أكد سعد الدين العثماني رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، أن النخب السياسية الموجودة في الجهات ومجالس الجهات عندها مسؤولية تنزيل مقتضيات الجهوية المتقدمة على أرض الواقع، مضيفا أن إتقان تلك النخب الجديدة بتنزيلها للجهوية تنزيلا جيدا، ستفتتح المجال للتطوير في المستقبل، مشيرا إلى أن الجهوية المتقدمة ليست منجزا نهائيا إنما هي تجربة للتطوير لا من حيث الصلاحيات ولا من حيث العلاقات. وتوقع القيادي بحزب العدالة والتنمية في حوار ليومية "التجديد"، أن تعرف القوانين الانتخابية التي ستعد للانتخابات التشريعية المقبلة تطورا نسبيا وبسيطا وتعرف محاولات لتحسين القوانين الانتخابية، لكن يستبعد أن تعرف طفرات أو قطائع، قائلا إن القواعد التي على أساسها تجرى الانتخابات لا يمكن أن ينفرد بقرارها فريق أو حزب دون الآخرين بل لابد أن تكون توافقية. وفي ما يتعلق بالجهوية بالصحراء، أوضح العثماني أن بدء تطبيق الجهوية المتقدمة بالأقاليم الجنوبية هي رسالة سياسية قوية مفادهاأن المغرب لما قدم مقترح الحكم الذاتي كان جادا في تطبيقه عمليا. كما يتحدث العثماني في هذا الحوار عن موضوع الأوراش الكبرى التي أطلقها المغرب، والفرص المتاحة للمجتمع المدني من أجل المشاركة الفعالة في تدبير الشأن المحلي. حاوره: عبد الله أموش - هل سنشهد انتخابات تشريعية تفرز خريطة سياسية جديدة؟ وماذا عن "البلقنة" وتكوين الحكومة من 4 أحزاب أو أكثر؟ الآن من السابق لأوانه أن نعرف كيف ستكون عليه القوانين الانتخابية التي ستعد للانتخابات التشريعية المقبلة، فلم يبدأ الحوار بين الأحزاب السياسية سواء داخل أو خارج الحكومة، ونحن نعرف أن القوانين الانتخابية هي قوانين توافقية، هذه القواعد هي بمثابة قواعد لعب وقواعد عمل للانتخابات. والقواعد التي على أساسها تجرى الانتخابات لا يمكن أن ينفرد بقرارها فريق أو حزب دون الآخرين بل لابد أن تكون توافقية. وأنا أتوقع أن التطور الذي سيكون في القوانين الانتخابية سيكون تطورا نسبيا وبسيطا وستكون محاولات لتحسين القوانين الانتخابية، لكن ليس هناك ما يسمى بالطفرات أو القطائع، وأظن أنه في هذه العملية يمكن مشاركة المجتمع المدني والإعلام ونخب أخرى في ترشيد هذه المحطة، وأنا لا أتوقع أن تسفر هذه الانتخابات المقبلة عن خريطة حدية تمنع التحالفات بل نرى أن تحديات مغرب اليوم مغرب المستقبل من إيجابياتها التحالف بين حزب وآخر، وهذا المسار رغم سلبياته له إيجابيات كثيرة، وفي هذا المستوى أنا أرى أنه منذ حكومة التناوب سنة 1998 إلى الحكومة الحالية كان هناك تطور من 7 أحزاب إلى 4 أحزاب، وهذا تطور مهم لكنه يحافظ على التعبئة بين أحزاب متعددة في تدبير الشأن العام. - هناك عدة أوراش كبرى فتحت وكانت موضوع خطابات ملكية منها الصحة والتعليم، المقاصة والتقاعد، وملفات الحوار الاجتماعي. كيف ترون أولويات هذه الأوراش؟ تشكل كل هذه الأوراش في هذه اللحظة أولوية بالنسبة للمغرب، لكنها تختلف من حيث أهميتها وأيضا من حيث منهجية الإصلاح وإستراتيجية الإصلاح المقترح. ملف التعليم مثلا ملف طويل المدى ولا يمكن الادعاء أنه يمكن إصلاحه بإمكانيات محدودة ولا الحكومة يمكن أن تنفرد بإصلاحه، بل هناك دستوريا مجالس تمثل مختلف فئات المجتمع بما فيها الأحزاب السياسية والخبراء وغيرهم، وبالتالي فالمجلس الأعلى للتعليم اليوم له دور لما يصدره من وثائق وإن كان دوره استشاريا، لكن لها أهمية لما تشكله من حد أدنى من توافق وطني يمكنه أن يعطي المصداقية لبرنامج إصلاحي معين، والآن المطلوب في التوجهات التي أعلنها المجلس الأعلى للتعليم أن يكون تنزيلها بالطريقة المناسبة سواء في التعليم العالي أو غيرها. وبالنسبة لتطوير قطاع الصحة أيضا يحتاج إلى قرارات استراتيجية تتجاوز عمر حكومة معينة، فالآن كل وزير جديد يأتي برؤية جديدة وبأولويات جديدة، والواجب تحديد بوصلة إصلاح قطاع الصحة على المدى البعيد. أما الملفات الأخرى المرتبطة بصندوق التقاعد والمقاصة وغيرها فالأمر يحتاج إلى قرارات، إذ يعتبر صندوق التقاعد من الملفات المستعجلة التي لا يمكن أن تنتظر بل تحتاج إلى التوافق الوطني وإلى قرارات شجاعة، وما دام المجلس الاقتصادي الاجتماعي أصدر قرارا في مسألة إصلاح صندوق التقاعد فإن على الحكومة والأطراف الأخرى الإسراع بتطبيق هذا الإصلاح وفق ما تقتضيه خصوصية المجلس الاقتصادي الاجتماعي. أما صندوق المقاصة فأظن أنه لم يعد أمره صعبا خصوصا مع انخفاض أسعار النفط. - كيف ترون دور المجتمع المدني بعد إقرار تدابير تشاركية في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية في انتظار القوانين التنظيمية للعرائض والملتمسات؟ هناك مقتضيات دستورية تحتاج إلى قوانين تنظيمية وهذه الأخيرة أغلبها موجود وسيصادق عليها البرلمان في المدى القريب، وأظن أن المجتمع المدني سيشارك وفق مقتضيات قانونية واضحة في إطار الديمقراطية التشاركية، وأظن أن هذا ورش فتح وستظهر نتائجه قريبا. - بعد تشكيل مجالس الجماعات الترابية بدأ المغرب بالتجربة الأولى للجهوية المتقدمة، كيف تقرأ هذه التجربة ومسارها؟ تعد الجهوية المتقدمة من بين الإضافات النوعية التي أتى بها دستور 2011، ولأول مرة سيطبق في هذا المستوى، وهذا ورش كان منتظرا منذ عقود من الزمن، وكان هناك استعداد له، وكان هناك دائما الحديث عن اللامركزية، واليوم أصبح هذا واقعا ونحن نعرف أن الجهوية الهدف منها تحقيق نوع من الديمقراطية المحلية بشكل أعمق وأوسع. وثانيا تفتيت القرار والسلطة مركزيا حتى تصبح هناك إمكانية الاستجابة للحاجيات التنموية والاجتماعية للمواطنين وللجهات محليا دون الرجوع إلى إدارات مركزية، عن طريق تفويض بعض صلاحيات هذه الأخيرة لإدارات محلية وبالتالي هي تجمع بين اللامركزية واللاتمركز. وثالثا هناك أهمية أخرى وهي أنها ستمكن من فرز نخب جهوية سياسية ونخب جهوية اقتصادية وستكون هناك إمكانية لاتخاذ القرار محليا في كل ما يهم الشأن المحلي وأعني به هناك جهويا. رابعا الأخذ بعين الاعتبار الميزة التنموية للجهة ودعم الجهات الأقل نموا لتصبح في مستوى الجهات الأخرى بفعل الآليات الجديدة بما فيها صندوق التكافل بين الجهات إذن هناك مجموعة من التحولات التي تأتي مع هذه الجهوية والتي بدأها دستور 2011. الآن النخب السياسية الموجودة في الجهات ومجالس الجهات عندها مسؤولية تنزيل هذه المقتضيات على أرض الواقع، صحيح أن الجهوية الآن في بدايتها والصلاحيات القانونية تحتاج إلى تطوير ولكن تطبيق هذا الجزء الأول من الجهوية في ظل القانون التنظيمي الموجود، والصلاحيات الموجودة والعلاقات الموجودة بين مجالس الجهات والسلطات الولائية هي بداية تجربة مهمة على حسب إتقان النخب الجديدة بتنزيلها تنزيلا جيدا، وبذلك ستكون فتحت المجال للتطوير في المستقبل، ونحن نعرف أن الجهوية المتقدمة ليست منجزا نهائيا إنما هي تجربة للتطوير لا من حيث الصلاحيات، لا من حيث العلاقات، لا من حيث طريقة التعامل مع الجهات الأخرى خصوصا السلطات الولائية والحكومة والجماعات المحلية، وبالتالي هذه تجربة جديدة تحتاج إلى التطوير في المستقبل، لا على المستوى القانوني، لا على المستوى التنظيمي، وأنا أظن أن المغرب دخل إلى مجال جديد مهم جدا وكان منتظرا. - تشمل الجهوية المتقدمة الأقاليم الجنوبية في انتظار الحكم الذاتي كيف تنظر إلى هذه الخطوة وما دلالاتها؟ لا شك أن ملف الجهوية المتقدمة له علاقة بقضية الصحراء، فبدءُ تطبيق الجهوية المتقدمة بالأقاليم الجنوبية هي رسالة سياسية قوية أن المغرب لما قدم مقترح الحكم الذاتي كان جادا في تطبيقه عمليا، صحيح أن تطبيق الحكم الذاتي هو أعلى درجة تحتاج إلى توافق مع الأطراف ا لأخرى لإنهاء المشكل على مستوى مجلس الأمن لكن المغرب يمكن أن يقوم ذاتيا بتطبيق مستوى معين من مستوى هذا الحكم الذاتي على الأرض والجهوية المتقدمة من تلك المستويات وذلك من أجل تمكين الساكنة المحلية في الأقاليم الجنوبية من تدبير شؤونهم بأنفسهم وللاستجابة لحاجياتهم وحاجيات ساكنتهم بأنفسهم ولفرز نخب تقنع وتجعل الوحدة جذابة، وتجعل الناس الذين فضلوا منذ البداية الاصطفاف مع الوطن ومع الوحدة الوطنية وسيادة بلادهم لا يبقوا دائما ينتظرون فئة قليلة من الانفصاليين حتى يتم التوافق معهم قبلهم لكي يجنوا تمار الوحدة. وأظن أن هذه المسألة كانت فيها رسائل سياسية كثيرة إضافة إلى فوائده العملية على الأرض من ناحية التنمية والعدالة الاجتماعية والاستجابة لحاجيات ساكنة الأقاليم الصحراوية.