمريكا تحمل كل عام (40% من الفتيات المراهقات). ينتهي الحمل كالآتي: 56% يضعن أطفالاً، و30% يجهضن الحمل، و14% ينتهي بالسقوط. معظم حمل المراهقات يكون خارج نطاق الزوجية (78%). يكلف حمل المراهقات وما يتبعه 7 بلايين دولار سنوياً. مع ضعف التغذية والتدخين وشرب الخمر وإهمال الرعاية الصحية للجنين وعدم إدراك عظم المسؤولية أو تحمل أعباء التربية والرعاية، يكون الأطفال المولودون لمراهقات أكثر عرضة للإصابة بالمشكلات الصحية والاجتماعية والعاطفية، والاعتداء والإهمال. وعلى المدى البعيد يكثر فيهم الفشل الدراسي، والفقر، والأمراض النفسية. تحمل كل عام 39 ألف مراهقة في إنجلترا وحدها، ينتهي 45% منها بالإجهاض، منهن 8 آلاف تحت 16 سنة، ينتهي 55% منها بالإجهاض. إذا أضيفت ويلز وأسكتلندا وأيرلندا الشمالية وصل العدد إلى 60 ألفاً في العام. كان العدد طبقاً لجمعية الأطباء البريطانية منذ ست سنوات 94 ألفاً، فاضطرت الحكومة لصرف 183 مليون جنيه في حملة قومية لتقليص العدد، قال بلير رئيس الوزراء يومئذ: لا ينبغي في مجتمع متحضر أن ينجب الأطفال أطفالاً. في أيرلندا الشمالية 96% من حمل هؤلاء يقع خارج نطاق الزوجية. هؤلاء البنات في العادة لا يستطعن رعاية الطفل ويتعرضن لمشكلات صحية ونفسية في أثناء الحمل أو الإجهاض أو الولادة خاصة أن الحمل لم يكن مخططاً له. وفي حين يحاول البعض إدخال ثقافة حرية الزنى إلى مجتمعاتنا، فإن جمعيات أمريكية دينية وغير دينية تدعو الفتيات بقوة إلى الامتناع عن العلاقات الجنسية وانتظار الزواج. أنذرت إحدى الدراسات من احتمال ارتفاع نسبة الاكتئاب والانتحار بين القاصرات اللاتي يمارسن الجنس، 25% مكتئبات مقارنة بنسبة 8% من غير الناشطات جنسياً، 14% يحاولن الانتحار في حين يحاول 5% ممن ليست لهن تجربة جنسية.. الإجهاض في أمريكا مليون و370 ألف حالة إجهاض في العام، 67% من الحالات لنساء غير متزوجات. 191 ألف حالة إجهاض في إنجلترا وويلز كل عام، 75% من الحالات لنساء غير متزوجات. قبل مؤتمرات بكين والقاهرة ونيويورك الدولية الخاصة بالمرأة كانت 54 دولة في العالم (تمثل 61% من عدد السكان) تبيح الإجهاض، بينما غير مرخص في 97 دولة تمثل 39% من عدد السكان. ينتج عن ذلك 46 مليون حالة إجهاض كل سنة منها 20 مليوناً خارج القانون أو ما يسمي بالإجهاض غير الآمن. هذا يعني أن هناك 126 ألف حالة إجهاض في العالم كل يوم، ويموت 68 ألف امرأة كل عام في العالم من جراء الإجهاض. منذ قانون السماح بالإجهاض في بريطانيا سنة ,1967 أجهضت خمسة ملايين أنثى، واستمر عدد الحالات في ازدياد حتى وصل سنة 2003م إلى191 ألف حالة إجهاض في إنجلترا وويلز كل عام. وفي إنجلترا وويلز تبلغ التكلفة السنوية للإجهاض 2,38 مليون جنيه إسترليني لا توجد أي حالة كان السبب فيها لحفظ حياة الأم أو لمنع ضرر دائم بدنياً أو نفسياً للأم وإنما معظم الأسباب 94% تقديرية ترجع إلى الضغوط النفسية وتقدير الطبيب. 75% من حالات الإجهاض لنساء غير متزوجات، 45% من حمل المراهقات في إنجلترا وويلز ينتهي بالإجهاض. في أمريكا مليون و370 ألف حالة إجهاض في العام. 67% من الحالات لنساء غير متزوجات. 43% بروتستانت، و27% كاثوليك. ليس المسلمون وحدهم هم الذين يعارضون إسقاط الحمل بالإجهاض احتراماً للروح البشرية، إلا إذا ثبت من طريق موثوق به أن بقاء الجنين يؤدي لا محالة إلى موت الأم، فهناك جمعيات عديدة خاصة الكاثوليكية تعارض الإجهاض بقوة. الاعتداء الجنسي في أمريكا حالة اعتداء جنسي كل دقيقتين، وربع مليون حالة في السنة. 190 ألف حالة في السنة في بريطانيا. في سنة 2001م كان إجمالي عدد حالات الاعتداء الجنسي في أمريكا 248 ألف حالة، 10% من المعتدى عليهم ذكور. 39% من الحالات فقط يبلغ عنها للسلطات. 44% من ضحايا الاغتصاب تحت سن 18 سنة. 15% تحت سن 12 سنة. امرأة أمريكية من كل ست نساء كانت ضحية الاغتصاب أو محاولة الاغتصاب. ثلثا الجرائم ارتكبت من أشخاص يعرفون الضحية. في بريطانيا نشرت إحصائية في 2004م تقول: إنه سجلت 190 ألف حالة اعتداء جنسي منها 47 ألف حالة تم فيها وقوع الاغتصاب فعلاً، وأن 50% من نساء إنجلترا وويلز وقع لهن اغتصاب و30% تعرضن للإيذاء الجنسي الشديد، 40% من الحالات لا يبلغ عنها وتصل نسبة عدم التبليغ إلى80% إذا كان الضحية من الأطفال. أطفال بلا أسر حين نتكلم عن الأطفال بلا أسر، فإننا بالتأكيد لا نقصد أولئك الذين يعيشون في أسرة فقدت عائلها بموت أو طلاق أو غياب الأب عنها حيناً من الوقت لسبب ما ثم يعود بعده، فهؤلاء قد يخرجون من تلك المحنة أصلب عوداً وأقوى نفساً قد ربوا وهذبوا، إنما نقصد إظهار الصورة القاتمة وبيان الثمرة المرة التي يدعو إليها من أرادنا أن نبني أسراً بلا زواج بدعوى الحرية المزعومة التي يجنون ثمرتها الآن أشد مرارة من الحنظل. نسبة الأطفال الذين يعيشون في أسر بعائل واحد في بريطانيا 20% (9,2 مليون)، وفي أمريكا 28% (20 مليون). نسبة المواليد خارج نطاق الزوجية 41% في بريطانيا، و33% في أمريكا. نسبة الطلاق 51% في بريطانيا، و50% في أمريكا. الأطفال المتضررون من الطلاق في العام 147 ألفاً في بريطانيا، ومليون في أمريكا. في بريطانيا 75,1 مليون أسرة بعائل واحد. 90% أم فقط، 10% أب فقط. نصف هذه الأسر يعيش في الفقر. 40% فقط من هؤلاء الأمهات أوالآباء يشتغلون. سبع الأمهات لم يتزوجن أو يعشن قط مع (والد) الطفل. في عام 2002م بلغت نسبة المواليد خارج نطاق الزوجية 41%. في أمريكا 11 مليون شخص يعيشون معاً بدون زواج منهم 2,1 مليوناً من نفس الجنس (ذكور معاً أو إناث معاً!). وهناك 12 مليون أسرة بعائل واحد. ماذا يحدث عندما يعيش الأطفال بلا أب؟ يزيد فيهم الانتحار (يمثلون 63% من جملة الشباب المنتحر).. تكثر فيهم حالات السلوك المرضي (85% من جملة الأطفال ذوي السلوك المرضي).. يكثر فيهم شم المواد الكيماوية (عشرة أضعاف الأطفال الآخرين)..لا يواصلون الدراسة (يمثلون 71% من جملة من لا يكملون تعليمهم).. يرتكبون الجرائم ويدخلون السجن (يمثلون 85% من جملة الشباب المساجين).. وينتهي الأمر بهم إلى العيش في دور رعاية الأحداث (70% ممن يعيشون في دور الأحداث جاءوا من أسر بلا أب.. يهربون من البيوت، يمثلون 90% من جملة الأطفال الهاربين). الأيدز والأمراض الجنسية السارية في أمريكا: 50% من الشباب عند عمر 25 سنة مصابون بالأمراض السارية، يكلفون 10 بلايين دولار. 13 مليون حالة سنوياً، (ثلثاهم تحت 25 سنة) منهم 3 ملايين مراهق ومراهقة. في بريطانيا: مريض أو مريضة كل 15 ثانية. 90 ألف حالة جديدة تشخص كل عام. 10% من الشباب والفتيات تحت 24 سنة مصابون. الأيدز والشذوذ في أمريكا 60% من حالات الأيدز لرجال شواذ (300 ألف لم يموتوا، و420 ألفاً ماتوا). في بريطانيا 55% من حالات الأيدز لرجال شواذ (34 ألف حالة).