كشفت إحصائيات صدرت عن مديرية علم الأوبئة التابعة لوزارة الصحة، وبمساهمة المنظمة العالمية للصحة أن 15 إلى 17 في المائة من الأطفال بالمغرب يشرعون في التدخين قبل أن يتجاوزوا المرحلة الابتدائية، وأن هذه النسبة ترتفع لتصل إلى 68 في المائة لدى تلاميذ المدرسة الثانوية. في حين كانت نسبة المدخنين من السن نفسها عام ,1999 تتراوح بين 12 و14 في المائة في المرحلة الابتدائية، لتصل إلى 20 في المائة في المرحلة الثانوية، كما بينت الإحصائيات أن نسبة الفتيات المدخنات في المغرب ارتفع من 9 إلى11 في المائة خلال السنوات الأخيرة، هذا في الوقت الذي تتراجع فيه نسبة المدخّنين في الدول المتقدّمة بفعل حملات التوعية والثقافة الصحية. وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن التدخين سيصبح في عام 2020 السبب الرئيس للوفاة والعجز في العالم، إذ إنه سيسبب وفيات يزيد عددها عن ما تسببه السيدا والسل ووفيات الأمومة وحوادث السيارات، وصحيا يؤدي التدخين إلى الإصابة بأكثر من خمسة وعشرين مرضا من الأمراض المعروفة اليوم، ومنها أخطار صحية على المدى القصير مثل: ضيق التنفس وتسارع ضربات القلب وزيادة حدة الربو والعقم، وأخطار صحية على المدى الطويل مثل: الجلطة القلبية والسكتة الدماغية وسرطان الرئة وأنواع أخرى من السرطان (سرطان الحنجرة، سرطان الفم، وسرطان البلعوم والمرئ والبنكرياس والمثانة وعنق الرحم وسرطان الدم) والأمراض الرئوية الانسدادية المزمنة. من هذا المنطلق، وفي سبيل التحسيس بالمخاطر الاجتماعية والصحية، والتربوية لآفة التدخين، نظمت ثانوية عمر الخيام وبتعاون مع مركز تكوين المعلمين والمعلمات تظاهرة ثقافية للتوعية بأخطار التدخين، وذلك يوم 31 ماي، وهو اليوم الذي يصادف اليوم العالمي للتدخين، وقد قالت مديرة الثانوية، الأستاذة فاطمة العدلاني، إن الهدف من هذه التظاهرة، التي شارك في الإعداد لها وفي إنجاز بعض فقراتها فريق من تلاميذ وأطر المؤسسة، هو توعية التلاميذ والتلميذات بمخاطر هذه الآفة، التي انتشرت بكثرة في المجتمع، وأضافت أن هذه الظاهرة لم تعد مقتصرة على السجائر العادية، بل تعدتها إلى أنواع أخرى من السجائر تدخل في تركيبتها بعض المواد المخدرة، مما يؤثر على أبنائنا، ويسهم في إفسادهم. ومن ناحية أخرى أشارت إلى أن تنظيم هذه التظاهرة التحسيسية يأتي استجابة للواقع الذي أصبحت تفرضه العملية التعليمية، التي بات فيها التطرق إلى مناقشة بعض المواضيع التي تخص التربية ضمن الحصص الدراسية من الصعوبة بمكان، وذلك بسبب اكتظاظ المقرر، وكثرة المواد حسب قول بعض الأساتذة تضيف السيدة المديرة، مما لا يسمح للأستاذ بالتطرق إلى مواضيع أخرى غيرالدرس. وتقول: «وبالنسبة إلينا إدارة وأطرا تربوية، فإننا واعون بهذا المشكل، الشيء الذي يحفز البعض من الأساتذة الذين أبدوا استعدادا لسد هذه الثغرة، وذلك بخلق فرص لطرح هذه المواضيع خارج الحصص الدراسية، وكمثال على ذلك تقوم بعض الأستاذات رفقة التلميذات بإجراء بحوث خارج المؤسسة، تشمل ظواهر اجتماعية كالشعوذة والتدخين وغيرها من الظواهر، وفي هذا الإطار زرنا رفقة التلميذات المعهد الوطني للأنكولوجيا سيدي محمد بن عبد الله، وقمن باستجواب المصابين بالأمراض الناتجة عن التدخين، وأنتجن شريطا في الموضوع، ويبقى هدفنا جميعا إدارة وأطرا توعية شبابنا، وأود بهذه المناسبة توجيه المسؤولين إلى توعية الشباب والأطفال والتلاميذ، من خلال وسائل الإعلام، وألا يقتصر الأمر على التذكير بهذه الآفة فقط يوم 31 ماي من كل سنة، بل يجب أن نذكر بها على الأقل مرة كل شهر، لأنني سأبالغ إذا قلت كل يوم أو كل أسبوع». وقد عرفت هذه التظاهرة عرض سكيتش حول الظاهرة من إبداع تلميذات المؤسسة، كما تم عرض شريط حول مضار التدخين، وكذلك تنظيم معرض لرسوم تعبيرية للتلاميذ حول الموضوع نفسه، وقد شارك في التظاهرة عدد من الأساتذة والدكاترة من مختلف التخصصات، حيث أحاطوا بالظاهرة من كل جوانبها، التجديد حضرت التظاهرة، وفي ما يلي عرض لآراء بعض تلاميذ ثانوية عمر الخيام، الذين تابعوا باهتمام فقرات تلك الأمسية أو شاركوا فيها. الحسنية الهواني إسلام كريم لاكرميز (السنة أولى أقسام تحضيرية) «التدخين ظاهرة مضرة بالصحة، وقد انتشرت في الآونة الأخيرة كثيرا في صفوف الشباب، وهذا راجع بالدرجة الأولى إلى تأثر الشباب بالغرب، كما أن الشاب يرى أن التعبير عن ذاته وإبرازها يتم عبر القيام بالأعمال الشاذة، مما يؤدي بهم في الأخير إلى ما لا تحمد عقباه، وأظن أن القضاء على هذه الظاهرة وإن كان لن يكون بالشكل النهائي، فإنه يستلزم العودة إلى المحضن الأول، وهو الأسرة، التي يتكون فيها الطفل، بأن توفر له تربية صالحة، ثم كذلك يجب أن تضطلع المؤسسات التعليمية بالدور المنوط بها، وألا تقتصر على التعليم، هذا دون أن ننسى أهمية الإعلام في التوعية والتحسيس بمخاطر هذه الآفة. كما أن ولوج عالم التدخين يبدأ من خلال نفثة واحدة من أصدقاء السوء، وهكذا تبدأ الخطوة بتجربة، تتلوها تجربة أخرى، وخاصة أثناء تجمعات الشباب، حتى تنتهي التجارب إلى إدمان، وخاصة في مرحلة المراهقة، التي تطرأ فيها تحولات نفسية وجسمية على الفرد.» حسين واحموش (السنة أولى أقسام تحضيرية) «التدخين ظاهرة متفشية في الأوساط التلمذية، وأبرز مثال على ذلك ما نراه من سلوكيات أمام الثانوية، حيث نلاحظ أن أغلبية التلاميذ استقطبوا إلى عالم التدخين، ومن ثم يأتي هذا اليوم، الذي نحاول فيه إيصال الرسالة، التي مفادها لا للتدخين، إلى المبتلين به، وما يهمنا في هذه الظاهرة، هو البحث عن أسبابها، فأحيانا يكون المال مع انعدام الشعور بالمسؤولية هو السبب، كذلك بيع السجائر بالتقسيط، وهو ما أعتبره في رأيي السبب المباشر وراء تفشي الظاهرة. من ناحية أخرى، ومن خلال ما نسمعه من التلاميذ، فإن التدخين عند البعض أصبح وسيلة للاندماج مع الآخر، وهذه العادة لا تقتصر على صفوف التلاميذ، بل تتعداها إلى صفوف التلميذات، حتى أصبح التدخين في بعض الأحيان صلة ربط بين الجنسين.» مماد الحسين (السنة أولى أقسام تحضيرية) «ظاهرة التدخين، معضلة إنسانية، أو بالأحرى ظاهرة تهدد الإنسانية، وعلينا أن نحاول معالجتها باعتبارها مشكلا يهدد المجتمع، ومن هذا المنطلق فإننا ننظم هذا اليوم لتوجيه رسالة إلى جميع التلاميذ من أجل الكف عن التدخين، لما يحتويه من مضار، ولما يسببه من عواقب وخيمة على الصحة، وتبعات يتحملها المجتمع. وأظن أن التدخين ينتشر بشكل كبير في صفوف الفقراء، وهم المستهلكون بدرجة كبيرة لهذا المنتوج». حسناء بوصليح (السنة أولى أقسام تحضيرية) «يشهد المجتمع المغربي، والمجتمع العربي بصفة عامة، تفشيا كبيرا لهذه الظاهرة، حتى في صفوف الفتيات، وهذا ما نتأسف له جدا، وهو الأمر الذي يمس بالأخلاق الإنسانية، وأظن أن تفشي هذه الظاهرة وكذلك ظاهرة المخدرات بين صفوف الشباب، سببها النقص في وازع التربية، كما أن أغلب المدخنين من الجنسين تكون لديهم مشاكل عائلية، من جهة أخرى هناك أسباب عديدة وراء تفشي هذه المعضلة ومن أهمها التقليد، أو الاعتقاد بأن التدخين يعبر عن مستوى معين، وهو وسيلة من وسائل إبراز الذات، وللأسف أنا أعرف بعض التلميذات اللواتي ولجن هذا العالم، يعتبرن أن التدخين من متطلبات هذا العصر، وهو سبيل المتعة، وللأسف هذا الأمر مدعاة للحسرة، وما نطلبه من الشباب باعتباري شابة، وأعرف ما ينتظر المدخنين صحيا واجتماعيا، هو أن يتخلوا عن التدخين، وأن يولوا أهمية لصحتهم، ومستقبلهم في مجالات أخرى». شامة الصباحي (ممثلة في سكيتش بالمناسبة) «دوري داخل السكيتش الذي قدمناه بمناسبة اليوم العالمي للتدخين، هو دور ابن ينحدر من أسرة ليست بالفقيرة، حتى نتجاوز تلك المقولة التي تربط أسباب الانحراف بكل أشكاله في صفوف الشباب بالفقر، ونبين أن بعض الأسر الغنية قد تساهم في ذلك من خلال النمط الذي تتبعه في عيشها. وبصفة عامة فأنا أرجع سبب انحراف الشباب إلى قلة الوعي، لأن الشاب الواعي يحاول التخلص من المشاكل التي تعترضه، بحرصه على التفوق، وتطوير مهاراته في الدراسة، والابتعاد عن الأماكن المشبوهة التي قد تؤثر على أخلاقه وسلوكياته. ومستوى الوعي الذي يجب أن نصل إليه هو أن الذات تبرز من خلال ما يحققه الشخص، فنحن كشباب، وكآباء وأمهات المستقبل، ماذا سنقدم لناشئتنا التي تنتظرنا»