نشطت هذه الأيام حملة جديدة ضد مناهضي النشاط الصهيوني بالمغرب مستغلة شعارات معاداة العنصرية والتعايش الإسلامي اليهودي بالمغرب وهي حملة تأتي بعد الفشل الذريع الذي منيت به عريضة أسبوعية (لافيريتي) حول العنصرية، حيث طلعت علينا كل من يوميتي (لوماتان) و(ليكونوميست) هذا الأسبوع بعريضة ثانية، أكثر صراحة ووقاحة من سابقتها في الادعاء بوجود خطابات مناهضة لليهود بالمغرب ترعاها تيارات سياسية من الشمولية الدينية وذلك لأغراض انتخابية، مستدلة على ذلك بمقالات للشيخ عبد الباري الزمزمي حول اليهود ثم ما نشرته جريدة (التجديد) في شهر يونيو المنصرم حول مهرجان كناوة الأخير ودور أندري أزولاي فيه. والحاصل أنه منذ بداية السنة الجارية والحديث عن هذا الملف لا يتوقف في عدد من المنابر الإعلامية متخذا له صيغا وآليات متعددة، ثم اشتد بعد مسيرة الشعب المغربي في 7 أبريل وكان من ثماره عريضة (لافيريتي) ثم هاهو الآن يتجدد مع العريضة الجديدة، ونعتقد أن هذه الخطوة تمثل دليلا آخر على المدى الذي بلغه اللوبي المؤيد للكيان الصهيوني ببلادنا وطبيعة الوسائل التي يوظفها لمواجهة حركة المناصرة لانتفاضة الشعب الفلسطيني بالمغرب عبر استغلال عدد من الشعارات البراقة التي تسمح باستدراج بعض الفعاليات المغربية في هذا المخطط، والذي يستهدف في العمق الرد على بلاء كافة القوى الوطنية والإسلامية لصالح الانتفاضة والشعب الفلسطيني وإلهاء المغرب عن الصراع الحقيقي وهو استهداف العدو الصهيوني وامتداداته في بلادنا وتحريف النقاش الوطني حول القضية الفلسطينية ليصبح حول قضايا عفا عليها التاريخ، وذلك من أجل تصفية المد المتصاعد داخل الشعب المغربي لصالح القضية الفلسطينية. إن هذه العريضة التي تفضح نفسها بعدد من التوقيعات لأنصار الخط الاستئصالي للحركة الإسلامية بالمغرب تعمل على الترويج لعدد من المغالطات قصد تصفية حسابها مع القوى الإسلامية، ومن هذه المغالطات نجد الإشارة إلى الحديث عن الخلفية الدينية لأندري أزولاي واعتبار مجرد الإشارة إليها بمثابة عنصرية، والحاصل أن يهودية أندري أزولاي ليست هي موضع النزاع رغم أنه هو أول من يصر على التطرق ليهوديته في معرض الحديث عن أنشطته الثقافية بالمغرب هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن دوره في العلاقات المغربية الإسرائيلية دور بارز من حيث الدفع في مسلسل التطبيع حتى أن إحدى المؤسسات الأمريكية بكاليفورنيا اعتبرته بمثابة الأب الروحي لبرامج التطبيع الفلاحي بين المغرب وإسرائيل كما كان له دور في أواسط التسعينات في خدمة التطبيع الاقتصادي والتجاري عبر رعايته لزيارة بعثة تجارية اقتصادية إسرائيلية للمغرب، ونشاطه المحموم من أجل تتبيث مشروع إقامة الكازينو الصهيوني بطنجة بالإضافة إلى علاقته بزيارة وزير العدل الإسرائيلي في حكومة شارون ميئير شتريت والذي يشغل في نفس الوقت منصب رئيس الاتحاد العالمي لليهود المغاربة وذلك في ربيع 1002 والذي زار المغرب من أجل خدمة مشروع التطبيع السياحي والذي ينبغي التذكير به هنا أن هذا المسؤول الإسرائيلي وقع في الآونة الأخيرة عقد شراكة مع منظمة "الفدرالية الأمريكية للسافرديم" بهدف تطبيق مشروع إحصاء ممتلكات يهود الدول العربية الذين هاجروا إلى إسرائيل تمهيدا للمطالبة بهذه الأملاك لصالح الدولة العبرية بدعوى تحملها لنفقات استيعاب هؤلاء المهاجرين وضمنهم اليهود المغاربة. والقائمة طويلة في الارتباطات المتصهينة لأندري أزولاي وذلك منذ أواسط السبعينات. أما التباكي عن الانقراض التدريجي للطائفة اليهودية بالمغرب فنعتقد أن هذه الرسالة يجب أن توجه للمسؤولين عن عموم المنظمات والهيئات ذات العلاقة مع اليهودية المغربية بدءا من مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب وانتهاء بالفدرالية العالمية لليهودية المغربية ومرورا بكل من التجمع العالمي لليهودية المغربية والاتحاد العالمي لليهود المغاربة، وذلك لمساءلتهم عن الأسباب الحقيقية ودور المنظمات الصهيونية في هذا الانقراض وعما إذا كان لذلك علاقة بما يسمونه مشاعر "لا سامية" عند المغاربة حتى أنه لم يتبق في المغرب إلا أقل من خمسة آلاف بعد أن كانوا في أواسط هذا القرن يقدرون بما يناهز 003 ألف يهودي مغربي وليس فقط المساءلة عن الأسباب بل أيضا ماذا تفعل غالبيتهم بإسرائيل حاليا حيث يشكلون العمود الفقري للأحزاب الدينية المتطرفة وكذا حزب الليكود ويحتلون موقعا أساسيا في حكومة شارون ولا يتورع عدد من قاداتهم عن الانخراط في مشروع المطالبة بالأملاك التي تركوها في المغرب وغيره من الدول العربية وأبرزهم ميئير شتريت رئيس الاتحاد العالمي لليهود المغاربة. إن المطالبة بالتمييز بين اليهودية والصهيونية عليها أن توجه لرموز وقادة مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب وعلى رأسهم كل من الكاتب العام لهذا المجلس سيرج ديير بيكو والذي شارك في إسرائيل في احتفالات ذكرى غرق سفينة "إيكوز" قبالة شواطئ الحسيمة في بداية الستينات، وهي السفينة التي كانت تنشط في مشاريع الهجرة السرية لليهود المغاربة نحو إسرائيل فضلا عن عضويته في حزب المفدال الديني المتطرف، والكاتب العام للطائفة بفاس والذي يعد ممثل الفدرالية العالمية لليهودية المغربية الناشطة بإسرائيل، وأيضا روبير أسراف الكاتب العام للاتحاد العامين لليهود المغاربة الذي تحدث بعد اعتماد مجلس الأمن لمشروع اتفاق حول الحكم الذاتي للصحراء المغربية من أنهم لم يتحركوا في قضية الصحراء إلا بعد أن تقبل النظام رفضهم للموقف الرسمي المغربي القاضي بمقاطعة إسرائيل، والقائمة لا تنتهي من القيادات التي عليها أن تقدم هي القدوة في التمييز بين اليهودية والصهيونية. إن بلادنا لا تعرف الخطر اللاسامي بل الخطر الصهيوني المتنامي والذي ينبغي أن تنتبه له كافة القوى الوطنية من أجل التحرك في مواجهته بكافة الوسائل المشروعة. ختاما نقولها بوضوح إن فضحنا ومواجهتنا للنشاط الصهيوني بالمغرب وللمتعاونين معه من المغاربة، هي قضية مركزية بالنسبة إلينا وأولوية لن تراجع قيد أنملة عنها ولن يمنعنا ذلك من التأكيد على رفضنا في الوقت نفسه "للاعتداء على المواطنين المسالمين من اليهود والنصارى القاطنين في البلاد الإسلامية وغير الإسلامية" كما سبق أن كتبنا في نفس هذا المكان منذ مدة قليلة.