أكد السيد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق أمام لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب أول أمس أنه كلف من لدن أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله بالإجابة عن استفسارات السادة النواب وتوضيح بعض جزئيات التأصيل الشرعي لمدونة الأسرة. وأفادت مصادر من داخل اللجنة أن السيد الوزير قد أكد أنه يحضر لمناقشات اللجنة بتكليف من أمير المؤمنين وأن مناقشة الجوانب الشرعية في المدونة ينبغي أن تتم وفق الأعراف المعمول بها في ما يتعلق بالعلاقة مع المؤسسة البرلمانية وأمير المؤمنين، وهو ما يستفاد منه حسب المصادر ذاتها أن الجوانب التي حسم فيه جلالة الملك باعتباره أميرا للمؤمنين بعد انتهاء أشغال اللجنة الاستشارية الخاصة بإصلاح مدونة الأسرة لن تكون موضع تعديل باعتبارها جوانب شرعية تأصيلية. ومن ثمة، فحضور وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إنما يأتي لتوضيح التأصيل الشرعي للتعديلات الجديدة التي جاءت بها المدونة، وهو ما أكد عليه وزير العدل حينما أشار إلى أن الأحكام الشرعية هي من اختصاص أمير المؤمنين وأن مشاورة نواب الأمة ستتم في الشق المتضمن للالتزامات المدنية. وكان السيد وزير العدل حسب المصادر ذاتها قد عرض مذكرة تقديمية لمشروع رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، مذكرا بمرجعية المدونة باعتبارها تمثل النظام القانوني للأسرة المغربية والتي أكد عليها جلالته في خطاب الافتتاح للبرلمان يوم 10 أكتوبر 2003 وهي : أنه لا يمكنه بصفته أميرا للمؤمنين أن يحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل. الأخذ بمقاصد الإسلام السمحة من تكريم الإنسان والعدل والمعاشرة بالمعروف، وبوحدة المذهب المالكي والاجتهاد الذي يجعل الإسلام صالحا لكل زمان ومكان، لوضع مدونة عصرية للأسرة منسجمة مع ديننا الحنيف. عدم اعتبار المدونة قانونا للمرأة وحدها بل مدونة للأسرة أبا وأما وأطفالا. والحرص على أن تجمع بين رفع الحيف عن النساء وحماية حقوق الأطفال وصيانة كرامة الأسرة. وكان جلالة الملك في خطابه المذكور قد أكد على أن تفعيل إصلاح المدونة يظل رهينا بإيجاد قضاء أسري عادل وعصري تماشيا مع ما جاء في المدونة من توسيع مجال الرقابة القانونية والقضائية على مؤسسة الأسرة وهي الرقابة الإيجابية التي تضمنتها 68 مادة من المدونة هي بمثابة قواعد إجرائية لضمان الفعالية في البت في القضايا عن طريق تحديد آجال من شأنها إنهاء القضايا في أوقات ملائمة سواء على مستوى الحكم أو التنفيذ. يذكر أن مشروع المدونة المعروض للمصادقة على البرلمان قد تضمن بابا تمهيديا حددت فيه المدونة مجال سريانها ونصت على أن النيابة العامة طرف أصلي في الدعاوى الرامية إلى تطبيق المدونة وستة كتب: الكتاب الأول تناول فيه المشروع من خلال ستة أبواب قضية الزواج، هي: الزواج والخطبة والأهلية والولاية في الزواج والشروط الإدارية لعقد الزواج وآثارها، وأنواع الزواج، والإجراءات الإدارية والشكلية لإبرام عقد الزواج. والكتاب الثاني تناول فيه المشروع حل ميثاق الزوجية وآثاره من خلال ثمانية أبواب، هي: الوفاة والفسخ، والطلاق والتطليق، الطلاق بالاتفاق أو الخلع، أنواع الطلاق، آثار حل الزواج، إجراءات ومضمون الإشهاد على الطلاق. أما الكتاب الثالث، فعالج فيه المشروع الولادة ونتائجها من خلال ثلاثة أبواب هي البنوة والنسب، والحضانة والنفقة، وتناول الكتاب الرابع الوصية من خلال ستة أبواب. بينما تناول الكتاب السادس الميراث من خلال عشرة أبواب. يذكر أن المشروع جاء بفسخ وإلغاء مدونة الأحوال الشخصية وكل الأحكام المتعارضة مع ما جاءت به مدونة الأسرة. وتماشيا مع ما جاء به المشروع من مؤسسات وتصور لقسم قضاء الأسرة تم تقديم مقترح تعديل للظهير الشريف المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، فضلا عما ستفرضه الأحكام الجديدة من ملاءمة وتعديل قانون المسطرة المدنية، ولذلك سيكون البرلمان ملزما أيضا بدراسة مشروع قانون يغير ويتمم قانون المسطرة المدنية في اتجاه تفعيل دور القضاء الأسري.