الخارجية الروسية تأمل في تعزيز الشراكة مع المغرب    نقابيو وكالة التنمية الاجتماعية يستنكرون تعطيل الحوار وتهميش المؤسسة    رفع التصنيف السيادي للمغرب محطة مفصلية للاقتصاد الوطني    أقل من 10% من الأسر المغربية تتوقع قدرتها على الادخار خلال السنة المقبلة    مجموعة "سافران" الفرنسية تثمن بيئة الاستثمار في المغرب وتوسع أنشطتها بالنواصر    نتانياهو: "المعركة لم تنته" في غزة والمنطقة    إجراءات ‬جديدة ‬لتسهيل ‬دخول ‬المغاربة ‬إلى ‬مصر ‬دون ‬تأشيرة    الرباط تحتفي بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة وتجدد المطالب بإسقاط التطبيع    رئيس الوزراء الفرنسي ينجو من أحد تصويتين مقررين يوم الخميس لحجب الثقة    حريق بسوق جنان الجامع بتارودانت يخلف خسائر مادية فادحة    "التوحيد والإصلاح" تطالب بالتجاوب مع مطالب الشباب وتحذر من فقدان مشروع إصلاح التعليم لمصداقيته    أمطار رعدية مصحوبة بهبات رياح مرتقبة اليوم الخميس بعدد من مناطق المغرب    تسبب في وفاة فتاة وصف لها أقراصا من أجل الإجهاض.. جنايات الجديدة تدين طبيبا ب5 سنوات سجنا نافذا    وهبي مدرب "أشبال الأطلس": الهدف هو العودة من الشيلي بكأس العالم إلى أرض الوطن    الأمم المتحدة.. المغرب يجدد تأكيد دعمه "الثابت والدائم" لسيادة الإمارات العربية المتحدة على جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    إنجاز غير مسبوق للمغرب بعد تجاوزه فرنسا في نصف النهائي    فرحة عارمة بمدن المملكة بعد تأهل المنتخب الوطني لنهائي مونديال الشيلي    زلزال بقوة 6,6 درجات يضرب إندونيسيا    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يصنع التاريخ ويتأهل إلى نهائي كأس العالم    هلال أمام الأمم المتحدة: بعد 50 عاما على استرجاعها، الصحراء المغربية أضحت واحة سلام وقطبا للاندماج الإفريقي والتنمية المشتركة    ولد الرشيد ونغامانا يوقعان إعلانا يؤكد أن مبادرة الحكم الذاتي الحل الوحيد لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم    في ‬أضواء ‬الخطاب ‬الملكي:‬ مواكبة ‬التوجه ‬الاستراتيجي‮ ‬ ‬للمغرب ‬الصاعد    في ‬تقرير ‬رسمي ‬للمندوبية ‬السامية ‬للتخطيط    كيوسك الخميس | أزيد من 36 ألف شاب مستفيد من دعم السكن    طقس حار نسبيا بأقاليم الجنوب مع سحب غير مستقرة وأمطار متفرقة اليوم الخميس    عمال شركة أوزون بالفقيه بن صالح يعلنون عن وقفة احتجاجية بسبب تأخر الأجور    هلال: الصحراء المغربية قطب للتنمية .. وركيزة للأمن والاستقرار في إفريقيا    "إيزي جيت" تراهن على المغرب بإفتتاح أول قاعدة لها في إفريقيا بمطار مراكش عام 2026    "الأشبال" أمام الأرجنتين بنهائي المونديال    كنز منسي للأدب المغربي.. المريني تكشف ديوانا مجهولا للمؤرخ الناصري    إنجاز تاريخي.. أشبال المغرب يبلغون نهائي كأس العالم للشباب لأول مرة    تركي آل الشيخ يهنئ الملك محمد السادس والشعب المغربي بتأهل أشبال الأطلس إلى نهائي كأس العالم    ريتشارد ديوك بوكان.. رجل ترامب في الرباط بين مكافأة الولاء وتحديات الدبلوماسية    فعاليات مغربية تحتفل وسط العاصمة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    قصص عالمية في مهرجان الدوحة    محكمة الإستئناف بتونس تصدر أحكاما في قضية اغتيال شكري بلعيد منها حكمان بالإعدام    تحذير أممي من زيادة ثاني أكسيد الكربون في الجو    تجدد المطالب لأخنوش بالحد من خسائر تعطيل التكرير بمصفاة "سامير" والحفاظ على حقوق الأجراء    «تمغرابيت».. عمل فني جديد يجسد روح الوطنية والانتماء في الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    عبد الله ساعف يحاضر حول «العلوم الاجتماعية في المغرب» بتطوان    «مغربيات ملهمات» لبنحمو بالمقهى الثقافي بالرباط    طنجة تتربع على عرش السياحة بالمغرب سنة 2025..    وهبي: سنلعب أمام فرنسا بأسلوبنا وقوتنا المعتادة    "ذاكرة السلام" شعار الدورة 14 لمهرجان سينما الذاكرة المشتركة بالناظور    الدين بين دوغمائية الأولين وتحريفات التابعين ..    هل يمكن للآلة أن تصبح مؤرخا بديلا عن الإنسان ؟    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    دراسة يابانية: الشاي الأخضر يقي من مرض الكبد الدهني    المغاربة متوجسون من تداعيات انتشار الأنفلونزا الموسمية خلال فصل الخريف    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النهي عن أسئلة الغالين وقاية من الغلو في الدين
نشر في التجديد يوم 07 - 06 - 2004

هذا تأديب من الله تعالى لعباده المؤمنين، ونهي لهم عن أن يسألوا عن أشياء مما لا فائدة لهم في السؤال والتنقيب عنها، لأنها إن أظهرت لهم تلك الأمور ربما ساءتهم وشق عليهم سماعها.
وقد ذكر علماؤنا لهذه الآية أكثر من سبب نزول. من ذلك أنها نزلت للنهي عن السؤال عن تفاصيل أكثر في التكاليف من جهة الاستزادة منها كما في جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم للسائل الذي سأل هل الحج كل سنة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن الله كتب عليكم الحج» فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثاً، فقال من السائل؟ فقال: فلان، فقال «والذي نفسي بيده، لو قلت: نعم لوجبت، ولو وجبت عليكم ما أطقتموه، ولو تركتموه لكفرتم»، فأنزل الله عز وجل هذه الآية.
وفي هذه الرواية دليل لما سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من التيسير على الناس حين اختار ألا يقول نعم، لكي لا يوجب على الأمة تكليفا لا تطيقه. وقد جعل الله له ذلك بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، لو قلت: نعم لوجبت».
ومن بين أسباب النزول التي ذكرت للآية ما يشير إلى باب آخر من أبواب الفتنة التي قد يفتحها نوع السؤال المنهي عنه في الآية. فعن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غضبان، محمار وجهه، حتى جلس على المنبر فقام إليه رجل فقال: أين أبي؟ قال: في النار، فقام آخر فقال: من أبي؟ فقال أبوك حذافة، فقام عمر بن الخطاب فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً، وبالقرآن إماماً، إنا يا رسول الله حديثو عهد بجاهلية وشرك، والله أعلم من آباؤنا. قال: فسكن غضبه، ونزلت هذه الآية.
ونأخذ من هذه الرواية جانبا آخر من جوانب الحرج في السؤال وهو النبش والاستفسار الذي يعقبه الندم. يكون الأمر مستورا فيسأل عنه فينكشف ولا يكون دائما وفق رغبة السائل. وهذا الذي نبهت أم عبد الله بن حذافة ولدها إليه وقد سأل عمن يكون أبوه. فقد روي عنها أنها قالت له: ما رأيت ولداً أعق منك قط، أكنت تأمن أن تكون أمك قد قارفت ما قارف أهل الجاهلية، فتفضحها على رؤوس الناس؟».
وفي استدراك عمر ابن الخطاب للموقف إرشاد لمن حضر مجلسا رأى فيه غضبا لا تحمد عواقبه أن يتدخل بما يعيد الأمور إلى نصابها. ويمكن عد هذه الآية من موافقات عمر رضي الله عنه، إذ نزلت الآية تنهى عن السؤال عما لا فائدة فيه، وهو الذي قصده عمر حين تدخل ليوقف تتابع تلك الأسئلة.
ومن المعاني ذات الصلة بالآية الإعراض عن كل ما لا نفع فيه بعدم قبوله إذا أراد أحد عرضه علينا من غير سؤال، وتوجيه من حولنا ألا يخبروا بما لا خير فيه، وكل ما كان الجهل به أولى من العلم به وإن كان واقعا حقيقة، وهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم كما جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يبلغني أحد عن أحد شيئاً، إني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر»، وهذا هو اللائق بمن كان في مثل هذا الموقع، مثل الحاكم مع رعيته أو الأستاذ مع طلابه...
فظاهر الآية النهي عن السؤال عن الأشياء التي إذا علم بها الشخص ساءته، فالأولى الإعراض عنها وتركها. ويعظم هذا النهي إذا تعلق الأمر بكل ما يتجاوز الفرد ويتعداه إلى غيره. ففرق كبير بين من أساء إلى نفسه وبين من أساء إلى الجماعة. وقد ورد في الحديث «أعظم المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته»، وبالمقابل من أعظم المسلمين أجرا من كان سببا في رخصة.
وقوله تعالى: (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم) أي وإن تسألوا عن هذه الأشياء التي نهيتم عن السؤال عنها حين ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين لكم (وذلك على الله يسير) وقيل: المراد لا تسألوا عن أشياء، فلعله قد ينزل بسبب سؤالكم تشديد أو تضييق، ولكن إذا نزل القرآن بها مجملة فسألتم عن بيانها، تبينت لكم حينئذ لاحتياجكم إليها. فالقرآن تدرج بالأمة إلا أن فقه المسلمين لهذا التدرج متفاوت، وفي الآية إرشاد إلى فضل القرآن الكريم، وتنبيه ألا يكون السؤال قبل نزول القرآن، لكن إذا نزل فليكن السؤال عن بيان ما نزل... وهذا نقل للمسلم مما لم يطلب منه إلى ما طلب منه. أما الأول، أي السؤال قبل نزول القرآن، فقد مضى وانتهى بانقضاء الوحي، وأما الثاني، أي طلب بيان ما نزل من القرآن فهو الباقي وهو المضيع. فكثير من المسلمين يتركون ما نزل إليهم، ويسألون عما لم ينزل. وفي الحديث أيضاً: «إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها». وهذا معنى: (عفا الله عنها)، أي ما لم يذكره في كتابه فهو مما عفا عنه، فاسكتوا
أنتم عنها كما سكت عنها، وقيل معنى (عفا الله عنها) أي عما كان منكم قبل ذلك (والله غفور حليم).
وفي إرشاد دائم إلى الاعتبار بأحوال الأمم السابقة قال تعالى: (قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين) أي قد سأل هذه المسائل المنهي عنها قوم من قبلكم فأجيبوا عنها، ثم لم يؤمنوا بها، فأصبحوا بها كافرين أي بسببها، فبئس السؤال يقود صاحبه إلى الكفر! وهو عين ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم عند سؤاله عن الحج كما تقدم، والأمر لا يخص الحج بل يتعداه إلى غيره من كل شؤون الحياة، فهل نفقه هذا المعنى فنجنب أنفسنا وأمتنا والناس أسباب الحرج؟!!
د. مولاي عمر بنحماد
عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.