هنا لا يوجد متسع لبناء قبر جديد، كما أنه لا يوجد حجارة تفي بالغرض"،.. بهذه الكلمات أجاب حارس مقبرة "الشيخ رضوان"، على سؤال المواطن الغزيّ أحمد سالم، الذي كان يبحث عن قبر لدفن جثة "إبن عمّه" الذي قُتل خلال الغارات التي شنتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على منازل المدنيين بغزة. وقال سالم لمراسلة وكالة "الأناضول" للأنباء:" فعلا، لم نجد أي متسع لبناء قبر جديد في مقبرة الشيخ رضوان، فمن المعروف أن مقابر قطاع غزة بأكملها ممتلئة". وأوضح سالم أنهم اضطروا لفتح قبر عمّه القديم، (والد الشاب القتيل) كي يجدوا متسعاً لدفن الجثة. وتابع:" بالفعل وضعنا جثة ابن عمّي في قبر والده، وسألنا (شيخ) حول شرعية هذا الأمر الذي قمنا به، لكنه أخبرنا أن الوضع الطارئ فرضه علينا، ولا حرج من فعل ذلك". وتشن إسرائيل منذ السابع من الشهر الجاري عملية عسكرية ضد قطاع غزة أطلقت عليها اسم "الجرف الصامد" قبل أن تتوسع فيها وتبدأ توغلا بريا محدودا الخميس الماضي. ومنذ بداية العملية وحتى الساعة 16:00 تغ من اليوم الأربعاء، قتلت إسرائيل 682 فلسطينييا، وأصابت 4250 آخرين، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وفي المقابل، أسفرت العملية، وفق الرواية الإسرائيلية، عن مقتل 31 جندياً إسرائيلياً ومدنيان، وإصابة نحو 435 معظمهم ب"الهلع"، فضلا عن إصابة 90 جندياً، فيما تقول كتائب القسام الجناح العسكرية لحركة حماس إنها قتلت 52 جنديا من الجيش الإسرائيلي، وقامت بأسر آخر. وفي السياق ذاته، قال حسن الصيفي، وكيل وزارة الأوقاف والشئون الدينية، للأناضول:" يبلغ عدد مقابر قطاع غزة، (20) مقبرة، ما بين رسمية وأهلية، وجميعها ممتلئة إلا مقبرة "الشهداء"، في منطقة حي الشجاعية القريبة من الحدود". وأوضح الصيفي أن الوضع الأمني والعسكري المتوتر في منطقة الشجاعية حال دون وصول الجثث إلى المقبرة الوحيدة التي فيها متسع لبناء قبور جديدة للشهداء. وذكر الصيفي أن التعامل مع جثث (الشهداء) في قطاع غزة يتم عن طريق إنشاء مقابر جماعية، مضيفاً:" مثلا العائلات التي قتلت بأكملها تدفن مع بعضها في قبر جماعي واحد". وتابع:" كما أن وزارة الأوقاف سمحت بفتح قبور قديمة، لدفن الجثث التي قتلت في هذه العملية بداخلها". وحول فتح القبور القديمة لدفن جثث قتلى العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، قال الصيفي:" الشرع لا يمانع من فتح القبور، فالوضع هنا اضطراري، وطارئ جداً". ولفت الصيفي إلى أن المقابر التي أنشأتها وزارة الأوقاف لحالات الطوارئ امتلأت بالقبور أيضاً. وحذر الصيفي من كارثة إنسانية قد تطال مقابر قطاع غزة في حال استمرت العملية العسكرية، بالتزامن مع فقدان كميات "حجارة البناء" من داخل القطاع، بشكل يحول دون القدرة على بناء قبور جديدة. وبيّن الصيفي أنه في حال وجد متسع لبناء قبر جديد، فإن هذا الأمر قد يمنعه نفاد كميات مواد البناء الخاصة بإنشاء القبر، ك"الاسمنت" وحجارة البناء.