من المرجح أن توافق جهات رقابية دولية للمستحضرات الدوائية على طرح أول لقاح في العالم لعلاج الملاريا تنتجه شركة جلاكسو سميثكلاين لتعميمه في القارة الإفريقية بدءا من أكتوبر القادم بعد أن أوضحت بيانات أنه يكفل وقاية جزئية تصل إلى أربع سنوات. وسيكون هذا العقار الذي يعطى عن طريق الحقن والمخصص لأطفال إفريقيا أول لقاح مرخص للبشر ضد هذا المرض الطفيلي وقد يقي الملايين من حالات الملاريا التي تقتل حاليا أكثر من 600 ألف شخص سنويا. وكان العلماء يأملون منذ زمن طويل أن يصبح بمقدورهم ابتكار لقاح فعال ضد الملاريا وظل الباحثون في شركة جلاكسو سميثكلاين البريطانية يعكفون على ذلك طيلة 30 عاما. وكانت آمال بأن يمثل هذا اللقاح الرد النهائي للقضاء على الملاريا قد تبددت عندما أوضحت بيانات تجريبية صدرت عامي 2011 و2012 أنه يخفف نوبات الملاريا لدى رضع تتراوح أعمارهم بين ستة و12 أسبوعا بنسبة 27 في المئة فقط وبنسبة تصل الى نحو 46 في المئة في الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة أشهر و17 شهرا. إلا أن بيانات مرحلة المتابعة النهائية التي نشرتها دورية (لانسيت) الطبية الاسبوع الماضي بينت ان الاطفال الذين تعاطوا اللقاح تمتعوا بوقاية من المرض أربع سنوات رغم حدوث ذلك بمعدل متناقص -وهو عامل مهم بالنظر الى استفحال المرض- في حين تضاعفت معدلات الوقاية مع تعاطي الجرعة المنشطة. وقال برايان جرينوود استاذ الصحة العامة وطب المناطق الحارة بكلية طب لندن الذي شارك في هذه الدراسة "على الرغم من تراجع الفعالية بمرور الوقت فلا تزال هناك فوائد واضحة من اللقاح". واضاف "في ضوء اصابة ما يقدر بنحو 198 مليونا بالملاريا عام 2013 فان هذا المستوى من الفاعلية يمثل احتمال توفير الوقاية للملايين من حالات الملاريا بين الأطفال". وتقدمت شركة جلاكسو سميثكلاين بطلب في يوليوز عام 2014 الى الوكالة الاوروبية للادوية -وهي الجهة الرقابية المعنية- للموافقة على تعميم اللقاح ومن المتوقع اتخاذ قرار بهذا الشأن في غضون بضعة أشهر. وقال جرينوود إنه في حالة الحصول على الترخيص توصي منظمة الصحة العالمية باستخدامه "في اكتوبر من العام الجاري". ويقول الخبراء إن اللقاح سيكون العقار الأوحد ضمن عدة أسلحة أخرى لمكافحة الملاريا منها القضاء على الحشرات واجراء الاختبارات التشخيصية على جناح السرعة. وفي إطار سعيهم لإنتاج لقاح يعالج الملاريا التي تقتل طفلا واحدا كل دقيقة في قارة أفريقيا توصل العلماء الى اسلوب جديد مبشر بالخير يعمل على احتجاز الطفيل المسبب للمرض داخل كرات الدم الحمراء التي يهاجمها. وتنتقل طفيليات الملاريا المجهرية من لعاب أنثى البعوض لتدخل مجرى الدم للانسان عندما تلسعه ويمر الطفيل عبر الكبد ويصيب كرات الدم الحمراء حيث يتكاثر فيها بأعداد هائلة ما يؤدي الى انفجارها وانتاج المزيد والمزيد من الطفيل داخل جسم المصاب. كما توصل العلماء الى طريقة حديثة لتعديل جينات البعوض وراثيا بحيث لا تنتج سوى الذكور ما يفتح بابا جديدا محتملا لمكافحة مرض الملاريا والقضاء عليه في نهاية المطاف.