حذر أحد المحللين المغاربة من أن تستعمل الخلاصات الإيجابية لتقرير البنك الدولي حول أنظمة التقاعد المسيرة من قبل القطاع الخاص المغربي للتستر على الواقع شبه المفلس لأنظمة التقاعد الأساسية، وقال المحلل المغربي في تصريح ل التجديد إن تقرير البنك الدولي الأخير حول أنظمة التقاعد بدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حمل إشادة بالتقدم الذي حققه المغرب في نموذج التقاعد الاختياري الذي تدبره شركات التأمين الخاصة فحسب، ولم يتضمن تقييما شاملا لبنية وهيكلة أنظمة التقاعد الأساسية والإجبارية التي تعيش وضعية صعبة. وأضاف المحلل المغربي أن نظام التقاعد الاختياري الذي أشاد به البنك الدولي يظل موجها للفئات الميسورة، فيما يظل معدل تغطية اليد العاملة المغربية من قبل أنظمة التقاعد الأساسية هزيل جدا، خاصة في قطاعي الفلاحة والصيد البحري والمهن الحرة. وكان تقرير أخير للبنك الدولي قد أدرج المغرب ضمن قائمة بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي حققت تقدما هاما في ميدان إصلاح نظام التقاعد إلى جانب لبنان ومصر وجيبوتي والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة، وقد تمثل ذلك، وفق ما نقلت وكالة المغرب العربي للأنباء، في إصدار تشريعات مجددة وإدخال إصلاحات بنيوية. وتوفر المغرب على نواة من الأبناك التجارية ومؤسسات التأمين المنخرطة في هذا الإصلاح، في إشارة إلى نموذج التقاعد الاختياري. وأشار المحلل المغربي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن البنك الدولي يوصي بتبني ثلاث ركائز وبشكل مندمج لإصلاح أنظمة التقاعد في أي دولة. تتعلق الأولى باعتماد نظام شامل وتوزيعي( cnss نموذجا) مبني على مبدأ تكافؤ الأجيال، الذي يضمن حدا أدنى من دخل الفرد عند إحالته على التقاعد، وترتبط الثانية باعتماد نظام تكميلي لكن إجباري يوصل المنخرط إلى نسبة معينة متقدمة(cmr مثلا)، فيما الثالثة تدعو إلى تبني ادخار فردي اختياري (مثل التقاعد الشعبي..) ، وهذا النموذج الأخير يقول المحلل هو الذي أشاد به البنك لاعتبارات ربحية تعكس التوجه اللبرالي للبنك. وتعد توصيات البنك وفق المصدر بمثابة حل متوازن ومعقول جدا. وما يزال المغرب حسب بعض المتخصصين المغاربة دون مستوى توصيات البنك في هذا المجال بالنظر إلى أنه ليست هناك أية مؤشرات على العزم والإرادة للانتقال، ولو تدريجيا إلى بنية قطاع شبيهة بتلك التي يوصي بها البنك، وكذا في ظل غياب أي وحدة وانسجام بين أنظمة التقاعد المختلفة، التي بعضها مفلس والبعض الآخر على حافة الإفلاس فيما الثالث يتمتع بفوائض جيدة. ويؤكد هؤلاء أن ليست هناك بوادر حكومية لصياغة وتطبيق سياسة مندمجة وإرادية لتأهيل قطاع التقاعد الذي يبقى مهددا بمجموعة أزمات ستتحملها ميزانية الدولة. ويطالب هؤلاء بضرورة اعتماد خطة للحد من دخول منخرطين جدد إلى الأنظمة التقاعد المفلسة، وبالمقابل توجيه هؤلاء المنخرطين الجدد إلى الاشتراك في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (rcr) الذي أنشئ سنة .1990 ويعتبر المتخصصون أن ما أقدمت عليه الحكومة من ضخ ل11مليار درهم كمتأخرات لفائدة الصندوق المغربي للتقاعد، والرفع من نسبة الاقتطاعات بواقع 1 بالمائة لبلوغ 20 بالمائة في غضون ثلاث سنوات حل ترقيعي، مطالبين بالمقابل بإجراء إصلاح هيكلي شامل بعيدا عن إثقال كاهل المنخرطين بمزيد من الاقتطاعات التي قد تخلق مع مرور الوقت أشكالا من الفوضى. ويذهب هؤلاء إلى أن تسديد الدولة متأخراتها لفائدة صندوق التقاعد له علاقة وطيدة بعملية المغادرة الطوعية، التي ستكلف الشيء الكثير لهذه الصناديق، حتى تواكبها في مسلسل ذات غايات وأهداف مختلفة عن غايات وأهداف الصناديق.