تعتبر الثورة الإسلامية الإيرانية التي أطاحت بالشاه أكبر طاغية على وجه الأرض سنة 1399ه موافق 1979م واحدة من أحداث الإسلام في هذا العصر؛ حيث استطاعت أن تنتصر على نظام يعتمد على أكبر قوة عسكرية مدججة بأقوى أسلحة متطورة، ومدربة تدريبا عسكريا متفوقا؛ الشرطة السرية "السافاك" وحدها بلغت 50 ألف جندي إلى جانب آلاف أو مئات الآلاف الجنود المتفانية في خدمة هذا النظام، الذي كان رئيسه الشاه قد وفرت فيه كل الشرور السياسية والأخلاقية، خرجت من السرية إلى العلانية التي سجلها التاريخ إلى جانب اعتماده على أعظم دولة متحكمة في العالم (أمريكا). التي زودته بكل الوسائل السياسية والعسكرية وجعلته شرطي المنطقة لحماية مصالحها. دعائم انتصار الثورة الإيرانية هذه الثورة التي قامت على دعائم ثلاثة: 1 العمل بالإسلام: وقد رأينا مظاهره أخلاقا وسلوكا. 2 معاداة الصليبية الأمريكية كما هو مشاهد. 3 تأييد القضية الفلسطينية. تمكنت من قطع العلاقة الدبلوماسية التي ربطها الشاه مع الدولة المغتصبة "إسرائيل"، ومازالت إيران تطالب بتحرير فلسطين لحد الساعة، وأدت ثمنا باهظا لمواقف الشجاعة. وما أن نجحت هذه الثورة المباركة بزعامة الخميني رحمه الله ، التي أنارت الطريق أمام الصحوة الإسلامية المباركة في البلدان الإسلامية، حتى رأينا أعداءها في الداخل والخارج يكشرون عن أنيابهم لافتراسها والقضاء عليها، أو على الأقل تحجيمها، معتبرين لحية الرجل وحجاب المرأة سلاحا خطيرا، كالأسلحة الكيماوية أو الذرية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أعلنت عليها الحرب سنة 13 11 1400ه 12 9 1980م، كان بطلها صدام حسين البعثي، أما الأحزاب اليمينية وإن رفضت الأحكام الإسلامية إلا أنها لا تعلن عداءها للإسلام مائة بالمائة، حتى إن البعثيين العراقيين أشد إخلاصا لميشل غفلق (نبي البعث والذي اعتبروه إلاها)، حيث قالوا له "الإلاه العائد"، عندما لجأ إلى العراق وترك سوريا وهكذا اندفعت القوة البعثية العراقية ،داخل إيران الإسلام ، مهما كان هناك خلاف، في الظروف الحرجة، كما قال عالم الأمة الشيخ القرضاوي حفظه الله وإذا كانت أمريكا هي التي دفعته دفعا إلى هذه الحرب الظالمة انتقاما لعميلها الشاه المخلوع، فإن المسؤولين العرب أو بعضهم لا أدري كانوا مع أمريكا، ومن أعان ظالما سلطه الله عليه وقد فعل، والمؤمن أحب إلى الله من البيت الحرام، (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا)، وحتى الميسر لقتل المسلم، أعد الله له عقابا شديدا يوم القيامة أخطرها اليأس من رحمة الله، كما ورد في الحديث الشريف، وهكذا ساهم الإعلام العربي المكتوب والمسموع والمرئي، في تشجيع هؤلاء الظلمة القتلة، وحتى الأحزاب السياسية كانت بجانب هذا التأييد المطلق وعلى اختلاف إيديولوجيتها، علما أن الأحزاب السياسية الإسلامية كانت ومازالت ممنوعة في معظم البلدان العربية، وهذا دليل آخر أهم وأعظم على العداء للإسلام. ما أشبه اليوم بالبارحة لنكن صريحين بعض الشيء، خصوصا وأن الأمر لا يحتاج إلى دليل، فهو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، وفي نفس الوقت ننبه إلى أن إخفاء هذا الموقف والتعتيم عليه، حتى لا يعرفه عامة الناس ظلم كبير، وعمل لا يخدم الحق والحقيقة، إذا لم نقل شيئا آخر يقتضي أدب القول عدم ذكره، وخلال مدة هذه الحرب الظالمة كنا نعتصر ألما، خصوصا وأننا نرى الناس فرحين عندما يعلمون أن صدام انتصر على الإيرانيين الذين أطلق عليهم اسم "المجوس"، غريب أمر هؤلاء، الخميني كافر وصدام مجاهد مؤمن، هكذا كان الحديث يدور، والذي كتب في الموضوع ، لم يجد من ينشر له خوفا من الاتهام بما لا يحمد عقباه، وقد تكون خيانة عظمى ربما ، حتى أصبح المواطن المخلص هو الذي يذم الخميني ويمدح صدام، لكن حدث شيء لم ينتبه إليه معظم الناس، وكان تأييدا للخميني دون شعور، حيث كان الرجل المستقيم الملتزم بالعبادة يوصف بالخميني والمرأة المحجبة تسمى خمينية، وهذا نصر للرجل دون أن يعلموا أو يشعروا بذلك، كل هذا كان خوفا من تأثير الشعوب، خصوصا منطقة الخليج، بهذه الثورة المباركة، فيقلدونها ويقومون قومة رجل واحد لتحرير الناس من الاستبداد والظلم، واسترجاع ما فقدته الأمة الإسلامية واستكتاف حياتها من جديد. ليتهم نصروه ظالما ومظلوما وبهذا عزروه ونصروه وتعاونوا معه على الإثم والعدوان، وعندما أراد أن يكفر عن جرائمه ووقف في وجه القوة الأمريكية الصهيونية الظالمة لرد العدوان على الأرض الإسلامية "العراق"، التي كانت حجر عثرة في إتمام أمركة المنطقة، وقد تأمركت الآن، ولا عبرة بالرهان على سوريا، حسب ما قاله كبار المحللين، قدم الحكام العرب بصفة عامة وحكام المنطقة بصفة خاصة بمساعدة هذا العدوان الصليبي، وقدموا له كل المساعدات السياسية والعسكرية، رغم أن العالم كان ضد هذه الحرب الظالمة وليس العرب والمسلمون وحدهم، فارتكبوا بموقفهم هذا جريمة بكل المقاييس الدينية والأخلاقية والقانونية، ستبقى وصمة عار على جبين هؤلاء طول حياتهم وبعد مماتهم، والعقاب شديد بعد الموت، كما قال العلماء الذين اعتمدوا على النصوص الشرعية الصريحة، وبذلك يكونون قد خذلوه مظلوما، فلو ساعدوه، أو على الأقل لم يسهلوا للعدو ارتكاب عدوانه لرأينا الأكياس التي أعدت قد أرجعت مملوءة بموتى جنوده، وإن انتصر العدو. ليتهم نصروه ظالما ومظلوما، ولو على طريقة عرب الجاهلية، لأن طريقة نصر الظالم والمظلوم في الإسلام شريفة، باعتبارها تمنع الظلم أيا كان وتساعد المظلوم، لكن لا عجب من حكام همهم الوحيد الحفاظ على كرسي الحكم. العياشي الفلوس/القصر الكبير