يتحدث الأستاذ عبد الواحد وسيدحو، باحث في اقتصاد الإعاقة، أستاذ سابق بكلية الحقوق بالرباط، رئيس الكونفدارالية المغربية للمعاقين(أشعة الرحمة)، خبير لدى مجموعة من المنظمات الدولية والوطنية في الإعاقة، كما أنه خبير في حقوق الطفل، يتحدث عن حصيلة حكومة التناوب بخصوص الشخص المعاق، وعن المشاكل الحقيقية لشريحة المعاقين انطلاقا من تجربته كرئيس جمعية عاملة في المجال وكمعاق، كما يتناول الآفاق والآمال المنتظرة من الحكومة . هل استطاعت حكومة التناوب تحقيق طموح المعاق ؟ لا يمكن الحديث عن حصيلة الحكومة في ملف الإعاقة دون معطيات رقمية، لكن يمكن أن نبدي ارتسامات، خاصة من خلال ما يروج بين المعاقين، ففي ظل حكومة التناوب انطلاقا من كتابة الدولة في بدايتها، إلى الوزارة المنتدبة التي يدخل موضوع الإعاقة في اختصاصها، نجد أنها لم تحقق آمال المعاقين خاصة البطاقة، رغم أنها صورية وليس لها قيمة فعلية، فعلى الأقل كان ينبغي تحقيق مطلب البطاقة، فالملفات جمعت، والأشخاص المعاقون تكبدوا عناء السفر، خاصة الذين يقيمون في مدن بعيدة كوجدة والعيون وفكيك لأجل وضع ملفاتهم في الوزارة، ولحد الآن لم يتحقق هذا الطموح، عندما نقول توفير البطاقة، يتم التفكير مباشرة في ميزانية طبعها والطاقم الذي يتكلف بتوزيعها. ويلاحظ تهميش الجمعيات في توزيع البطاقات، خاصة أن لها علاقة مباشرة بالمعاقين، فلم لايتم تكليف الجمعيات بطبع البطاقات، ويصبح الملف يمر عبر المراحل المبرمجة له عن طريق اللجنة الإقليمية واللجنة الوطنية، وتصبح الجمعية هي التي تعطي البطاقة، وتتحمل مسؤوليتها أمام القضاءفي حالة ماإذا أعطت البطاقة لشخص لا يستحقها، وبهذا ستتحمل الجمعيات المسؤولية، وحينها ستتميز الجمعية الجادة عن غيرها، لأن هناك من يحترف العمل الجمعوي للاسترزاق، فكان على الوزارة أن تأخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار، وتدرج الجمعيات في إطار التخطيط للبطاقة، وذلك قصد إشراك المجتمع المدني في اتخاذ القرار. أما دعم الجمعيات، فهذه مشكلة عويصة، فلا أعتقد أن الوزارة تعتمد الشفافية، لأنها تعطي منحا ودعما للجمعيات، ولا ندري المعايير المعتمدة، لذلك فمصالح الوزارة تطلب وضع الملف وتتبع مراحل ملف مطلبي، لكن لا جواب، والوزارة المكلفة نجدها تخدم قطاعات أخر ى كالطفولة والمرأة، لكن ميدان المعاق تم إهماله، ولم تظهر فيه أي منجزات، خاصة في التشغيل، فالقوانين موجودة لكن لاتطبق، وإذا اعتبرنا أن البطالة بالمغرب عند الشباب المثقف تفوق 24%، فإن نسبة البطالة في صفوف المعاقين تفوق 72%، وهكذا فلا مجال للمقارنة. ماذا ينتظر المعاق من الوزارة الجديدة؟ ماننتظر من الوزارة المقبلة هو جلسة حوارية مع الجمعيات، كما نطالب بأن تتحمل الجمعيات مسؤولية توزيع البطاقة، حتى تكون الجمعية هي صلة الوصل بين الوزارة والمعاق، ونريد أيضا أن تعتمد الوزارة منطق الشفافية في توزيع المنح والدعم، كما نتمنى إشراك الجمعيات عند فرز ملفات الجمعيات الطالبة للمنحة، وتتم مناقشة المعايير ومعرفتها، خاصة أن هناك كفاءات بالجمعيات، ونتمنى أن تأخذ الوزارة الحالية الأمر بعين الاعتبار، ويتم التعامل مع ملف المعاق بجدية أكثر. هل يحمل حذف المعاق من اسم الوزارة دلالة معينة ؟ أعتقد أن هناك تراجعا عن حقوق المعاقي،ن لأن الملك الحسن الثاني رحمه الله هو الذي أسس المندوبية السامية، ثم حولها إلى كتابة الدولة، في انتظار ربما أن تكون وزارة خاصة، ولكن بدأ التراجع عندما ألحق قطاع المعاقين بالمرأة والطفولة، رغم أن المندوبية كانت لها صيغة استشارية، وكان يمكن أن تكون مديرية للمعاقين وتابعة لأي وزارة، لكن يتكلف بها معاقون، والمغرب لا يعدم كفاءات في الأشخاص المعاقين، وذلك لأن المعاق هو الذي يشعر بواقعه ويعرف احتياجاته، وحاليا، عندما تلج الوزارة المكلفة بالمعاقين، لا تجد فيها معاقين إلا بعض الاستثناءات. ماهي أهم المشاكل التي يعيشها الشخص المعاق؟ ينبغي تجاوز النظرة التقليدية للمعاق، لأن المجتمع أضحى ينظر إليه بكونه ذلك الشخص الذي يحتاج للصدقة، ولنا أن نتأمل المفهوم الإسلامي للمعاق الذي طبق في عهد الخلفاء الراشدين، وخصوصا في عهد عمر بن عبد العزيز، الذي شغل المعاقين بإعطائهم الزكاة لاستثمارها في مشاريع تجارية، وهكذا لن يصبح المعاق عالة على المجتمع، بل يصبح إنسانا منتجا، أما النظرة الموجودة حاليا، فهي إعطاء المعاق صدقة من غير مجهود يبذله، وهكذا يتم تكريس الفكر القديم، ويصبح المجتمع يرى أن المعاق لا يستطيع فعل أي شيء، عكس الدول الأوروبية وبعض الدول العربية والإسلامية، مثل الإمارات العربية المتحدة وتونس، حيث نجد المعاق ينتج، وإذا كان المعاق يستهلك ولا ينتج، فإنه سيحطم الاقتصاد المغربي، والنظريات الاقتصادية كلها تقول إن الدخل ينقسم إلى قسمين هما الاستهلاك والادخار، وإذا بقي الإنسان يستهلك فإنه يضر بالادخار، وهذا يؤدي إلى نقصان في الاستثمار، وهو مايسمى بالحلقة المفرغة للفقر، وأعتقد أنه ينتظر من الحكومة الحالية أن تضع في أولوياتها تشغيل المعاق، وتأخذ الموضوع بجدية، لأنه لايعقل أن نكون في مجتمع يريد بعض معاقيه الإقدام على حرق أنفسهم بالنار، ولنتساءل أين هي حقوق الإنسان وحقوق المعاق. ألا ترون أن بعض المعاقين يكرسون بأنفسهم النظرة الدونية للمعاق؟ من المعلوم أن بعض الجمعيات تكرس النظرة الدونية للمعاق، وهناك من الجمعيات من تريد دعما ماليا أو عينيا مثل الدقيق والزيت لتوزيعه، وشخصيا، لا أتفق مع هذه النظرة، بل ينبغي أن يتجه اهتمام الجمعيات نحو تكوين المعاق وتشغيله، وليس صحيحا أن المعاق الذي ليس له مستوى فهو غير نافع. ففي ألمانيا نجد المعاق حركيا وذهنيا يعمل في معامل مهمته فيها وضع المفتاح في كيس بلاستيكي، وتجده معجبا بعمله رغم الأجر القليل الذي يدعم به أسرته، ومع ذلك يشعر المعاق أنه ينتج، ففي القانون نجد الرعاية الاجتماعية، ونوفر للمعاق مركزا لإيوائه، ونوفر له الأكل، وهذا أعتبره هضما لحق من حقوق المواطنين، فالمعاق شخص كرمه الله سبحانه وتعالى كسائر البشر، ولا ينبغي أن نحكم عليه بأنه إنسان من الدرجة الثانية، وإن لم نقدم له دعما فلن يعيش، وفي إطار المشاكل الحقيقية التي يعانيها المعاق كإنسان ، ينبغي التفكير في إدماجه في منصب شغل يليق به، وحسب استطاعته، فلا نطلب من معاق حركيا في اليدين أن يتعلم "الميكانيكا" مثلا، فالمعاقون ينبغي أن يدمجوا حسب مستواهم التعليمي ، وأن يتم تكوينهم حسب نوع إعاقتهم، ونحن نتوفر على خبراء مغاربة يتم استدعاؤهم من قبل منظمات أوروبية لمساعدتها، وفي المغرب لا يلقون اهتماما. يوجد مرصد بكلية علوم التربية بشراكة مع كتابة الدولة المكلفة بالمعاقين غير أن هذا المرصد ظل عمله جامدا، ولا أعتقد أنه لا وجود لكفاءات في صفوف المعاقين، غير أن أصل الجمود هو تهميشهم، الذي لازال يكرس، سواء من الناحية السياسية، ومن يطلع على البرامج الانتخابية، يجد أن موضوع المعاق مجرد زينة لهذه البرامج، ولا وجود لخطة مدققة لإدماج المعاقين أو وضع آليات لذلك أو البرمجة له. ولابد من التفكير الاقتصادي الدقيق لمساعدة المعاق في الانتاج . هل تؤدي جمعيات المجتمع المدني دورها المنوط بها؟ هناك جمعيات جادة تريد العمل، ولكن الواقع لا يساعد على ذلك، فنحن مثلا في الكنفدرالية المغربية للمعاقين، لدينا مشاريع، لكن المشكل المادي مطروح بحدة، فمثلا لدينا مشروع بناء مركز لتكوين المعاق بجماعة يعقوب المنصور، ولدينا ترخيص للبناء والأرض التي سيقام عليها، ولكن نحتاج إلى مبلغ 200مليون سنتيم، ولدينا مركز بعين اعتيق أتممنا بناءه، ولكنه بحاجة إلى تجهيز، فرئيس المجلس البلدي ليعقوب المنصور اتصلنا به، ووعدنا بتقديم المساعدة لبناء المشروع، لكن لم يلتزم بوعده، ولابد من الدعم المادي ومن آليات للتكوين، ولابد من تجهيز ودعم مالي كبير، والجماعات المحلية يجب أن تفكر في دعم مالي كبير، والجماعات المحلية يجب أن تفكر في دعم جمعيات المجتمع المدني، وينبغي نبذ النظرة الحزبية الضيقة، كما يجب أن تضع في أولوياتها تشغيل المعاق، لأن هذا الأخير لا يحتاج للتغطية الصحية ولا للمجانية لو توفرت ظروف العمل، فلماذا لا يتم تخصيص نسبة من المقالع للمعاقين؟ حاورته:خديجة عليموسى