رصد التصميم الوطني لإعداد التراب الوطني ثلاثة تحديات استراتيجية سيواجهها المغرب في أفق العشر سنوات المقبلة، وأكد أن ضمن هذه التحديات دخول المغرب في ظرف عشرة سنوات إلى خمسة عشر سنة المقبلة مرحلة الخصاص المائي. وزاد التصميم شارحا، في هذا الصدد، بالقول إن أحوال المورد المائي تتدهور باستمرار، والوضعية الراهنة جد مقلقة وغير مقبولة بتاتا، إذ أن التطور الراهن لهذا المورد يمشي في الاتجاه السيئ والسلبي بالنظر إلى شروط التنمية المستديمة. وأبرزت وثيقة التصميم الوطني لإعداد التراب الوطني، الذي عرضت تفاصيله خلال الدورة الأولى للمجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني التي استمرت أشغاله بالرباط على مدى يومي أول أمس (الأربعاء) وأمس (الخميس) وترأس افتتاحها جلالة الملك محمد السادس، أن الاحتياطي الحقيقي من الماء الذي ما زالت بلادنا تتوفر عليه يكمن في اقتصاد الماء، ذلك لأن مستويات الإهدار جد مرتفعة. وتمثل، بحسب التصميم، عودة الشعور بالمسؤولية لدى الفاعلين الحقيقيين المتدخلين في منظومة الماء طريق النجاة الوحيدة والممكنة، فضلا عن ضرورة دعم وكالات الأحواض المائية دعما مؤسساتيا قويا وتسييرا فعالا يعتمد على منظمات مهنية تمثيلية ومسؤولة. ونبه التصميم، في هذا السياق، إلى أن تدبير الماء شأن سياسي بالدرجة الأولى، يقطع مع النمط التقنوقراطي وينخرط في المساهمة المواطنة الفعلية، يقول نص التصميم. وبعودة إلى التحديات التي رصدها التصميم، نجد إلى جانب مشكل الخصاص المائي تحدي النمو الديموغرافي، إذ وفق وثيقة التصميم فإن ساكنة المغرب ستستقر في غضون 20 أو 25 سنة في ما يقارب 40 مليون نسمة، وهو ما يطرح مشاكل جمة على مستوى التمدرس والتشغيل. ثم هناك التحدي الاقتصادي المتمثل في انفتاح المغرب عام 2011 في إطار منطقة التبادل الحر، وهو ما يفرض، تضيف وثيقة التصميم، بذل مجهودات جبارة للرفع من الإنتاجية الاقتصادية. ويهدف التصميم الوطني، الذي يعتبر وثيقة توجيهية تقدم رؤية متماسكة للتنمية المستدامة، إلى مواجهة الاستحقاقات الكبرى الديمغرافية والاقتصادية والبيئية، كما يهدف إلى المزيد من الاهتمام بالحاضر واستشراف المستقبل وتدارك التأخر وتدبير الموارد المائية وتأهيل المدن ودعم القطاعات الواعدة كبديل لتفعيل النمو وإنعاش التشغيل والتنمية القروية وتدبير الأوساط الهشة. ويحتوي التصميم على مجموعة من الاقتراحات والآليات تتعلق باندماج السياسات والبرامج وتعزيز دور الجهات، وتعزيز اللامركزية واللاتمركز والتعاقد وملائمة وسائل التمويل مع متطلبات إعداد التراب وتوفير شروط لإقرار نمط جديد لتدبير التراب في إطار مشروع تنموي مشترك. من جهة أخرى، طرح خلال أشغال الدورة الأولى للمجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني مشروع الميثاق الوطني لإعداد التراب، والذي تتمثل مبادؤه الأساسية في تدعيم الوحدة الوطنية وتحقيق التنمية الممركزة على الإنسان والنجاعة الاقتصادية والتماسك الاجتماعي والتضامن بين مكونات التراب الوطني والديمقراطية والمشاركة. أما التوجهات الكبرى للميثاق فترمي إلى الرفع من الأداءات الإجمالية للاقتصاد الوطني وتنمية العالم القروي، وتدبير الموارد والمحافظة على التراث وترشيد تدبير الموارد المائية، وحماية التراث الغابوي والسياحة الحضرية وحل إشكالية العقار. يشار إلى أن المجلس الأعلى لإعداد التراب الوطني يضم في تركيبته أعضاء الحكومة المعنيين والولاة ورؤساء الجهات ومديري شركات كبرى وأساتذة جامعيين ومنظمات غير حكومية. يونس البضيوي