في إطار الشراكة التي تجمع بين المجلس العلمي المحلي للرباط والكتابة العامة للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وبتنسيق مع أسرة الشيخ محمد المكي الناصري نظمت يوم الخميس الماضي بمقر المجلس العلمي للرباط ندوة علمية تخليدا للذكرى العاشرة لوفاة الشيخ محمد المكي الناصري. وتناولت العروض محطات مضيئة من حياة الفقيد وجهاده العلمي والوطني. واعتبر محمد يسف، الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، محمد المكي الناصري ركنا ركينا من أركان المغرب العلمية والفكرية يصعب على الدارس من أي باب يريد أن يدخل في تناول حياته، فهو ليس رجلا عاديا، بل هو عبارة عن رجال ومركب كبير جمع بين العلم والوطنية والجهاد والإدارة والسياسة وما شئت من المعارف وأضاف يسف في مداخلته خلال الندوة أن الشيخ المكي الناصري خطيب مفوه، والخطابة أول وصف له، بل هو أخطب الخطباء ففي خطبه الحماسية لا يعاود الكلمة ولا يكرر جملة ويمتلك قلوب سامعه، وقد تستغرق خطبته أكثر من 3 ساعات وهو أحد الأمناء المجددين لرابطة علماء المغرب بعد الشيخ عبد الله كنون رحمهم الله. وبسط يسف قصة معرفته بالفقيد أستاذا ووطنيا ووزيرا، مشيرا إلى خطبه السياسية وعلمه وفضله ولباسه وحديثه، وقال عنه وعن أمثاله من العلماء الوطنيين الذين رحلوا لقد علمونا من أخلاقهم وسيرتهم قبل علمهم ومعرفتهم، مضيفا أن محمد المكي الناصري قمة شامخة لا يمكن اختزالها في حالة واحدة. وأشار مصطفى الكثيري، المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إلى الجانب النضالي للمحتفى بذكرى وفاته العاشرة، وصلاته بمفكرين وسياسيين عرفهم القرن الماضي من أمثال: عبد الوهاب عزام وشكيب أرسلان وأحمد أمين وطه حسين، وعدد من المفكرين الغربيين، وقال: كان صالحا مصلحا ومفكرا وأحد المؤسسين لنضالات سياسية في عقد الثلاثينيات، وطنيا وقوميا. وأبرز الكثيري جوانب عملية من نضال محمد المكي الناصري في تأسيس الجمعيات ووضع البرامج السياسية وتوجهاته الوطنية التي شملت جبهات متكاملة: دينية وسياسية وإعلامية (إصدار صحف ومجلات). وأكد عبد الله اكديرة، رئيس المجلس العلمي للرباط، من جهته، أن الندوة التكريمية الترحمية للشيخ محمد المكي الناصري تعد مظهرا من مظاهر الوفاء لعظماء المغرب الذين نذروا حياتهم لخدمة الدين والوطن والعرش، وهو تكريم لذاكرة أمتنا. وتناولت ورقة مصطفى الريسوني خمسة واجهات ميزت حياة الفقيد وهي: العمل السياسي والصحافي والثقافي والعلمي وخدمة العرش، فيما تطرق محمد أصبان لشخصية الفقيد من خلال وعظه ومزجه بين الأصالة والمعاصرة، مؤكدا أنه أمة في رجل. أما عبد الصمد العشاب فقال عنه إنه رجل دينامي لا يرى حياته إلا في العمل والتكوين العلمي. وطالب نور الدين بن عبد الوهاب في مداخلته الحضور بالاطلاع على وثائق حياة الفقيد وأسرة الشيخ محمد المكي الناصري بفتح مكتبه. وقدم محمد الشرقاوي مقتطفات من الدرس الحسني، الذي ألقاه سنة 1968 في موضوع النظام الإداري في الإسلام وتحدث فيه عن شروط إسناد الولايات العامة وبعض القواعد الأصولية المتعلقة بالموضوع. وقال الشرقاوي إن موضوع مشاركته كانت معدة لتلقى في الذكرى الأولى لوفاة المحتفى به إلا أن القدر قدر لها أن تلقى في الذكرى العاشرة لوفاته. وختم اللقاء رئيس المجلس العلمي لسلا بكلمة أكد فيها أن العلماء الوطنيين عملوا على تحرير الإنسان من الاحتلال والأرض من الاستغلال. وتجدر الإشارة إلى أن الندوة تدخل في إطار اتفاقية التعاون بين المجلس العلمي للرباط والمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير لربط الأجيال الجديدة بنضالات الكفاح الوطني ورواده وصيانة الذاكرة الوطنية وقيمنا الدينية. ع.ل.